إلى “صخرة الملتقى”… فنانتي الرائعة المسحورة/ الشيخ بكاي
تقول حكاية أسطورية إن “تنْمصَّه” وهي الصخرة التي تظهر في الصورة كانت فنانة ساحرة الجمال عذبة الصوت تزين مجالس أمير إحدى القبائل الموريتانية وتطربها، وفي الوقت ذاته يصل غناؤها إلى قبيلة منافسة تقيم مضاربها على بعد ما يقدر الآن بـ 14 كيلومترا حاملا رسائل من الأمير، فترد هذه القبيلة من مجلس غنائي مماثل بصوت مغنية أخرى جميلة عذبة الصوت تدعى “أم اقريان” ..
ولم تورد الأسطورة أسباب تحول الفنانتين الرائعتين إلى صخور هي “أﮔراف تنمصة” و” أﮔراف أم اقريان”.. (الﮔرفه تعني الصخرة الكبيرة الاصغر من الجبل).
وفي عصرنا الحالي سمعت من عجائز أنه قبل أن أولد كانت الفنانة ﮔرمي بنت الزمل والدة الفنان سيداتي ولد آبه وجدة الفنانة الراحلة ديمي بنت آبه تغني في “الحلة” ليلا عند “تنمصه”، فيصل غناؤها الأحياء البدوية المحيطة بـ”أم اقريان” فيسكن كل صوت.. وكان صوتها – حسب الرواية يصل إلى أحياء تحيط بـ “أﮔراف الدير” شمالا حيث ترقد في سكينة منذ غادرت عالم الأحياء…
كانت ﮔرمي ذات صوت قوي رقراق صقيل..
أدمنتُ صوت ديمي ابنة ﮔرمي عند “تنمصه”، لكن الصخرة المسحورة غنت لي أيضا، وبادلتني الحب في أرقى صوره، وأودعت قلبي أسرارا لن أبوح بها..
قبل أن يكون للرعاة هواتف محمولة لم أكن أحتاج إلى بذل جهد في أن أواعدهم في مكان معين.. كانوا يعرفون أنه حينما تكون عطلتي في بداية الخريف، فالموعد “صخرة الملتقى” (تنمصه).. وستكون الحركة بعدها في المنطقة الواقعة ما بين “أﮔراف أم اقريان” و”الحفرة البيضاء” إلى “ﮔلب السيحان (جبل..)” شمالا..
ويعرف الرعاة أنه إذا كانت العطلة في منتصف الخريف فالموعد في منطقة “الحرج”، أو إلى الشمال أو الغرب من “عـﮔدة أهل آبه” (غابة أهل آبه) في بطحاء ابراهيم .. أو” انكدي” و المجينغره”..
ويأخذنا الرحيل إلى“أم الطبول”، أشاريم”، تنيامل”، “اشوي”و”تيمُجيج” ..
أما إذا كانت العطلة شتاء فالموعد “أﮔدرنيت” في منطقة الرشيد ليأخذنا الترحال بين “الكروميات” و“أدندون العلوشية” وغرب “احسي الـﮔاره”.. و”تشنات”..
واليوم اتصلت بالراعي الذي يملك الآن هاتفا خلويا متطورا لأبلغه أني قادم، فذكرني بأن موعدنا “تنمصه”..
أنفقت الكثير من الوقت والمال على عطلي في أرض “تـﮔانت”.. قد لا نتفق على فائدة ذلك، لكن أقسم أنه إذا كانت السعادة تقاس بما بداخل النفس فإنني لأسعد من عبدة المدن…
الشيخ بكاي
نشر للمرة الأولى 5 أغسطس 2016