الضمان الصحي: الدولة تتحايل على المواطن
نواكشوط- “مورينيوز”- من أحمد ولد محمد وخديجه- تدور فاطمة بنت عبد الله منذ يومين بين المشافي حاملة طفلها المريض ، ودفتر الضمان الصحي. وهي تخشي كما تقول أن يضيع ابنها “قبل انتهاء الاجراءات الادارية المعقدة”.
تصطدم فاطمة مثل عشرات من حاملي دفتر ” كنام” بفوضي التعاطي في المستشفيات مع هذا الدفتر، وجهل المراجعين بطرق الاستفادة منه.
تقول المرأة ذات الأربعين عاما ل ” مورينيوز” : ” كتب لي طبيب في أحد المستوصفات فحوصا للطفل. وفي المستشفي الوطني أبلغوني أن ينبغي أن تكتب الفحوص علي شكليات الصندوق، فعدت أدراجي إلي الطبيب الذي قال لي إن الشكليات غير موجودة؛ لأعود مجددا الي المستشفي لسحبها من هناك، غير أن وقت الدوام الرسمي كان قد فات”.
حقق الصندوق بعض النتائج الطيبة. وقد أصدر أكثر من 43 ألف دفتر يستفيد منها 162000 شخصا. وقالت مريم الموظفة في وزارة التعليم ل ” مورينيوز” إن ” الصندوق يسدي خدمة جيدة، ورفع الكثير من الأثقال عن كواهل الموظفين”.
ويتحمل الصندوق “نظريا” ، 80 بالمائة من تكاليف الاستشارات والفحوص البيولوجية والإشعاعية ، و90 في المائة من تكاليف الحجز الطبي ، و 67 في المائة من تكاليف الأدوية. ويتحمل تكاليف الرفع الطبي إلي الخارج بنسبة مائة في المائة. غير أن انتقادات توجه إلي ” كنام” بشأن العديد من المسائل منها أن السلطات الصحية لم تضبط العملية بشكل يجنب المرضي وذويهم الضياع وسط الروتين الاداري. ويأتي علي رأس الشكاوي عجز حاملي دفتر التأمين عن استعادة المبالغ التي يصرفونها في الأدوية والفحوص خارج المؤسسات الرسمية,
و يتوقع حاملو الدفتر استعادة 67 في المائة من تكاليف الأدوية التي يشترونها، وهذا ما لا يحدث، فهم يستعيدون مبالغ زهيدة، وبعد جهود مضنية، غير أن المستشار المكلف بالاتصال في مؤسسة الصندوق محمد سالم ولد ألما يقلل من شأن هذه الشكوي معتبرا أن ” الصندوق يدعم الأدوية الأساسية، ويتم استرجاع المبالغ علي أساس أسعار يعتمدها بناء علي دراسة أعدها خبراء دوليون في ضوء أسعار الأدوية في السوق”. وأشار المستشار إلي أن ” كنام” يعمل الآن علي ” وضع إجراءات مبسطة من شأنها تسهيل استعادة المبالغ”.
وبخصوص التعامل مع العيادات المعتمدة لدي الصندوق تعود أيضا قصة “أسعاركنام” الخاصة بها: ” الصندوق يعوض علي أساس الأسعار المعتمدة لديه لا أسعار العيادة” يشرح ولد ألما.
وتستند أسعار ” كنام” في ما يبدو إلي ما يشبه معدل الأسعار في سوق الصحة. فهناك عيادات أغلي من أخري، وصيدليات تبيع بأسعار متفاوتة. وبين هذه وتلك تضيع نقود المرضي.
وتقول مصادر في وزارة الصحة إنه يجري التفكير في وضع أسعار وطنية للأدوية والخدمات الطبية.
وتقتطع الدولة مبالغ متفاوتة من رواتب الموظفين بحكم تفاوت الراتب تبعا للدرجات علي سلم الوظيفة لصالح التأمين، لكن الجميع يعامل بالطريقة نفسها. يقول الشيخ الموظف ذو الدرجة العالية في الوظيفة العمومية إن تخصيص درجات (أ) و( ب…..) مسألة فيها قدر من الإنصاف، وإن ما يجري الآن فيه ظلم”. غير أن التوجه الحالي هو لتعميم الفائدة كما يقول ولد ألما ، مشيرا إلي أن التأمين يشمل في المرحلة الثانية فئات وظيفية أخري، ليستمر حتي “يشمل جميع المواطنين”.
وأوضح ولد ألما ل ” مورينيوز” أن إجراءات ضم الوالدين إلي دفتر الضمان ” جارية وسيستفيدون قريبا جدا من خدمات الصندوق”. إلا أنه رد علي شكوي البعض من تحديد سن الأطفال المؤمن عليهم ب 21 سنة بالقول ” إن القانون لم يبوب علي هذا”. ”
ويعتقد كثيرون أن منع الأطفال ما فوق الواحد والعشرين سنة من الاستفادة من تأمين والديهم أمر لا يتناسب مع وضع موريتانيا فالأولاد يبقون في كنف آبائهم حتي مراحل متأخرة. وقال محمد علي الموظف الصغير في إحدي الوزارات ل ” مورينيوز” إنه ” من العبث أن نتوقع من من هم في سن الثانية والعشرين أو الرابعة والعشرين أن يعالجوا أنفسهم، فهؤلاء ما زالوا في أمس الحاجة إلي رعاية الأسرة في شكل كامل”. وأضاف: ” أرجو أن تراجع السلطات هذا الموضوع”.
يعمل في ” كنام” أكثر من 250 شخصا. وله مراكز استقبال في المستشفي الوطني، ومستشفي الشيخ زايد والمستشفي العسكري، ومركز الأمراض العصبية والعقلية، ولها ثمان ممثليات في الداخل؛ وترصد لها الدولة أربع مليارات من الأوقية.