الفرنسيون في أطار: أساسات في الأرض ومظلات في السماء
أطار- ” مورينيوز” – من سيدي محمد ولد أحمدو- يطلقون علي أطار ” قلب الشمال الموريتاني النابض”، وهي في ما يبدو أيضا مرشحة لأن تصبح قلب “موريتانيا العسكري”.
“فرنسا تختار أطار و هذا أفضل لأطار و لموريتانيا ” يقول شيخ طاعن في السن عمل ” جرصونا ” في أحد “القصور” (الدور) الفرنسية القديمة التي ما تزال بقاياها ماثلة .
وتنطبع الفرحة علي وجه العجوز الذي يتجاوز عمره السبعين لكنه ما يزال متماسكا وأنا أريه نسخة من صحيفة ” لوموند” ما تزال تحمل رائحة “فرانص”. كما يسميها.
كان هذا العدد من ” لوموند ” قد وصل مع رزمة من الصحف على متن إحدي الطائرات العسكرية الفرنسية التي استحدثت خطا مباشرا بين المطار العسكري في أطار و إحدى القواعد الفرنسية .
و هي ذاتها الطائرات التي كانت تقوم طوال الأسبوع الماضي و حتى يوم الجمعة بعمليات إنزال المظليين الضباط الطلبة الموريتانيين، والتي أشفعت بعملية إنزال نوعية جعلت عيون السكان تتسمر إلي الأعالي يوم الجمعة.
خلال عمليات الإنزال الأولي كان العلم الفرنسي يتخلل الأعلام الموريتانية بنسبة واحد إلي سبعة ، لكن خلال الأخيرة طغي العلم الفرنسي.
لقد استغل الفرنسيون – في ما يبدو- تدريب الموريتانيين في تدريب أنفسهم على الإنزال في الصحراء و المناطق الجبلية ، و في الظروف المناخية القاسية (حوالي 45 درجة ). وغادرت فرق التدريب أطاربعد انتهاء حولة التدريبات هذه كما يحدث عادة.
وعلمت ” مورينيوز” من مصدر عسكري أن أخري حلت محلها لتواجه ” رياح السموم” الحارقة التي تلفح الوجوه العربية هنا في أطار.
ولاحظت “مورينيوز” وجود العقيد مسقارو ولد سيدي الذي يقود قوة أنشئت مؤخرا مكلفة مراقبة أمن الطرق ومكافحة الهجرة السرية و التهريب ، في أطار يوم الخميس ، وقد أغرق في بحر من الضيافة المميزة قد ينساها إذا هو شارك وحدته المبرمج لها تدريب قاس مثل التدريبات الجارية الأخري التي يصفها العسكريون بالشدة.
ولا تهم هذه الأمور في عمقها العجوز” الجرصون” السابق الذي طلب ألا يذكر اسمه. ما يهمه هو اجترار ذكرياته أيام “النصاري”… يتحدث العجوز لغة فرنسية مكسرة ، ويبرع في تقليد الضحكات الفرنسية ، ونكات الفرنسيين ، و هزهم للمنكبين و الشد على الشفتين .. إنه مغرم بذلك .
يقول صاحبي لـ ” مورينيوز” وهو يتحدث عن المبني الطيني المجاور لسكن الوالي والذي يعود إلي ثلاثينيات القرن الماضي:
“هنا كان حوض السباحة ، هنا ملعب الباسكيت ، هنا المكاتب. أما في الطابق الأرضي المطمور بفعل سيول 1984 فهناك كانت أغلى وثائق الفرنسيين”.
وتشهد باحة ” القصر” نشاط بناء مكثف يقوم به العسكريون الفرنسيون ضمن عمليات بناء متواصلة ينفذها “قسم الأسلحة العسكرية التنفيذية ” المعروف اختصارا باسم ” دامو” ، الذي يبدو أنه يتجه إلي التمركز عكسا لوحدات التدريب الأخري التي تأتي وتذهب ، ويحل محلها غيرها.
وعقدت ” دامو” صفقات عمل مفتوحة يقول أضحابها إنهم لا يتوقعون انتهاءها قريبا. كما فتحت ورشات كبيرة في مباني الفرنسيين القديمة أو بالقرب من المدرسة العسكرية الموريتانية لمختلف الأسلحة.
ويمتدح عسكريون موريتانيون تحدثوا إلي ” مورينيوز” فوائد التعاون الفرنسي الموريتاني.. وقال أحدهم:” أنظر ، إن ذلك المبنى الذي يشرف على بنائه عضو من مجلس الشيوخ ( محمد المختار ولد زغمان ) سيكون سكنا للثانوية العسكرية الجوية ، بينما سيكون البناء الضخم الموجود بجنوب المدرسة مكاتب ثانوية الطيران العسكري”.
ويقول هؤلاء إن الجيش الموريتاني يتلقي “تدريبات رائدة ، وهناك بنايات و منشآت تبقى لموريتانيا”.
ولا يجد العسكريون الفرنسيون الوقت الكافي لحياة اجتماعية أو دينية، ومع ذلك يقتطعون أوقاتا قليلة و نادرة لزيارة البعثة الكاتوليكية بالمدينة ، و يزورون مقبرة “أسلافهم” ذات الباب الخشبي النادر الذي أتي به قيم المقبرة الرقيب المتقاعد ” مونييه” من قلعة بنيت في أمكجار التابع لشنقيط لتمثيل لقطات من فيلم ” فورساغان” الذي يتحدث عن القوات الاستعمارية الفرنسية في الصحراء.
وفي زياراتهم للمقبرة إجلال للراقدين فيها، فهم كما قال لـ ” مورينيوز” أحد مواطني آدرار: “يحترمون كل الفرنسيين القادرين على البقاء في هذه الأرض حتى و لو كانوا أمواتا”.
154 تعليقات