بريكه بين اللوح والغنم..قصة راع يتحدى الجهل
باسكنو (موريتانيا)- “مورينيوز”- من الدامي ولد آدبه- مع اللحظات الأولى لبزوغ الفجر وانسلاخ الليل من النهار، يهب الشاب ابريكة من مرقده المتواضع بين حظيرة الخراف وموقد النار. يعتدل واقفا كامل النشاط كأن السقف المرتفع لأحلامه وكزه كي لا يضيع أهم ساعات النهار.
وبهمة تعب في مراسها جسمه النحيل يبدأ ابريكة برنامجه اليومي المشحون.. يتفقد غنمه، وبمهارة اكتسبها على مر الأيام يتأكد من وجودها كاملة دون نقصان…يفصل الخراف عن امهاتها لتنطلق الغنم الى المراعي في رحلتها الروتينية بحثا عن الماء والكلأ..
ولا يعد بريكه الشاي الصباحي كغيره من الرعاة، بل يستفيد من الوقت المخصص للإفطار لتحقيق غاية أخرى غير مألوفة لدى اترابه من الرعاة.. إنها مهمة حفظ القرآن..
ترتبط مهنة الراعي في اذهان الكثيرين بالجهل، فهو في العادة ذلك الشخص الذي يعيش مع البهائم، يهبها عمره دون الاهتمام بما سواها، غير أن صاحبنا، يشكل استثناء وتصحيحا لتلك الصورة النمطية السائدة..
ويقول بريكه إنه وضع نصب عينيه هدفين قرر أن يحققهما بشكل متزامن: ” الغنى عن الناس و حفظ القرآن “..
يتأبط بريكه لوح “آ گلال” ..يغسل اقدم درس كتب فيه بعد ان يكون قد حفظه عن ظهر قلب، ثم يعد الحبر في دواته مستخدما قيلا من الماء والصمغ والفحم.. وفي حال تعذر الحصول على الصمغ فإن اللبن يحل محله.. يأخذ درسه اليومي عن شيخه الذي يتفهم وضعه الاستثنائي فلا يؤخره.. يردد ما كتب عدة مرات مع شيخه ثم ينطلق خلف الغنم، ليقضي كامل يومه مابين تلاوة وصفير، حني تتوارى الشمس الحجاب،
114 تعليقات