سياح فرنسيون في عز الصيف… ومخاوف من “صائدات الرجال”
أطار- ” مورينيوز” – من فاطمة بنت سيد بن معزوز– سماء صافية زرقاء، وأحيانا ملبدة بالغيوم … لهيب لافح، وليالي لينة حانية..هذه هي أجواء مدينة أطار في موسم ” الكيطنة” ( موسم قطاف البلح) الذي يقترب من النهاية الآن ليحل محله الموسم السياحي الذي تكثر فيه حركة السياح الغربيين من” بني نابوليون” وربما أيضا من ” بني النضير”.
تتوافد “الكيطانه” (قاصدو الموسم) من كل حدب وصوب طلبا للاستشفاء أو استمتاعا بالأجواء…يقضون عطلهم الصيفية في مناخ صحي ..كما يقول أهل أطار القدامى الذين يعتقدون أن هذا الجو الحار يرد للإنسان صحته ويقوي لديه المناعة، و”ينقي جسمه من كل الترسبات والأملاح”.
يصطاف سكان الواحات القريبة من أطار في عرائش من الجريد بنيت على تصميم خاص تقليدي جدا يجعلها مريحة.. في هذه العرائش يتناولوا “التكلاع ” (قطاف البلح للاستخدام اليومي) حين قطفه طازجا .
يتوافد الناس من جميع الأودية ليشهدوا منافع لهم … ومعظمهم يبقى في المدينة حتى المساء، وفي المساء يتجهون إلي الواحات لقضاء ليلة منعشة فوق الكثبان يستنشقون أريج النخيل.
في كل صباح تكتظ شوارع مدينة أطار بالسيارات الفاخرة، وبالحمير، ويضج السوق بالباعة والمشترين..
وفي سوق التمور… تتزاحم أكياس البلح حول الميزان تنتظر دورها في البيع بألوانها المختلفة (الحمر، المدينة، تيجيب) إلى آخر اللائحة المحترمة…
يطلق علي هذا المكان من السوق اسم “الميزان ” و فيه يتزاحم أيضا الباعة المتجولون يبحثون عن الأجود أو الأرخص.
يقول أحد الباعة المتجولين وهو يشد حبلا على كيس من التمر لتعليبه : ” خصنا الله بأرض خصبة مباركة لغرس النخيل، ونخيلها هو الأجود “.
لا يخلو موسم ” الكيطنه” من عشاق من غير أهل الأرض. فقد أحبها غربيون فرنسيون خصوصا. وبشكل أدق أحبوا هذه الصحراء الواسعة… ومن هؤلاء الباحث الفرنسي الكبير تيودور مونو théodore monod (1902-2000) …
لقد عشق مونو هذه الصحاري الساحرة ، وركع تقديسا لها وتعظيما.. كان ينفق أموالا كثيرة لتغطية أسفاره السنوية إلي هذه الارض بحثا واستكشافا وكان يرتوي من هوائها وهو ممتطيا ظهر جمل.. كان يجلس تحت ظل صخرة ليستكشف أسرارها ويطالع كتاب وهذا منتهى السعادة لديه كما قال مرارا. وقد أخذ في ما يبدو ابنه طريقه في الأسفار من بعده..
في فصل الصيف الذي هو موسم ” الكيطنه” يصطدم حب الغربيين لهذه الارض بارتفاع درجة الحرارة، وهم يتقاطرون عليها في موسم السياحة الذي يبدأ بمجرد رحيل الحر. لكن هذه السنة لا يبدو ان للصيف هيبته المعتادة فهم ينتشرون أعني الفرنسيين منهم وخصوصا ذوي البزات العسكرية ذات الأنجم الذهبية.
ليس معهودا وجودهم في هذه الفترة فالعادي أن تلتقيهم عند نهاية كل صيف، حينما يفتح موسم السياحة… تلتقي بهم في كل مكان.. في الأحياء الشعبية في الأزقة الضيقة.. في الأسواق وفي الشوارع راجعين من الصحاري يومين من كل أسبوع ليسافروا في اليوم الموالي..
يشكل قدوم هؤلاء مصدر دخل مهم للولاية وسكانها ومصدرا أساسيا للبلد من العملات الصعبة، وهو عموما موضع ترحيب. لكن يثير أيضا بعض التعليقات ويعترض عليه البعض…
في سوق أطار تشتكي بائعات مصنوعات محلية من كساد السوق ” التقليدية ” هذه الأيام. وتهون عليها أخري بأن موسم السياحة قادم، وسترتفع المبيعات. ويقود ذلك إلي حوار بين اثنتين ترحب إحداهما من دون تحفظ بالسياح الفرنسيين فيما تعترف الأخري بفائدتهم علي السوق
لكنها تتحفظ علي ما تصفه بتأثيرهم علي الأخلاق العامة.
وتثير الصبايا من ” بني نابوليون” غيرة لدي النساء في الواحات فهن في نظرهن ” تخطفن الرجال”. ويطلق عليهن البعض ” صائدات الشبان”. ويعتبر أن في سلوكهن اعتداء علي المشاعر الدينية العامة.