الشيخ سيدي المختار الكنتي: 1000 مؤلف و1000 مريد/محمد عبد الرحمن بن عبدي
ضاهي الشيح سيد المختار رحمه الله تعالى بمختصره هداية الطلاب مختصر خليل في الفقه المالكي، وانتهج طريقته وسلك مسلكه في الاختصار والاقتصار بأسهل وأجمع عبارة وأوضح بيان، وكان أبو المودة اختصر بمختصره مختصر ابن الحاجب،
الذي هو اختصار لجواهر ابن شاس المختصرة لمختصر ابن بشير الذي بدوره اختصر المقدمات لابن رشد, و هي تلخيص لمختصر البرادعي الذي اختصر به مختصر ابن أبي زيد وهو اختصار للمدونة.
وبحكم تأخر الشيخ سيد المختار رحمه الله – المتأخر أتم نظرا – فإنه حاول أن يبتعد عن تعقيدات مختصر أبي المودة فلم يرد فيه خلاف ولا تأويلات ولا قولان ولا أقوال ولا تردد، بل رد عبارة التردد قال لورودها على وجه الذم في القرآن(وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون). واطلع أبو زين العابدين، كما يذكر خليفته على كل ما اشتبه وأشكل على خليل، بل على مالك.
ولقد قام بنفسه على وضع شرح على مختصره سماه فتح الوهاب في بيان ألفاظ هداية الطلاب ,وهو الكتاب الذي بين أيدينا فأكمل مختصره وشرحه عليه ما فات على ضياء الدين لموته قبل إكمال مختصره ,ووضعه لشرح عليه وقد خلا مختصر خليل من الأخلاق- أو اختصار لها -ما يتعلق بالسلوك والأدب والإحسان, وبسط ذلك الشيخ في مختصره وشرحه في جزء كامل كما تدارك على أبي المودة كل ما انتقد به, وهكذا أرجع الشيخ سيد المختار الفروع إلى الأصول والجزئيات إلى مداركها ومشى في مسائل كثيرة على غير ما مشى عليه خليل أو كما أورد في قصيدته الطويلة:
وإن تبتغي إتقان ذهب مالك فنص الموطا حققنه ثم انتسب
ومن بعده جاءت فروع كثيرة وأتقنها أختصار نجل الذي حجب
وأنفعها نص الرسالة قبله ونص خليل جاء بالدر والخشب
طوى القول منهم وانتقى الحق مذهبا ولكن قصب السبق من كلهم سلب
سقى كل رهط من زلال معينه فخص وعم واستجاب لمن طلب
وإياك ترضى باقتناص فروعها من غير ارتشاف من مشارعها العذب
فإن الأصول كالقواعد تقتضي طمأنية للقلب والنجح بالأرب
فمن لم يقيد بالكتاب علومه طغى وبغى واستدل البسر بالرطب
ولا تقتصر إن الحديث بيانه وتفسيره فقه الأئمة لا الشعب
ومن يترك القرآن نسيا وراءه فقد صار في التمثال كالجفر المذب
ومن حاد عن نص الحديث سفاهة فقد أبدل الجياد بالحمر الحدب
ومن يترك الفقه المهذب رغبة فقد رام تجهيلا وعن رشده يذب
وربط الشيخ الفروع بالأصول شنشنة متوارثة في أسلافه، مدرسة جامعة بين الأصول والفروع، نجد ذلك لدى جده الأعلى الشيخ سيد امحمد الكنتي يقال إن سبب خلافه مع لمتونه تركهم للأصول وترجمتهم الفروع إلى لهجاتهم البربرية، وترك ذلك لدى ابنه الشيخ سيد أحمد البكاي في وصاياه وخطبه.
ويذكر تلامذة الشيخ سيد المختار أنه تعلق به خليل بن إسحق في منامه قائلا,ألفت كتابك في عشرين ليلة وألفت مختصري في عشرين سنة أكملت المختصر والشرح ولم أكمل مختصري ,فإذا انتشر أقبل الناس عليه وتركوا كتابي فلا انتفع به في قبري, وهو مما يجري علي المرء فيه لذلك قيل إن المؤلف دعا عليه بعدم الانتشار.
