إلى النظام و خصومه.. البلد يغرق…./ الشيخ بكاي
كتبت المادة قبل عام…
لا أنتمي إلى الموالاة، ولا إلى المعارضة مع أنه يفترض حسب المقاييس في البلد أن أكون أقرب إلى “المعسكر المغاضب”.. ولو حكَّمت عواطفي والظروف المحيطة بي، ومثقال ذرة من “الانتقام للذات” لأضرمت النار في البلد الذي أنجب هذا “الحاكم” لا الحاكم فقط.
غير أني لا أحكم على الأمور من واقع شخصي، ولا أرتهن للذات، وأعتبر ذلك قيدا للعدل الذي أدعو إليه، وللموضوعية التي أرى أن أي حكم لا يستند إليها يظل أخطل ناقصا. وأنا لذا أمارس حريتي بطريقة لا ترضي أيا من الأطراف الأخرى، لكنها ترضيني أنا.. ولعله في ذلك فائدة كبيرة هي تحقيق ما عجز البلد أن يحققه لي: (الرضا) ..
مثلا.. قد يغضب الساخطون على النظام إذا أنا اعتبرت التطبيل للفوضى – التي اتخذت من تطبيق إجراءات جديدة على السائقين ذريعة – خلطا، ودعوة غير محسوبة العواقب إلى إدخال البلد في نفق مظلم و وقوفا في وجه “الاصلاح”.. وبالدرجة نفسها قد يغضب “معسكر” النظام حينما أقول إن ما جرى يوم فاتح مايو إنذار بأن البلد جاهز للاشتعال لأن المواطن لم يعد يتحمل المزيد من الظلم والكذب والتجويع..
ليس معقولا أبدا أن نعارض فرض غرامة على سائق يسير جنونيا في الاتجاه المعاكس، ولا على آخر يكتب رسائل الدردشة وهو يقود السيارة.. ولا على ثالث يوقف سيارته فجأة على الطريق ويتبادل الحديث مع آخر في سيارة قام صاحبها بالشيء نفسه.. وأُدخل هنا كل المخالفات الأخرى موضوع الحديث هذه الأيام..
كتب البعض أنها لن تطبق إلا على الفقراء.. تلك مسألة أخرى.. هل علينا أن نضمن أن قريبك لن يسامحك، وأن النافذين لن يسلموا من تطبيق القانون قبل أن نصدره..؟.. مسألة استخدام النفوذ والقرابة والصداقة لا تعالج برفض القانون.. هي مسألة تعالج منفصلة، وركوب الخطأ من أجل الدفاع عن الحق يفسد الأخير.
” تحصيل”… كتب البعض.. نعم.. هذا النظام يبالغ في التحصيل وفرض الرسوم، وخصوصا عبر الأوراق.. لا جدال في ذلك. لكن ما نحن بصدده الآن من أكثرها فائدة لأنه يفترض أن يساعد في التقليل من الحوادث التي تحصد أرواحنا في شكل لافت… سيقول بعضكم من دون شك إن هذا ليس الأهم، ويتحدث عن “الطرق “المقعرة”… وطريق “بوتلميت” و”روصو…”.. أطمح معكم إلى أن تنتبه السلطة إلى خطورة طرق معينة وغياب أخرى، لكن سأظل أقول إن هذا الإجراء مهم، وليس موجها ضد الفقراء، هو مفروض على كل السيارات.
المعارضة مطلوبة والاحتجاجات شرعية ومطلوبة، لكن الخلط مرفوض، والفوضى قاتلة.. ولهذا النظام من السيئات ما يكفي معارضيه عن حجب الجيد من أفعاله ولا أعني بالضرورة هذا القانون فأنا أعتبره إجراء عاديا.. للنظام إنجازات أخرى ومعارضتها ضارة بالصدقية، مثلها تماما أن يستمع رب أسرة – يحمل حزمة من الشهادات وسنوات من الخبرة ويكدح ليل نهار، ولا يجد ما يسد به رمق أطفاله- إلى مسؤول يتحدث عن الرخاء والعدالة وانخفاض مستوى الفقر، والاحتياطي الكبير من العملات، والبترول، والذهب، والسمك ، ومليارات الدولارات من الهبات والقروض..
لنعارض إذن ما ينبغي معارضته، وليثمن من شاء منا ما يستحق التثمين، وللبعض أن شاء تجاهله.. المهم ألا يقع الخلط. وهو مصيبة منتقدي النظام.
من الأمور المزعجة لي في هذا النظام تساهله الكبير، إلى درجة تجعل المرء يتهمه بتشجيع انفجار البلد. فليستفد خصومه من هذه الحرية النادرة في إفريقيا والعالم العربي في احتجاجات مسؤولة مؤطرة ضد السيء من أفعاله، وليستخدم الكتاب لوحات المفاتيح على أجهزتهم في نقد السيئ.. هذا مشروع وذو فائدة. أما تحريك الغوغاء من وراء حجاب.. وتبنى التحرك الخطأ لأن في ذلك إغاظة للنظام فهي لعبة خطرة عديمة الصدقية قد تقود إلى ما هو أسوأ..
لا أتهم أي جهة بالوقوف وراء أحداث فاتح مايو، هي تبدو أقرب إلى العفوية وفي ذلك يكمن الخطر.. وهنا يتعين على كل الأطراف أن تعي أن النار حينما تشتعل يحترق الكل..
لا نلتقي في السياسة، لكننا من دون شك نلتقي في أنه لا بلد لنا غير هذا، وهو يغرق…
الشيخ بكاي
2 مايو، 2017
2 تعليقات