الحملة الانتخابية…مواقف وطرائف / بقلم “الدهماء”
هذا اللون التعبيري الوطني قذف ببعض المستور من الإنعاش الى السَّطح، “الهول”، استعراض النِّساء، تهريج المُخنَّثين وجُمهور القاع،..
ومن مفارقات الالتزام الحزبي أن الفقيه مُطالَب بالانفصال عن ذاته في ليالي التنشيط الانتخابي.. فقد يضع ركبتيه الى ركبتي المخنث تحت الخيمة.. مناضل بمناضل!.. “والنَّوَّاِسيُّ عانقَ الْخَيَّامَ”،..
وفي “لِفْريكَ” المقابل، الدَّعوة، والأناشيد الدينية، والقرآن، و”التَّيْمِيُّ” يعتمرُ عمامةً بذيْلٍ، تحُفُّه العباءات السُّود ، يُثلِّثُ منها ويُربِّع على راحته، بينما النَّاخب الشَّاب المُتفرج عاجز في ظمأ عن تحصيل شحَّاذة عواطفٍ يُبادلها “اسْ.ام.اسْ” من الرَّصيد المجاني في الليالي الخاوية.
فريقان متناسخان من السَّلبية، فريق يُميِّعُ الوعي ويضيِّعه، وفريق يُسوِّره ويُصَفِّده.
تراجعت البرامج والمضامين منذ حملة “ولد إماه” من الظِّل الى العدم،.. وعيًا وجوهرًا،.. أفكار مقطَّعة الأوصال، لم يحصل تعارف مسبق بين عناصرها، سطوة جارفة للشكل التَّافه.. خطاب استعطافي، بقدر ما يناهض المثالية يُوسِّخ البراغماتية بالنفعية…، مُرشَّح معقود اللسان والذِّهن، استعار ألفاظه من هرطقة لا تفيد كلاما، ويأتيها الباطل من كل صوبٍ،..
التَّرفيه في “حملاتنا” يُطعَّم بفقراتٍ من “عالم الليل المُنفتح” لمدينتنا الكئيبة لا علاقة لها بالسِّياسة، إنعاش “مُمتع” لتوصيل أي تهريج لا يحمل مضامين من تلك النّكديَّة الجادة التي تمتلك النِّدية أو حتى التَّفوق.. نادر أن يلمس في المعروض أي أثر لنخبة سياسية تستشرف المستقبل..
في الخيمة يتربَّع المُترشِّح للمرة السَّابعة على أشلاء ضميره، يتوسَّطُ الاهتمام وبقعة الضوء و في الخلفية حمَّام من الحِسان على طريقة “فيديو اكليب”، يُمسك بأطراف ذاكرة شاردة لعلَّها تعين على استبيان ملامح ناخِبٍ كان قد أحرقَ روحه في الانتخابات السَّابقة، واسدل من دونه السِّتار مساء انتهاء اللعبة…
المُنتَخِبُ المُغرَّر به عند “الطِّنْب” يلتحفُ الظَّلام والفضول، تائه في خيارات بلا طعم، يتأمَّل من سرق وسيسرق حلمه في أن يكون شيئًا،.. ينصتُ لنفس الكلمات ، نفس الخواء والعثرات اللغوية، والسّخاء في المغالطات…حالة مُبهِرة من الضَّوء والجَمال، تُولَدُ للمرة السَّابعة من رحم الكذب، ولا تَسمح لنا برؤية الأشياء بضوئها الطبيعي ولا بحجمها الحقيقي..
الكريمُ طبعا إذا خُدع انخدَع، وأبخلُ الناس من يبخل برمي قطعة ورق لم يتعب في طباعتها في صندوق اقتراع، اكراما لصديق أو ابن عم ،.. سيَّما وأن الورقة اختزنت مفاتن الديمقراطية، والاختيار الحر، وحقوق الإنسان.. وتَعِدُ بالرَّفاه.
تَقدَّم بنا السَّير الى قصر المؤتمرات، علِقنا في زحمة خياليَّة.. وفجأة مَرَّ أمامنا سِربٌ نديّ القسماتِ من غانجات الكُحل، يتثنَّى،.. يضحكن ويُلوِّحْن.. كان “مُنَزِّهِي” يروي قصة في الأثناء، انقطع صوته!،.. رحل من بين يديَّ،.. هَمَدَ وخَمَد، وبدأ رأسه في الدَّوران مُتتبِّعا حركات السِّرب ، قيَّمتُ بغريزة الذَّود عن العرين خطورة الوضع، وسارعتُ بنصبِ الدفاعات النَّفسية لاعتراض سهام النَّظرات،… حاولتُ أن أبقِي ذهنه مسافة خطوات عن تسونامي الأنوثة،.. لكن، كلَّما تقدَّمنا خطوة جادت علينا جادة المرحوم المختارولد داداه بموجة أخرى من المائِسات، تتخللَّن السَّيارات في دلع،..
وجدتُني أتقمَّصُ دور الواعظ المُروري: ركِّزْ على الطريق، انظرْ أمامك، حاذرْ أن تصدم إحدى الفتيات!… فيكرِّرُ بصوتٍ مسحوبٍ شاردٍ، حاضر، حاضر، لستُ أعمى… ذلك بيِّنٌ! .. أحاولُ في مثل هذه المواقف أن يرضَى الاتّزان عن انضباطي بتثبيط حاسة الانفعال العفوي..
قضيتُ بقيَّة ليالي الحملة في تنظيم حملةٍ مضادَّة، أحذِّرُ صديقاتي من “أمهات العيّال”، من تلبية دعوة “أبو العِيَّال” لنزهة ملغومة، يُنعش فيها خافِقَه المُكَمَّم تحت غطاء الشرعية أمام قصر المؤتمرات.