وكتاب الشيخ هذا من الأهمية بمكان، كان له قصب السبق في إرجاع فروع المذهب إلى أصولها بعد أن ابتعد الفقهاء من أئمة الطرر والشروح والحواشي وغالوا في مناقشة كلام أئمة المذهب نصوصها وظواهرها ولوازمها، ثم إنه رحمه الله انفرد بهذا المختصر بعد أبي المودة في أسلوب سهل ينقل الفقه من أوعية المنطق التي تلبس بها في القرون المتأخرة ساعده في ذلك علو كعبه ورسوخ قدمه وورعه وقوة ضبطه وتحقيقه.
وهو معتمد ومعول عليه في المذهب لاعتماده النقول والعزو الصحيح للكتب المعتمدة والأقوال الصريحة للائمة المعول عليهم ،ونبذه المطروحة, غزير المادة كثير الفائدة.
وقد أشاد الشيخ سيد المحتار بكتابه هذا فقال:وكان هذا المصنف المبارك من الفقه بمنزلة العقد من النحور،أو منزلة الشمس من سائر الكواكب والبدور، واعتنيت بشرحه لشدة إ.يجازه لينتفع به كل عبد شكور، ورمزت فيه أسماء المشايخ المنقول من مصنفاتهم لتكون العمدة عليهم في جميع الدهور، فأشير بأل لابن القاسم وبل لمالك وبس لابن يونس وبش لأشهب وبم لابن عبد السلام وبحج لابن الحاجب وبح للحطاب وبب لبهرام وبت للتوضيح وبج للباجي وبخ للخمي وبد لابن رشد وبذ لتهذيب البرادعي وبط لابن عطاء الله وبز لابن المواز وبك للفاكهاني وبن لسحنون وبص لأبي الحسن الصغير وبع للعتبية وبف لابن عرفة وبق للمواق وبه لابن وهب وبي لابن العربي،وسميته بفتح الوهاب في بيان ألفاظ هداية الطلاب ثم شرعت فيه فقلت .إلخ.
والشيخ سيد المختار: هو أبو زين العابدين المختار بن أحمد بن أبي بكر بن محمد بن حيب الله بن الوافي بن سيدي عمر الشيخ بن الشيخ سيد أحمد البكاي بن الشيخ سيد امحمد الكنتي بن سيد اعلي ينتهي نسبه عبر آبائه وأجداده، جده الشيخ سيد أحمد البكاي عاشر العشرة الأفراد – إلى عقبة المستجاب ابن نافع الفهري القرشي فاتح إقليم إفريقية.
ومهما كانت في سلسلة النسب إغفالات نتيجة لتباعد الزمان لا تخلو منها أي سلسلة نسب فإنه يقول المقري الجد وهو قرشي عبدري إن آباءه من بني الحارث ابن فهر من قريش من أعرق وأقدم الداخلين في الفتح الإسلامي إلى إفريقية، حيث يقول عن شيخه محمد بن منصور بن علي (ومنهم قاضي جماعتها وكاتب خلافتها وخطيب جامعها أبو عبد الله محمد ابن منصور بن علي بن هدية من ولد عقبة بن نافع الفهري نزل سلفه قديما بتلمسان وخلفه بها الآن توفي أواسىط سنة 735 هـ وشهد سلطانها يومئذ أبو تاشفين جنازته وولى ابنه أبا علي منصورا مكانه (1) ومحمد هذا من شيوخ شريف تلمسان شيخ ولي الدين ابن خلدون.
