الانتخابات مكنت إردوغان من انتزاع سلطات جديدة واسعة
وأقر محرم إنجه المنافس الرئيسي لإردوغان من حزب الشعب الجمهوري بهزيمته لكنه وصف الانتخابات بأنها ”غير عادلة“ وقال إن النظام الرئاسي الذي يبدأ العمل به الآن ”خطير جدا“ لأنه يقود إلى حكم الفرد.
وقالت منظمة حقوقية أوروبية إن المعارضة لم تحصل على فرص متساوية مضيفة أن القيود على حرية الإعلام في تغطية الانتخابات عززها استمرار حالة الطوارئ المفروضة في تركيا منذ الانقلاب الفاشل عام 2016.
ويعد إردوغان أكثر زعماء تركيا الحديثة شعبية لكنه كان في الوقت نفسه سببا في انقسام الآراء حوله. وقد تعهد بعدم التراجع عن مبادرته لقيادة تحول تركيا، التي تشهد استقطابا حادا وتنتمي لحلف شمال الأطلسي والمرشحة، ولو من الناحية النظرية، للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
ويحظى إردوغان (64 عاما) بدعم ملايين الأتراك المتدينين من أبناء الطبقة العاملة بفضل سنوات من النمو الاقتصادي المرتفع والإشراف على رصف طرق وإقامة جسور وإنشاء مستشفيات ومدارس.
لكن منتقديه، وبينهم جماعات حقوقية، يتهمونه بهدم استقلال القضاء وحرية الإعلام. وشهدت حملة شنها بعد محاولة انقلاب فاشلة عام 2016 احتجاز نحو 160 ألف شخص منهم مدرسون وصحفيون وقضاة.
وأعلن إردوغان وحزبه العدالة والتنمية يوم الأحد النصر في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية متفوقين على المعارضة التي اكتسبت قوة دافعة كبيرة في الأسابيع القليلة الماضية وبدا أنها قادرة على إحداث مفاجأة.
وقال إردوغان في كلمة مساء الأحد أمام تجمع من أنصاره المبتهجين الملوحين بالأعلام ”من المستحيل بالنسبة لنا التراجع عما حققناه لبلدنا فيما يتعلق بالديمقراطية والاقتصاد“.
وبعد فرز جميع الأصوات فعليا، حصل إردوغان على 53 بالمئة من الأصوات مقابل 31 بالمئة لإنجه فيما حصل حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه على 42.5 في المئة في الانتخابات البرلمانية وتلقى دفعة بحصول حلفائه القوميين على 11 في المئة خلافا للتوقعات.
وكانت نسبة الإقبال على التصويت في الانتخابات مرتفعة إذ بلغت نحو 87 في المئة مما دفع المجلس الأعلى للانتخابات إلى وصفها بأنها ”صحية“.
وارتفعت الأسواق التركية في بادئ الأمر وسط آمال بتعزيز الاستقرار السياسي، إذ كان المستثمرون يخشون من وقوع أزمة بين إردوغان وبرلمان تسيطر عليه المعارضة، لكنها تراجعت وسط مخاوف تتعلق بالسياسة النقدية مستقبلا.
”خطر كبير“
تؤذن نتيجة الانتخابات بتطبيق نظام رئاسي قوي جديد أيدته أغلبية بسيطة في استفتاء عام 2017.
وبموجب النظام الجديد، يتم إلغاء منصب رئيس الوزراء ويصبح بوسع الرئيس إصدار مراسيم لتشكيل وزارات وإقالة موظفين حكوميين دون الحاجة لموافقة البرلمان.
وقال إنجه في مؤتمر صحفي ”النظام الجديد الذي يبدأ سريانه من اليوم يشكل خطرا كبيرا على تركيا…فقد تبنينا الآن بالكامل نظام حكم الفرد“.
وحصل حزبه الشعب الجمهوري العلماني على 23 بالمئة في البرلمان الجديد في حين حصل حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد على 12 بالمئة متجاوزا مستوى عشرة بالمئة المطلوب لدخول البرلمان.
ويقول منتقدون إن الدعاية الانتخابية تمت في أجواء غير نزيهة مع هيمنة إردوغان على التغطية الإعلامية قبل التصويت وتخصيص وقت قليل لتغطية حملات خصومه.
وخاض صلاح الدين دمرداش أحد منافسي إردوغان ورئيس حزب الشعوب الديمقراطي، الانتخابات الرئاسية من السجن إذ أنه معتقل بتهم تتعلق بالإرهاب ينفي ارتكابها. ويواجه في حالة إدانته السجن 142 عاما.
وقالت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا يوم الأثنين إن الإقبال الكبير من المواطنين الأتراك على الانتخابات، والذي اقتربت نسبته من 87 في المئة، أظهر التزام الأتراك بالديمقراطية لكن المنظمة أبدت ملاحظات بشأن بعض المخالفات وأكدت شكاوى المعارضة من انحياز الإعلام بصورة كبيرة لإردوغان وحزبه الحاكم.
وقال إجناسيو سانتشيث أمور رئيس بعثة المنظمة لمراقبة الانتخابات في تركيا خلال مؤتمر صحفي ”ما شهدناه من قيود على الحريات الأساسية (بسبب حالة الطوارئ) كان له تأثير على هذه الانتخابات“.
وجرت الانتخابات في ظل حالة الطوارئ المعلنة منذ محاولة الانقلاب عام 2016 والتي قتل فيها 240 شخصا على الأقل. وقال إردوغان إنه سينهي حالة الطوارئ قريبا.
ويتخذ حزب الحركة القومية موقفا متشددا من الأكراد مما يقلل من احتمال أن يخفف إردوغان حملته الأمنية في منطقة جنوب شرق تركيا التي تقطنها أغلبية كردية وفي سوريا والعراق حيث تقاتل القوات التركية مسلحين أكرادا.
وتخلت الليرة التركية والأسهم عن مكاسبها السابقة وقال اقتصاديون إن الغموض يكتنف الفترة المقبلة.
وسعيا لطمأنة المستثمرين قال جميل أرتيم كبير المستشارين الاقتصادين لإردوغان لرويترز إن الحكومة التركية ستركز على ضبط الميزانية والإصلاحات الاقتصادية مضيفا أن استقلالية البنك المركزي أمر جوهري.
وقالت المفوضية الأوروبية إنها تأمل ”أن تظل تركيا تحت قيادة الرئيس إردوغان شريكا ملتزما للاتحاد الأوروبي في قضايا رئيسية ذات اهتمام مشترك مثل الهجرة والأمن والاستقرار الإقليمي ومحاربة الإرهاب“.
وتعثرت المساعي الذي تبذلها تركيا منذ سنوات للانضمام للاتحاد الأوروبي وسط خلافات على مجموعة من القضايا منها سجل حقوق الانسان خاصة من الحملة الأمنية التي أعقبت محاولة الانقلاب.
وذكر مكتب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنها قالت لإردوغان في رسالة مكتوبة ”كل الأسباب تجعلنا نرغب أن نكون شريكا لتركيا مستقرة وتعددية تعمد إلى تعزيز المشاركة الديمقراطية وحماية سيادة القانون“.
وخلال اتصالات هاتفية مع إردوغان دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إلى التعاون مع تركيا لإنهاء الصراع السوري.