“الكلب الكبير” و”الشيخ القدير”.. كيف أنقذت قطر باركليز
من كيرستين ريدلي ولورانس وايت
(الدولار = 0.7696 جنيه استرليني)
لندن (رويترز) – عندما طُلب من روجر جنكينز مساعدة باركليز على تفادي إنقاذ حكومي خلال ذروة الأزمة المالية العالمية في 2008، كان يتوقع مكافأة لا أن يحاكَم على جهوده.
وبعد عشر سنوات من ذلك، حصل جنكينز وزميلاه السابقان في باركليز ريتشارد بوث وتوم كالاريس على حكم بالبراءة بإجماع آراء المحلفين يوم الجمعة في قضية كشفت كيف حصل البنك البريطاني العملاق على استثمار بأربعة مليارات جنيه استرليني (5.2 مليار دولار) من قطر.
فعندما كان بقاؤه على المحك، اعتمد باركليز على قدرات جنكينز الإقناعية وعلاقته الشخصية برئيس وزراء قطر آنذاك الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني.
لكن البلد الصغير، الذي مارس نفوذا أكبر لسنوات بعد اكتشاف الغاز، أبدى تمنعا. فكان رد باركليز بالسعي لإبرام صفقة أقر جنكينز خلال محاكمته أنها انطوت نظريا على ”لعب بالنار“.
سلطت القضية التي نظرتها محكمة أولد بيلي الجنائية في لندن لأربعة أشهر الضوء على الجولات المضنية في أنحاء العالم واجتماعات الفنادق الفاخرة والمفاوضات العجائبية عادة التي سحبت باركليز من على حافة الهاوية.
جلس جنكينز، المعروف بين زملائه بلقب ”الكلب الكبير“ في منصة الشهود لأسابيع، موضحا كيف سعى أحد أكبر البنوك في العالم جاهدا لخطب ود رجل كانت مداولات القضية تشير إليه باسم ”الشيخ القدير“.
* مفاوض صعب
كان للبلد الخليجي سمعة كمفاوض صعب وفي يونيو حزيران 2008، طالبت قطر القابضة، وهي جزء من صندوق الثروة السيادي جهاز قطر للاستثمار البالغ حجمه 300 مليار دولار، بأكثر من مثلي الرسوم التي وعد بها باركليز مستثمرين آخرين.
وكان الاستثمار القطري ضروريا. فقد مهد السبيل لدخول داعمين ماليين آخرين، مثل الشيخ منصور من أبوظبي والمستثمر الحكومي السنغافوري تيماسيك ومؤسسة سوميتومو ميتسوي المصرفية اليابانية، مما سمح لباركليز بجمع حوالي 11 مليار استرليني ذلك العام في عمليتين لزيادة رأس المال.
لكن الصفقات التي أبرمها البنك – 322 مليون استرليني إضافية جرى دفعها إلى قطر بموجب اتفاقي خدمات استشارية – أرسلت المصرفيين السابقين إلى المحكمة بتهم الاحتيال.
ودفع ممثلو الادعاء بأن الاتفاقات الجانبية كانت زائفة ولا تستهدف إلا دفع رسوم إضافية لقطر.
وأصر جنكينز وبوث وكالاريس على أنها كانت اتفاقات تجارية حقيقية نالت موافقة المديرين والمحامين كآلية للفوز بأعمال استشارية ومصرفية مجزية من قطر.
ولم توجه اتهامات للشيخ حمد ولا لقطر، التي ما زالت مستثمرا رئيسيا في باركليز وبريطانيا بعد فورة استحواذات بقيمة 35 مليار استرليني على أصول متميزة.
وقال بيان صدر نيابة عن الشيخ حمد إن اتفاقات الخدمات الاستشارية التي قدمها باركليز كانت حقيقية.
وقال البيان الصادر يوم الجمعة ”احتراما لإجراءات القانون الإنجليزي، لم يحاول الشيخ حمد ولا سائر الأطراف القطرية التدخل في أثناء المحاكمة لتصحيح تلك الأخطاء والتفسيرات المضللة التي بدا أنها تنال مصداقية في بعض الدوائر“.
* جسر الهوة
العلاقات الشخصية والثقة هي الأهم في الخليج حيث تدفع البنوك الملايين لمن يستطيعون كسبها والمحافظة عليها.
أقام جنكينز علاقة بالملياردير الشيخ حمد، الذي أثار ضجة في أوائل 2008 عندما أبلغ قادة العالم في دافوس أنه يريد ضخ 15 مليار دولار في البنوك.
تعارف الرجلان للمرة الأولى في 2007 عن طريق صديق لزوجة جنكينز السابقة ديانا أثناء قضاء عطلة في جزيرة سردينيا الإيطالية، حسبما أبلغ المحكمة.
وبعد توطيد العلاقات على مأدبة عشاء ونقاشات عن استثمارات متاجر البقالة على يخت الشيخ، دُعي جنكينز وزوجته لاحقا إلى منزل الشيخ حمد في كان بفرنسا.
ومع ازدهار العلاقة، توجه جنكينز جوا إلى الدوحة وساعد في ترتيب اجتماعات مع مديري باركليز والشيخ ومسؤوليه في فنادق فاخرة بلندن وفي قصر جنكينز بضاحية مايفير في لندن وفي الدوحة ونيويورك.
ولولا مثل تلك المقدمات، لكان الوضع حالك السواد.
فقد ظل بوب دايموند، التنفيذي الأمريكي الكاريزمي الذي سيصبح الرئيس التنفيذي لباركليز في 2010، ينتظر بردهة في أبوظبي ”لأيام“ عندما حاول للمرة الأولى إقامة علاقة مع شيوخ الإمارات، حسبما استمعت إليه المحكمة.
ولم توجه أي اتهامات لدايموند. ولم يتسن حتى الآن الوصول إلى متحدث باسمه للحصول على تعليق.
* لعبة خداع
عندما أصبح باركليز تحت ضغط في خضم ترنحات الأسواق، أدرك جنكينز أن موقفه التفاوضي كان ضعيفا في يونيو حزيران 2008.
وفي ثقافة لا تعرف مواعيد الاجتماعات التي قد تعقد في أوقات خلال يومين وقد تنتهي في غضون 15 دقيقة، طُلب منه أن ينتظر خلال الليل من أجل اجتماع مع الشيخ حمد. لكنه لم يرد أن يبدو في موقف ضعيف.
كانت خطته، حسبما أبلغ المحلفين، أن يتوجه بالطائرة إلى دبي، مختلقا عقد اجتماع هناك لإعطاء الانطباع بأنه مطلوب بشدة في الشرق الأوسط، قبل أن يعود إلى الدوحة.
وقال خلال استجواب ”لم أرد أن أبقى في الدوحة وأنتظر معاليه ليومين… تلك علامة ضعف عند التفاوض“.
وبعد أربعة أشهر من ذلك، مدد باركليز أجل اتفاق الخدمات الاستشارية مع قطر مقابل 280 مليون استرليني مع استثمار البلد الخليجي مجددا في البنك البريطاني إلى جانب مستثمرين من أبوظبي.