واعتزازا ووفاء بأمهاته وبرورا لهن كتب الشيخ سيد أحمد البكاي نبذة عنهن وهن صنهاجيات, وهي عادة فطاحلة الجهابذة، فبعد خوضهم في علم الرجا ل الذي هو علم خواص العلماء كما يقول ابن عبد البر, يخوضون في معرفة أعلام النساء قال صلى الله عليه وسلم “أنا ابن العواتك من سليم” وقد ألف في أمهاته صلى الله عليه وسلم, فهذه السنة حملت الشيخ سيد أحمد البكاي على الكلام عن أمهاته، وهن سيدات قانتات من أصول صنهاجية, ولاشك كانت لأ مه عنده منزلة كبيرة وهي لاله أروي بنت القاضي محمد بن آل الحسن إيدشف, وقد علم موت أبيه مبكرا كما يذكر,و قد تحدث في هامش المكتوب المنسوب إليه عن أبيه سيد امحمد الكنتي وقد رآه وهو صغير ورأى تعظيم الناس له كما يذكر عمر بن محمد المصطفى الرقادي وابن عمه سيد أحمد ابن الحاج عبد الله ,ورؤيته ضريحه بعد ذلك وهو صغير مكتوب عليه محمد بن علي بن يحي بن عثمان بن يهس بن فرد أو أفرد.
1_ نفح الطيب المقري ج 6 ص 234
أما نسب آبائه فأصح أثر ما نقله المؤلف في كتاب الإرشاد، قال حدثني الفقيه محمد بن اندعبد الله الولاتي قال حدثه أبوه الفقيه محمد عن أبيه الفقيه أحمد عن جده سيدي عبد الرحمن المحجوبي وكان تقطب أنه أخذ العلم والولاية عن القطب الكامل سيد أحمد البكاي ,وأنه سأله يوما فقال يا شيخ هل من آبائك من بلغ درجتك في العلم والفضل؟ قال إنما مثلي من أبي الذي يليني كمثل أنملة الإبهام من الإبهام أو كنسبة سم الخياط إلى سائر الخياط أو غرفة من بحر،وكذلك أبي من أبيه من جده إلى عقبة المستجاب بن نافع وذكره كذلك سيد أحمد ابن ا لحاج عبد الله الرقادي في ما كتب على النسب.
يقول الشيخ:
وقد نمتنا الكرام من أرومتهامن جذم عبد مناف من ذرى الغرر (1)
الخيم يمنعهم من كل باقعة والمجد يحرزهم من كل ذي خور
هم الأئمة قدما غير ذي كذب المنقذون الورى من ربقة الكدر
القائمون لأمر الله لا شطط يلفى لديهم ولا طيش على خطر
الحلم شيمتهم والعدل سيرتهم والرفق حرفتهم فجد واختبر
أعفة يعلم الرحمن عفتهم والجار يحمونه بالبيض والسمر
منهم ولي ومنهم مقسط بدلوالغوث منهم ومنهم قائم السحر
وفيهم قد يرى المجددون ومن تحيا بحرمته الموماة بالخضر
والسالكون ومن يحيا بنفحتهقلب المريد ويحظى منه بالوطر
ومنهم السابقون في تصرفهم فالكون يطوونه كاللمح بالبصر
السائحون على رغم لشائنهمالسائرون مسير الشمس والقمر
الغائث المستجير في تبلده كأنهم عنده إذ مس بالضرر
والرافعون عن الأكوان همتهم لقربهم من عظيم الملك مقتدر
هم المدلون إما معشر فخروا عند الفخار بأصل طيب عطر
فعقبة المستجاب القرم فاتحهاكفرا فكفرا بإذن سيد البشر
وقام عمرو العلا من بعده وبه تقطب العشرة ا لأبدال في الزمر
من جملة التابعين في أرومتها حازوا العلوم وفتحا بين الأثر
وعامر بعده حاز العلوم بها بدءا وعودا وحاز السبق بالكبر
وبعده شاكر يهس ودومانها حازوا التقطب لا نكر لذي نكر
ويحيا قد حييت به القلوب وقد سقى بنفحته السبعين من نهر
ورد كلا إلى قوم يسددهم والكل مات لديه آخر العمر
وقد علا بعده إلى سماء العلا علي مجد بسقي الألف مفتخر
نزيل فصك له قدر ومنقبة شديد ركن عظيم القدر معتكر
وهو الذي دوخت لمتونه دعوته حتى علتهم بنو حسان بالخفر
ونجله قد بكى التسعين تتبعها عشر مخافة رب ا لكون مزدجر
بأمره نقل الأخيار جثته من بعد قرن فلم ترم ولم تحر
1 – إشارة إلى اختلاط هذا النسب بالشرفاء الأدارسة، فثمانية من الأفراد أمهاتهم إدريسات.
