ترمب لم ينتزع جديدا من كيم ولم يرق لقاؤهما إلى مستوى زيارة نيكسون للصين
واشنطن (رويترز) – ربما تم ترتيب الاجتماع التاريخي الذي عقده دونالد ترامب مع زعيم كوريا الشمالية لكي يبدو وكأنه أشبه برحلة الرئيس السابق نيكسون إلى الصين غير أن القمة فشلت في انتزاع أي تعهدات ملموسة من جانب بيونجيانج لتدمير ترسانتها النووية.
ورغم أن ترامب سارع إلى إعلان نجاح القمة غير المسبوقة التي تبادل فيها مع كيم جونج أون المصافحة والابتسامات فقد قال خبراء إن البيان المشترك الذي وقعه الزعيمان في سنغافورة بدا مجرد تكرار باهت لوعود قديمة قطعتها بيونجيانج لإدارات أمريكية متعاقبة وخالفتها.
ويشير ذلك إلى أن أي فائدة باقية لترامب على المسرح العالمي أو في الداخل ستتوقف على ما إذا كان بوسعه في المراحل المقبلة من المفاوضات أن يغير دفة برنامج القمة الذي بدا وكأنه سيناريو تلفزيوني إلى تقدم ملموس صوب نزع الفتيل النووي لدي بيونجيانج.
ومن المرجح أن أنصار ترامب المعجبين بأسلوبه الدبلوماسي غير التقليدي سيشيدون بالقمة باعتبارها نصرا للرئيس على واحد من ألد أعداء الولايات المتحدة في وقت يشهد خلافات بينه وبين أقرب حلفاء واشنطن بعد مغادرة قمة اقتصادية في كندا في مطلع الأسبوع.
وعلى الجبهة الداخلية من المرجح أن يبرز ترامب تواصله على المستوى الدبلوماسي مع كوريا الشمالية كدليل على أنه يعمل لحماية الولايات المتحدة في إطار خطته ”أمريكا أولا“ وذلك رغم أن القمة لم تتوصل فيما يبدو إلى أي ضمانات محددة للحد من الصواريخ النووية طويلة المدى لدى بيونجيانج.
غير أن الجمهوريين قد يحاولون استخدام القمة لتعزيز مساعيهم لإقناع الناخبين بالسماح لهم بالاحتفاظ بالسيطرة على الكونجرس في الانتخابات المهمة التي تجري في نوفمبر تشرين الثاني.
وظل خبراء كثيرون على تشككهم في أن كيم سيتخلى عن أسلحته النووية وذلك رغم أن ترامب أصر على أن عملية نزع السلاح النووي ستبدأ ”بسرعة كبيرة جدا“.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (إلى اليمين) والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون خلال قمة بجزيرة سنتوسا في سنغافورة يوم الثلاثاء. تصوير: جوناثان إرنست – رويترز.
وربما ينسب لترامب الفضل في خلق جو إيجابي حول المحادثات التي جرت في سنغافورة بعد تبادل الإهانات والتهديدات مع كيم الأمر الذي أثار المخاوف من الحرب.
إلا أنه بانتهاء القمة بتوقيع بيان نوايا دون الإعلان عن جدول زمني تبقى الأسئلة المثارة عما إذا كان الاجتماع قد أسفر عن نتائج كافية لتعزيز صورته دوليا وداخليا في الأجل الأطول.
* ”نزع السلاح النووي بالكامل“
اعتبر كثيرون تعهد ترامب وكيم بالعمل من أجل ”نزع السلاح النووي بالكامل من شبه الجزيرة الكورية“ فشلا في إقناع كوريا الشمالية بقبول وجهة نظر واشنطن التي تطالب بيونجيانج بالتخلص من ترسانتها.
وتدعو كوريا الشمالية إلى إزالة ”المظلة النووية“ الأمريكية التي تحمي كوريا الجنوبية واليابان.
وقال إيفانز ريفير المفاوض الأمريكي السابق مع كوريا الشمالية ”لا يوجد شيء ملموس تقريبا أو حتى جديد في هذه الوثيقة. هي قائمة أهداف طموح. وهذا نصر لكوريا الشمالية التي يبدو أنها لم تتنازل عن شيء“.
ويأتي ذلك في وقت ما زال حلفاء أمريكا التقليديون يترنحون فيه من جراء الانقسامات التي شهدتها قمة مجموعة السبع في مطلع الأسبوع.
ومن الخلافات الأخرى انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الايراني والذي أدى إلى انتقادات دولية وخلافات إدارته مع الصين على الرسوم الجمركية وتعثر مساعي تعديل اتفاق التجارة الحرة لأمريكا الشمالية مع المكسيك وكندا. كما يلقي تحقيق اتحادي في ما تردد عن تدخل روسيا في انتخابات عام 2016 بظلاله على رئاسته.
ورغم كل ذلك لا يزال تأييد القاعدة السياسية اليمينية قويا لترامب ومن المرجح أن يهلل أنصاره لنتيجة القمة باعتبارها إنجازا لم يستطع من سبقه من الرؤساء تحقيقه.
وسخر ترامب نفسه من المتشككين في وقت سابق يوم الثلاثاء إذ قال في تغريدة على تويتر ”يقول الكارهون والخاسرون إن مجرد مشاركتي في اجتماع خسارة كبيرة للولايات المتحدة“.
غير أن الرؤساء الثلاثة السابقين حصلوا على تعهدات من كوريا الشمالية بنزع السلاح النووي تراجعت عنها كوريا الشمالية فيما بعد.
ورغم أن ترامب أصر في مؤتمر صحفي عقده بعد القمة على أنه يعتقد أن كيم ”يريد حقا نزع السلاح النووي“ فلم يكن بمقدوره أن يذكر سوى تعهد واحد من كيم لم يرد ذكره في البيان وهو إغلاق منشأة لمحركات الصواريخ.
إلا أن ترامب قال إنه مستعد لوقف المناورات العسكرية المشتركة مع كوريا الجنوبية وهو مطلب رئيسي من مطالب بيونجيانج.
وقال مينتارو أوبا الدبلوماسي السابق في وزارة الخارجية المتخصص في شؤون الكوريتين إن أهمية القمة في الأسلوب الذي عقدت به وفي رمزيتها.
وأضاف ”كان منظرها جميلا أمام الكاميرا“ والمسار الإيجابي للعلاقات يمثل تخفيفا للضغوط على المنطقة.
غير أن المحللين قالوا إن القمة لا تشبه من قريب أو بعيد ما حققه الرئيس ريتشارد نيكسون بزيارته للصين الشيوعية عام 1972 والتي أنهت قطيعة استمرت عشرات السنين بين واشنطن وبكين.
وأصر ترامب في مؤتمره الصحفي أن القمة بداية عملية وأن العقوبات ستظل سارية حتى يأخذ كيم خطوات ملموسة في نزع السلاح النووي.
غير أن المحللين قالوا إنه بتخفيف حدة التوترات فليس من المرجح أن تستمر الصين وكوريا الجنوبية في الفرض الكامل للتدابير المشددة اللازمة للتأكد من التزام كوريا الشمالية بوعودها الأخيرة.
وأعرب جوزيف يون المفاوض السابق مع كوريا الشمالية بوزارة الخارجية الأمريكية عن قلقه من ”المنحدر الزلق“ حيث ستقول بيونجيانج قريبا ”أنت صديقي … فلم لا تخفف العقوبات؟“
تعليق واحد