نظرة فاحصة-ما نعرفه عن خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط
القدس (رويترز) – بعد مرور أكثر من عامين على اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لأول مرة خطة لإحياء عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية المتوقفة منذ فترة طويلة، من المقرر أخيرا أن تخرج الخطة للنور.
ويتعين أن تعالج الخطة قضايا استعصت على جهود صانعي السلام السابقين على مدار عقود ومن بينها وضع القدس، المدينة التي يطالب كل جانب أن تصبح عاصمة لدولته.
وهناك أيضا شكوك عميقة بين الجانبين ولم يعد هناك قبول متبادل بأن الولايات المتحدة هي الوسيط الطبيعي لأي حل.
ورغم أن ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أقرب الحلفاء السياسيين فالعلاقات الأمريكية مع الفلسطينيين عند أدنى مستوياتها. ويرفض القادة الفلسطينيون حتى مقابلة إدارة ترامب متهمين إياها بالتحيز لإسرائيل.
* ما هي القضايا الرئيسية؟
– وضع القدس التي تضم مواقع مقدسة لدى اليهود والمسلمين والمسيحيين.
– وضع حدود متفق عليها بين الجانبين.
– وضع الترتيبات الأمنية لتهدئة مخاوف إسرائيل من هجمات الفلسطينيين وجيران معادين.
– المطلب الفلسطيني بإقامة دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية وهي أراض استولت عليها إسرائيل في حرب عام 1967.
– إيجاد حل لمحنة ملايين اللاجئين الفلسطينيين.
– ترتيبات لتقاسم الموارد الطبيعية الشحيحة، مثل المياه.
– المطالب الفلسطينية بإزالة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية. ويعيش الآن أكثر من 400 ألف إسرائيلي بين نحو ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية، إلى جانب 200 ألف مستوطن آخر في القدس الشرقية.
*لماذا إحياء الخطة الآن؟
يواجه ترامب ونتنياهو مشاكل داخلية. فترامب يواجه محاكمة في مجلس الشيوخ بينما وجهت لنتنياهو تهم فساد في نوفمبر تشرين الثاني. وينفي الرجلان ارتكاب أي مخالفات.
وكلاهما يواجه انتخابات: نتنياهو في مارس أذار وترامب في نوفمبر تشرين الثاني. وفشل نتنياهو مرتين في الحصول على أغلبية في الكنيست الإسرائيلي بعد جولتي انتخابات العام الماضي.
أرجأ ترامب مرارا إطلاق خطته لتجنب إثارة أي مشاكل انتخابية لنتنياهو إذ أنها قد تتطلب بعض التنازلات من إسرائيل.
كما يواجه هو نفسه أزمة سياسية وقد لا يستطيع الانتظار لشهور حتى تقرر إسرائيل من هو رئيس وزرائها المقبل وفقا لما قاله مصدر مطلع على فكر فريق خطة السلام.
*ماذا نعرف عن الخطة؟
يضم الاقتراح عشرات الصفحات ولكن لم يتم الكشف عن الكثير من محتوياته.
وتخشى مصادر فلسطينية وعربية جرى اطلاعها على مسودة الخطة من أنها تسعى إلى رشوة الفلسطينيين لقبول الاحتلال الإسرائيلي، تمهيدا لأن تضم إسرائيل نحو نصف الضفة الغربية بما في ذلك معظم غور الأردن القطاع الاستراتيجي الشرقي الخصيب في الضفة الغربية.
ويقول الفلسطينيون إن غور الأردن، أي ما يقرب من 30 في المئة من الضفة الغربية، سيكون جزءا حيويا من دولتهم المستقبلية، وسلة الخبز للضفة الغربية ويشكل حدودها الخارجية مع الأردن.
ودشن جاريد كوشنر، صهر ترامب والمهندس الرئيسي للخطة المرحلة الأولى من مقترح السلام في مؤتمر اقتصادي في البحرين في يونيو حزيران الماضي.
ودعا هذا الشق إلى إنشاء صندوق استثماري بقيمة 50 مليار دولار لدعم الاقتصاد الفلسطيني واقتصادات دول الجوار العربية.
*ما هي فرص الخطة؟
انهارت آخر محادثات سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين في عام 2014.
وتشمل العقبات توسيع المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة وعقودا من انعدام الثقة بين الجانبين.
وشهد العقدان الأخيران أيضا صعود حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى السلطة في قطاع غزة. ويدعو ميثاق تأسيس حركة حماس إلى تدمير اسرائيل وهي في خضم صراع مستمر منذ عقود على السلطة مع السلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب برئاسة الرئيس محمود عباس.
والمعضلة الكبرى هي حل الدولتين، وهي الصيغة الدولية المطروحة منذ فترة طويلة لإحلال السلام من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل.
وتؤيد الأمم المتحدة ومعظم الدول في جميع أنحاء العالم حل الدولتين، الذي بات ركنا أساسيا في أي خطة سلام منذ عقود.
لكن إدارة ترامب رفضت دعم حل الدولتين. وفي نوفمبر تشرين الثاني، خالفت سياسة أمريكية مطبقة منذ عقود عندما أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو أن الولايات المتحدة لم تعد تعتبر مستوطنات إسرائيل على أراضي الضفة الغربية مخالفة للقانون الدولي.
وينظر الفلسطينيون ومعظم المجتمع الدولي إلى المستوطنات على أنها غير قانونية بموجب القانون الدولي. وترفض إسرائيل ذلك.
*هل يمكن للولايات المتحدة أن تكون وسيطا نزيها؟
قبل نتنياهو ”بكل سرور“ دعوة ترامب لواشنطن قائلا ”أعتقد أن الرئيس يسعى لمنح إسرائيل السلام والأمن الذي تستحقه“.
لكن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية قال إن الخطة الأمريكية ”ما هي إلا خطة لتصفية القضية الفلسطينية ونحن نرفضها“.
وقالت القيادة الفلسطينية إنه لم يعد من الممكن اعتبار واشنطن وسيطا في أي محادثات سلام مع إسرائيل بعد سلسلة من قرارات ترامب التي أسعدت إسرائيل وأغضبت الفلسطينيين.
ويتضمن ذلك قراره بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس والتوقف عن تقديم مساعدات إنسانية بمئات الدولارات للفلسطينيين.
وينظر إلى هذه التخفيضات في المساعدات على نطاق واسع على أنها وسيلة للضغط على القيادة الفلسطينية للعودة إلى طاولة المفاوضات. لكن ذلك فشل حتى الآن.
شارك في التغطية جيف ميسون في ميامي وسامية نخول في بيروت ومايان لوبيل وجيفري هيلر ودان وليامز ورامي أيوب في القدس ونضال المغربي في غزة وعلى صوافطة في رام الله – إعداد ليليان وجدي وسها جادو للنشرة العربية – تحرير سها جادو