وكانت الأسد بالموماة تقصدهتبركا فيزيل الضر بالنظر
تطوى له الأرض والأخيار تخدمه لجبر خلتها كالضيغم الخدر
ولسنا هنا لعرض امتداد وتأثير المدرسة الكنتية فذلك مبسوط في كتب ومؤلفات كثيرة من أشهرها كتاب الشيخ المنة على اعتقاد أهل السنة، كتاب البت على سيرة الكنتي ,وكتب زواياهم زاوية بني الرقاد وزاوية الهمال بأقبلي وكتاب البشري وهو مطبوع وغيرذلك وكثير ومنها مؤلفات خليفته وأحفاده, وقد تحدث في كتاب المنة عما وجد في مكتبة جده الشيخ سيد أحمد البكاي بولاته وحمل منها كتبا إلى دار إقامته بأزواد, من ذلك ما يذكر ابنه الخليفة في الطرائف أنه قرأ في مكتبة جده كتاب أنوار الفجر لأبي بكر ابن العربي الذي قال عنه مؤلفه في القبس إنه ألفه في عشرين سنة ثمانين ألف ورقة تفرقت بأيدي الناس ,وقد ريئ في مكتبة أبي عنان الموحدي كما ذكر ابن فرحون في الديباج المذهب ,فقد قرأ الشيخ سيد المختار من هذا الكتاب مئة مجلد في مكتبة جده الشيخ سيد أحمد البكاي كما قال الخليفة, وهو ما يبين مدى الصلة والارتباط بين سلاطين المغرب وهذه الأسرة كما قال المقري آنفا، وكما ذهب إليه الخليفة في الغلاوية وهو ما يصدق رواية المؤرخ النبيه محمد بن مولود بن داداه من أن محمد بن علي- وزير أبي تاشفين بن يمغراس بن زيان -جد سيد امحمد الكنتي,و حتى آل الأمر إلى أبي عنان فكان أبو علي منصور قاضيه ووزيره, ثم ولي علي أي سيد اعل أيام دولة السلطان أبي فارس كما قال الشيخ سيدي محمد فكان مقلدا له لا يعمل إلا وفق إشارته فخرج على الصحراء فتزوج بنت محمد بن ألم بن كنته بن زم رئيس ابدوكل واسمها أهوى فأولدها ابنه خاتمة السلف وعين أعيان الخلف سيد امحمد الكنتي. من هنا يتضح علاقتهم بدولة المغرب وأنها قائمة عليهم من قديم الزمان, وأري أن بعض الملوك أقطعهم بعض المعادن يقول الشيخ تملك كنته سبختان سبخة أروان وسبخة الجل، وقد كتب ملوك السعدية بعد ذلك لأبناء سيدي عمر الشيخ، الشيخ سيد أحمد الفيرم، وأخويه مكتوبا بتحرير كناته ومولاها ما دام الملك في السعدية ,وقد ذكر أحمد بن العباس العلوي هذه الزيارة في كتاب الإعلام في من زار مراكش من الأعلام.
ويقف الشيخ سيد المختار كثيرا عند جده سيدي عمر الشيخ بن الشيخ سيد أحمد البكاي وهو من أجلاء علماء الإسلام، جال في المغرب والمشرق وحج ومر بالشام فدخل مسجد بني أمية فتناشر العلوم مع مشيخة الشام فلم يروا أعلم منه وهو إذ ذاك ابن ثماني عشرة سنة، فكان ذلك السبب الذي طار له صيت الشناقطة في العلم.
