متاجر رمضان: سمر وزيت وسياسة وقطع حجر
نواكشوط- “مورينيوز”- لا يشغل بال آمنة المطلقة والتي تعيل أربعة أطفال – وقت الفطور- إلا الإسراع من أجل احتلال موقع متقدم في الطابور أمام أحد المحلات التجارية الصغيرة التي افتتحت لتخفيف نار الغلاء خلال الشهر الفضيل.
وقالت المرأة المطلقة لـ ” مورينيوز”: ” أبادر كل ليلة ، إلي الطابور لكن الفوضوية التي يتسم بها التنظيم تمنعني من الوصول إلي البائع”، مشيرة إلي أنها تجد الأماكن ” محجوزة بالسجادات وقطع اللبن يضعها أشخاص يذهبون ليعودوا في الوقت الملائم لهم”.
وتسعي أمينة مثل غيرها للحصول علي
كيلوغرامين من السكر ومثلهما من الارز، ولتر من الزيت، وربع كيلوغرام من اللبن المجفف بأسعار مخفضة.
يحتل سيد احمد وظيفة محترمة في
إحدى الشركات الخاصة، وتبدو علية علامات الحياء والخجل من وجوده أمام هذه المحلات المخصصة أصلا للفقراء، لكنه يحاول دائما أن يبرر للقريب منه أن السبب في وجوده هنا “يكمن في تردي الأوضاع المعيشية”، مضيفا أن فرصته الوحيدة
” للحصول على متطلبات الاسرة بشكل معقول هي الوقوف هنا”.
ويثني سيد احمد كثيرا على افتتاح هذه المحلات التي يعتبرها “إنقاذا للكثير من الأسر، وتوفر لها الحاجيات الضرورية بأسعار مناسبة”، غير أنه في الوقت ذاته
ينتقد طريقة سيرها،ويصفها باللاعادلة “إذ يمكن لاسرة واحدة أن تأخذ نصيب عدة أسر”.
بعد صلاة الفجر يبدأ الصف في التزاحم وكل يبحث عن مكانه الذي تم احتلاله بسجادة للصلاة أو قطعة حجر أو لبن ..
وتبدأ الاحاديث الجانبية ، وتتسم في صف النساء خصوصا بالشكاوي والتعبير عن المرارة من صعوبة الحال، وضيق ذات اليد.
وتتنقل أحاديث الرجال من حرب الصحراء و”ما جرته من ويلات” إلى المجاعة والجفاف، إلى تفجير النعمة الأخير وخطورة العنف السلفي ،إلى ضرورة وجود “سلطة قوية توفر للشعب ما يريد في كرامة واحترام”.
يأخذ العسكري المتقاعد اباه الذي يبدو انه ضيف دائم على المحل الرمضاني علي الدوام مرتبة متقدمة في الطابور نظرا لعاملي السن والفكاهة على مايبدو.
يقول اباه بصوت مسموع : ” لو كنت الرئيس لأوصلت مستحقات شعبي إليه حتى تدخل منزل كل أسرة من دون أن تحتاج لمثل هذه المعارك”.
ويثير حديث العسكري المتقاعد
اهتمام صف الرجال.
أما النساء فهن مشغولات بالخصام والغمز واللمز في بعضهن البعض. وتشكلن مجموعات متحالفة ضد أخريات من أجل حفظ أماكنهن في الطابور.
عند تمام الساعة الحادية عشرة صباحا يعلن صاحب الدكان الرمضاني انتهاء العملية لهذا اليوم دون أن تتمكن السيدة آمنة التي لا تنتمي لأي مجموعة من مجموعات النساء المتصارعة على الاماكن المتقدمة من الحصول على شيئ ، فتصب جام غضبها على صاحب الدكان وعلى “الذين لا يخافون الله” في الصف مؤكدة أنها أكثر حجارة وستضعها من الآن مباشرة “علي رؤوس الأشهاد حتى لا يضيع حقها غدا.
وفي انتظار الغد ينمو أمل كل الموجودين الذين حالفهم الحظ والذين لم يحالفهم عله يكون أفضل حالا وأثمن صيدا