أمير الصحراء السلفي الذي عاش يساريا و حارب في بيروت
نواكشوط- “مورينيوز”- من الشيخ بكاي- ينحدر “أمير الصحراء” إياد آغ غالي الذي توج أميرا لأربع جماعات تابعة للقاعدة من أسرة قيادة في قبيلة “إفوغاس” الطارقية ذات الشوكة.
وقوي آغ غالي أكثر منذ اختياره أميرا لتنظيم جديد باسم “جماعة نصرة الاسلام والمسلمين” قبل شهور حينما قررت التنظيمات الاربعة المتطرفة في مالي، وهي إضافة إلى تنظيمه “أنصار الدين”، “كتائب ماسينا”، و”المرابطون” و”إمارة منطقة الصحراء”.
اعتنق غالي أفكار السلفية بعد رحلة مع الفكر الثوري اليساري، وحارب خلالها في لبنان في الثمانينيات مع الفلسطينيين حيث تدرب، قادما من ليبيا أيام الراحل معمر القذافي. وشارك غالي مع القوات الليبية في الحرب ضد تشاد حول هضبة “أوزو”. وهو من أبرز مقاتلي “الكتيبة الخضراء التي أنشأها القذافي من الطوارق”.
وفي الثمانينات انخرط غالي في نشاط الحركات “الأزوادية” التي كانت تطالب باستقلال أزواد وهو شمال مالي الذي يسكنه العرب والطوارق. وقاد “الحركة الشعبية لتحرير أزواد” التي تأسست عام 1988 بدعم من القذافي وكانت من أبرز الحركات المقاتلة آنذاك.
و انتهت هذه الحركات بتوقيع اتفاق مع الماليين ضغطت الجزائر من أجله مثلما فعلت مع كل التحركات الأزوادية من بدايتها في الستينات إلى يومنا هذا.
و تدخلت الجزائر لتفرض مفاوضات بين غالي وزملائه قادة الحركات الأخرى من جهة، والحكومة المالية من جهة أخرى ، حيث تم في العام 1996 توقيع اتفاق سلام بين أطراف النزاع تم بموجبه دمج المقاتلين في الجيش، وتعيين غالي قنصلا لدولة مالي في المملكة العربية السعودية المنصب الذي بقي فيه حتى العام 2011
و عاد غالي إلى التمرد في العام 2011، مثل أهم الحركات الأزوادية التي انشقت هي الأخرى. لكنه هذه المرة عاد بخلفية أيديولوجية مختلفة تماما حيث اعتنق ” السلفية الجهادية”، وأسس تنظيما جديدا باسم “أنصار الدين” ضم إليه بعض عناصر حركته السابقة الذين اندمجوا في الجيش المالي وانشقوا عنه، كما ضمت الحركة الجديدة بعض المسلحين الطوارق الذين عادوا بأسلحتهم من ليبيا بعد سقوط نظام الزعيم القذافي.
وفي ثوبه السلفي الجديد عقد غالي تحالفا مع القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي تمكن بواسطته من طرد “الحركة الوطنية لتحرير أزواد” التي طردت الجيش المالي وأعلنت قيام جمهورية “أزواد”.. وتفاوض غالي في البداية مع الحركة، واتفق معها على إعلان “جمهورية أزواد الاسلامية”، غير أنه اندفع بعد ذلك مع القاعدة فحارب الحركة العلمانية، وأعلن مع القاعدة قيام “الجمهورية الاسلامية قبل أن يطرده الفرنسيون العام 2013 في تدخل عسكري أطلق عليه عملية “برخان”.
غير أن أنصار الدين رغم طردها من المدن واصلت عملياتها العسكرية ضد الفرنسيين والجيس المالي. وبدا التنظيم متميزا قليلا عن الحركة الام (القاعدة) حيث امتنع عن اختطاف الأجانب والقيام بأي نشاط خارج مالي. كما أعلن عدم الدعوة إلى تطبيق الشريعة إلا في مالي التي هو معني بها.. ولم يعرف إلى الآن ماإذا كان اندماج التنظيمات السلفية وإعلان البيعة للظواهري زعيم القاعدة، و أبو مصعب عبد الودود أمير القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي ، وأمير حركة طالبان الملا هيبة الله. سيجعل الرجل يتخلى عن هذه الخصوصيات.
و يترجم اختيار غالي أميرا للجماعة الجديدة اعترافا بمركزه القوي قبليا في إقليم أزواد المجال الرئيسي لنشاط هذه الجماعات. و يحيط الرجل أيضا نفسه بقادة من كل سكان الشمال المالي الآخرين عربا وفلانا.
وحينما اندمجت الجمعات السلفية تحت إمرة غالي كانت أمامه تحديات من أبرزها التحالف الأمني والعسكري القائم بين الحكومة المالية و الحركات الأزوادية الأخرى ذات النفوذ في قبائلها ومن بينها قادة من قبيلة “إفوغاس” القوية التي ينتمي غالي إلى بيت القيادة فيها.. وانضاف إلى هذه التحديات ميلاد قوة جديدة لخمس دول في الساحل وهي القوة التي ما تزال في بداية الطريق.
وعلى مدى الشهور الماضية ظلت “نصرة الاسلام والمسلمين” تضرب بقوة قوات الجيش المالي والقوات الفرنسية المتمركزية في الاقليم وما زالت إلى الآن تسيطر على جزء كبير من الشمال المالي من دون أن تتركز في مكان ثابت ما مكنها من تنفيذ عملياتها بقوة ثم تلوذ بالفرار لتذوب في الصحراء.
تعليق واحد