ومن أراد شفاء الغليل في سيرة الشيخ سيد المختار وعلومه فليرجع إلي كتاب الطرائف والتلائد لابنه وخليفته الشيخ سيدي محمد فإنه, حفظ الصحاح الستة وكتب معظم دواوين الإسلام, وأمهات الفقه المالكي وأصول الفقه والقواعد والنحو واللغة ذكر خليفته هذا أنه تحدث عن شروط العالم المجدد الذي يبعث الله تعالى على رأس كل مئة سنة لتجديد دين الإسلام كما في الحديث الذي أخرج أبو داوود، فقال الشيخ رحمه الله من شروطه أن يحفظ كل دواوين وأمهات كتب الإسلام بحيث لو أتلفت لأملاها عن ظهر قلب قال رحمه الله وإني لأرجو أن أكون كذلك قال الخليفة ولقد كان كذلك وفوق ذلك. وكونه مجدد المئة الثالثة عشر لا جدال فيه بين العلماء والمحققين، ولذلك قال:
رأيت المصطفى في النوم حقا فبشرني وأدناني إليه
وقال لـي المجـدد أنت صـدقا تجدد سنتي فاصبر عليه
وعلمني علوما زاخرات وحقق نسبتي فيما لديه
فازداد الري ريا بعد ري وكاد البحر يغرق عدوتيه
وأقبل بالثناء على ضيوفي وأخبر أنهم من صفتيه
ولوح نحوهم ببهاء نور وأتحفهم بنظرة لحظتيه
وقد بلغ درجة الاجتهاد المطلق ,ومع ذك بقي مقلدا للإمام مالك قال خليفته في الطرائف قلت يا شيخ لم تقلد مالكا ولم يشتبه عليك ما اشتبه عليه وأشكل, فقال قلدت مالكا أدبا مع مالك لأنه إذا ذكر العلماء فمالك النجم كما قال الشافعي ,ويقول الشيخ محمد المامي في رد الطرد رده على الإمام سيدي عبد الله في كتابه طرد الضوال والهمل, أفعندك أن الشيخ المختار الكنتي وابنه الخليفة وأحمد بن العاقل والأمير الصنعاني ما بلغوا درجة الاجتهاد وإن نفوه عن أنفسهم تواضعا, وقد ألف في كل فن , يقول الخليفة في الطرائف:لقد كان الشيخ الوالد رضوان الله عليه مربيا ماهرا ومرشدا إلي الله بطريقة حزب الله,تخرج علي يده ألف مريد وألف ألف كتاب,في عمر مديد, وفي سياسة قل من يهتدي إليها من سماسرة المشايخ الربانيين الذين يربون بكبار العلم قبل صغاره والمقام الراسخ في مقام التربية والترقية والصيت الشامخ. أما تلامذته رحمه الله فالمجال يضيق عن ذكرهم وقد أفرد الشيخ سيد المختار بادي مؤلفا عن تلامذته من عشيرته أما غير هم فكثيرون, بحيث يمكن القول إنه حقا شيخ المشايخ إذ لا يكاد يوجد شيخ في هذه البلاد إلا وينتسب إليه بواسطة أو بالمباشرة، فهذا الشريف القلقمي البحر القطمطم قطب اقطاب المشيخة أبو المشايخ الشيخ محمد فاضل بن مامين رغم تسلسله في الأخذ عن آبائه وأجداده فقد ذكر حفيده الشيخ التراد بن العباس في كشف الأستار عن شرف آل الجيه المختار,أن أباهم الشيخ مامين قد جدد وصحب الشيخ المختار بن أحمد بن عثمان الشريف التنواجيوي المريد والمتصدر على يد الشيخ سيد المختار بن أحمد، بل لما مر بالشيخ مامين, جائيا من عند شيخه هذا جاء إليه بأبنائه وجاء بالشيخ محمد فاضل, وهو في المهد فلقنه الأذكار والأوراد فقيل له كيف تخاطبه وهو لا يعقل قال إنه يعي أكثر من غيره وإنه سيكون قطب زمانه, كما أخذ عن المؤلف بواسطة الشيخ محمد الأمين بن الوافي الإديلبي الذي لازم الشيخ سيد المختار عشرين عاما وصدره و ترك وصية عند ه لشيخنا الشيخ محمد فاضل, كما يذكر المحجوبي في الفتح المبين وابن حبيب في الضياء المستبين,كما تتلمذ-للمؤلف- أبوه لأمه الطالب ببكر اللمتوني، وهذا العلامة الشيخ محمد المامي يقول في الدلفينية:
وشيخنا قطبها الوافي ذاك عزا لأمهات مالكيات مواطين
ويقول في كتاب البادية عن ابنه الخليفة رضيت بواسطيته في الدنيا وفي الآخرة, وهذا الإمام سيدي عبد الله ابن الحاج إبراهيم إمام المنقول والمعقول لا يمر بذكر المؤلف إلا قال ولي الله، ولما استشارته زوجة تلميذه الطالب بن حنكوش على أن تسمي ابنها عليه قال سميه سيد المختار (1) وعليه فهو بالإجماع إمام وشيخ هذه الطوائف.
