رغم انهيار الخلافة ..غالية الطالبة التونسية لا تشعر بالندم على انضمامها للدولة الإسلامية
قرب الباغوز (سوريا) (رويترز) – لا تبدي غالية أي شعور بالندم على تخليها عن حياتها كطالبة في تونس للانضمام لتنظيم الدولة الإسلامية في 2014 حتى وهي تتجه إلى مخيم للنازحين بعد أن أوشكت دولة ”الخلافة“ التي أعلنها التنظيم في العراق وسوريا على الزوال.
كانت الشابة التونسية-الفرنسية ضمن أعداد غفيرة من المدنيين الذين استقلوا شاحنات لمغادرة آخر جيب للتنظيم في شرق سوريا.
ومثل غالية، كان كثيرون منهم من أقارب مسلحي الدولة الإسلامية الذين انضموا للتنظيم وتمسكوا بالبقاء معه خلال سنوات شهدت سلسلة من الانتكاسات حتى تقلصت المنطقة الخاضعة لسيطرته في قرية الباغوز التي تحاصرها حاليا قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة.
قالت غالية لرويترز ”أرض الله واسعة. أهم شيء أني لن أعود لفرنسا ولا تونس“ مشيرة إلى أن حياتها كانت ”مستحيلة“ في البلدين بسبب قرارها ارتداء النقاب.
وأضافت غالية، التي لم يكن يرافقها سوى طفليها لدى عبورها من نقطة تفتيش على مشارف الباغوز يوم الجمعة، أنها لا تعرف ما حدث لزوجها، وهو سوري من اللاذقية وينتمي لتنظيم الدولة الإسلامية، بعد أن سافر معها للقرية الواقعة قرب الحدود العراقية.
وقالت وهي تضحك بصوت خفيض من تحت النقاب ”إنه في مكان ما… حقيقة لا أعرف أين هو الآن“.
وتتجه غالية وطفلاها، وهما طفلة في الثالثة وطفل عمره 18 شهرا، إلى مخيم الهول في شمال شرق سوريا الخاضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية.
وقالت قوات سوريا الديمقراطية إنها تريد إجلاء كل المدنيين من الباغوز قبل أن تشن هجومها النهائي لهزيمة المقاتلين الباقين أو إجبارهم على الاستسلام. ووصف التحالف بقيادة الولايات المتحدة من بقوا داخل الجيب بأنهم ”أشد المسلحين تطرفا“ من التنظيم.
ولم تستبعد قوات سوريا الديمقراطية إمكانية تسلل بعض المتشددين بين المدنيين. وحلقت طائرات على ارتفاع منخفض يوم الجمعة فيما كانت عمليات الإجلاء تتواصل لكن لم يكن هناك أصوات انفجارات أو اشتباكات.
* محنة في الجيب الأخير
دخلت غالية إلى سوريا من تركيا وعاشت تحت حكم الدولة الإسلامية في عدة مدن وبلدات من بينها جرابلس التي سيطرت عليها قوات تركية وحلفاء سوريون لها في 2016 والرقة التي كانت المعقل الرئيسي للتنظيم والتي سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية في 2017.
وتحدثت بإعجاب عن المجموعة الأخيرة التي تعيش في محنة داخل الجيب الأخير للدولة الإسلامية وقالت ”في الباغوز .. تعلمت كل مبادئ الحياة تقريبا، خاصة في الفترة الأخيرة“.
وكانت تلك هي المحطة الأخيرة في رحلة بدأت في تونس بعد ثورة 2011 التي أطلقت شرارة الربيع العربي الذي أطاح بزعماء ليبيا ومصر واليمن وبدأت الحرب السورية الدائرة منذ ما يقرب من ثماني سنوات.
وقالت غالية إن ”قيودا صارمة جدا فرضت على المسلمين“ في عهد الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي. ولم تكن هي شديدة التدين آنذاك لكن كل شيء تغير عندما التقت بامرأة منتقبة جاءت إلى تونس من ليبيا بعد الانتفاضة هناك.
وأضافت ”رأيت امرأة ترتدي النقاب.. كنت خائفة إذ أنه كان أمرا غريبا على تونس“. وبعد ارتدائها النقاب واجهت غالية صعوبات في مواصلة دراستها في المعهد الفرنسي في تونس ثم في تولوز بفرنسا، التي تحظر النقاب أيضا.
وذهبت غالية إلى سوريا مع والدتها ثم انضمت للدولة الإسلامية متأثرة بمقطع فيديو دعائي للتنظيم. وتبرأ شقيقها الذي يخدم في الجيش الفرنسي منها. وتشارك فرنسا في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يدعم قوات سوريا الديمقراطية.
وأنقذت الهزائم المتتالية التي منيت بها دولة ”الخلافة“ الملايين من العيش في ظل قوانين شديدة القسوة وعقوبات صارمة كما أنقذت الأقليات من الذبح أو الاستعباد الجنسي.
وقالت غالية إنها ستلتقي بوالدتها في المخيم والتي كانت قد تركت الباغوز بالفعل وأضافت ”سيدبر الله لي أمري“.