ومما يشهد لبيعة المتصوفة زيادة على رواية الحسن البصري ما ورد في نظم أحمد ابن حبيب بن سيد أحمد بن سيدي بو بكر الكنتي نقلا عن االشيخ سيد المختار عبر أجداده العشرة الأفراد إ.لى عقبة ابن نافع يتناقلون بيعة التلقين بيعة لا إله إلا الله فيقول:
يقول أحمد الضعيف ابن حبيب يرجو من الرحمن أوفر نصيب
حمدا لمن قد جعل التلقينا أفضل بيعة تقيم الدينا
ثم الصلاة والسلام ما هدى ملقن ملقنا على الهدى
والآل والصحب وأهل بيعته أنصاره في حزبه ودعوته
من حكمت طهارة الطوية فيهم برفع هم عن البرية
وبعد فالتلقين بالجلالة به تؤدي الفرض لا محالة
وقد تعاطاه كرام السلف عن خلف عن خلف عن خلف
وواجب تعويلنا عليه وصرف كل همة إليه
إذ لا صلاح دونه للباطن من كل ظاعن وكل قاطن
وذاك أن يستقبل القبلة من يأخذه مغمضا عما يعن
ومخبتا لله يرجو ما لديه ومظهرا ذلته بين يديه
وليكن ناويا أدا فريضته إذ الوجوب ميزه بنيته
مستحضرالبيعة الإسلام بنية صادقة المرام
لأنه بايع خير المرسلين ببيعة الوسائط المبلغين
فإنه من جملة الخلصان من بايعوه بيعة الرضوان
فبيعة الرجال فيما قد سلف وما قفا به الأوائل الخلف
كمنشط ومكسل ويسر ومشهد وغيبة وعسر
وبيعة النساء شيء ثاني وهو الذي قد نص في القرآن
وقدت أخذت جهدي التلقينا والبيعة لمؤسسين الدينا
عن أحمد الزاهد نجل السيد أحمد مقياس الهدى والرشد
عن شيخه سيدنا المختار قدوة أهل البدو والأمصار
عن شيخه محمد ابن أحمد أعني الولاتي الهمام الأمجد
وعن أبي عمر عالي السمتي محمد ابن أحمد التزقتي
عن شيخه أبي البقاء الزيد ذي المكرومات والجدا والأيدي
عن شيخه السيد ذي المآثر أبي أحمد المحجوبي الجلكري
عن شيخه غوث الورى جلاءرين القلوب أحمد البكاء
وعن أبيه شيخه الولي سيدنا محمد الكنتي
عن شيخه القطب المؤيد العلي المرتضى أبيه سيدي علي
عن شيخه أبيه يحي من أمر سبعين تلميذا وكلا ائتمر
عن شيخه سميه أبيه يحي الكريم الفاخر النبيه
أخذ يحي عن أبيه دومان محمد شيخ المشائخ الحسان
عن شيخه أحمد يهس أبيه شمس الضحى بدر الدجى النبيه
وعن أبيه شيخه تميم عن شيخه والده الزعيم
وهو سعيد المرتضى من تابعي التابعين معدن المنافع
عن شيخه محمد من لقبا بطول ضربه بلفظ يضربا
وهو أبوه عن أبيه المشتهر عند الأنام بسعيد الأبر
عن عقبة ابن نافع أبيه القرشي الماجد الوجيه
وأخذ البيعة والتلقينا عن صفوة الأنام أجمعينا
وهو يشير بهذا البيت إلى أن عقبة أخذ عن النبي صلى الله عليه وسلم, وهو ما يرد ما ذهب إليه كثير من المؤرخين والحفاظ إلى أن عقبة لم تثبت له صحبة، والراجح ثبوت صحبة عقبة فقد ولد عام البعثة أو عام الهجرة, يدل على ذلك خروجه مع عمرو ابن العاص في فتح فلسطين وقيل إن أباه نافع ابن عبد قيس معهما فلو كان ولد قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بشهر لما خرج في هذا الفتح ولكان ابن سبع أو ثمان سنين وقد تولى فتح مدينة العريش، وولاه عمر رضي الله عنه فتح بلاد النوبة ولم يكن عمر يولي إلا الصحابة، كما ثبت أنه ذكر في دعائه وهو يقف مع ثمانيةعشر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على وادي القيروان فقال اللهم إنا أصحاب نبيك فلو لم يكن صحبيا لما نسب نفسه إلى الصحبة ولقد ظل رضي الله عنه يذكر جيوش الفتح بالبيعات وينوه بها ويتعلق. وهو من أكبر الفاتحين فتح العريش والنوبة وإفريقية إلى الزاب إلى برك الغماد حتى خاض فرسه في المحيط الأطلسي فقال إلهي لولا هذا البحر ما تركت معبودا يعبد سواك.
وهو عقبة بن نافع بن عبد قيس بن عامر بن أمية بن عائش بن الظرب ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وأبناء عقبة هم : موسي ومرة وهوأبو عبيدة عامر وعياض وعثمان وعبد الله وحبيب وعمرو وسعيد وهو أبو العاقب أو محمد العاقب وقد روي ابن عبد البر للعاقب بن سعيد بن عقبة بن نافع, وأمهات معظمهم جواري. أخرج ابن عبد البر في الاستيعاب قال روى محمد بن علقمة عن يحي بن عبد الرحمن بن حاطب قال لما فتح عقبة بن نافع افريقية وقف على القيروان فقال يا أهل هذا الوادي إنا حالون به إن شاء الله تعالى فاظعنوا ثلاث مرات قال فما رأينا حجرا ولا شجرا إلا يخرج من تحته حية أو دابة حتى هبط بطن الوادي ثم قال انزلوا بسم الله. وقيل إنه أخو عمرو بن العاص لأمه أمهما سلمى الملقبة النابغة بنت حرملة من بني عنزة من بني أسد. ولد الشيخ سيد المختار رحمه الله تعالى سنة 1140 للهجرة وتوفي 1224 كما جزم به حفيده الشيخ باي بن الشيخ سيدي عمر بن الشيخ سيدي محمد.
وتوجد نسخة من كتاب فتح الوهاب عند آل مولاي إسماعيل وهي موروثة عليه وهو جد شرفاء النعمة وهو من تلاميذة الشيخ سيد المختار المباشرين أشار عليه ببناء النعمة ,وهو من أحفاد الشرفاء العلويين عمهم محمد بن محمد أحمد العلوي السجلماسي خادم الروضة الشريفة, المتوفى 1101هجرية وهو صاحب قصيدة “ألا مقلتي” في مدح الشيخ سيد امحمد الكنتي وذريته نوه بها الشيخ وقال إنه لا يتوسل بها عبد إلى الله في حاجة إلا قضاها الله كائنة ما تكون, لكثرة ماتضمنته من أولياء الله من أبناء سيدي محمد الكنتي.
والله ولي التوفيق