القوميون والإخوان.. “العقدة”../الشيخ بكاي
أتابع بعض ما ينشر الموريتانيون على وسائل التواصل الاجتماعي، وبعضه صادم من حيث اللغة الحوارية..
والغريب أنه من بين مستخدمي الكلمات “الجارحة” رجال حكم وسياسيون في الموالاة وفي المعارضة…
هؤلاء رغم تحفظي الشديد على القاموس المستخدم من طرفهم في الحياة العادية، وفي العالم الافتراضي، أجد بعض المبررات لصراعهم، فهو قائم حول الشأن المحلي…
ما لا أفهم هو هذا الصراع الجارح الذي يتخذ موضوعا له من “إيران” وحزب الله وتركيا، وجبهة “النصرة” و” أحرار الشام” وبشار الأسد..
من الطبعي أن يكون لكل واحد منا موقفه من أمور “الأمة”، وأن يدافع عنه؛ لكن هذه الحالة المرضية التي تتخذ أحيانا شكل الإرهاب الفكري تبدو لي شاذة.
إيران وتركيا بلدان مسلمان يقعان في الجوار العربي ولكل منهما أهدافه وطموحاته ومخططاته، لكن التعامل معهما ضرورة، وهما أقرب من “الأغراب” الآخرين.
والموضوع كله سياسي.. لا مجال هنا للمزايدة.. نحن كلنا مسلمون ونعرف بعضنا البعض.. وليس من بيننا من أهو أكثر غيرة على الاسلام.. وأي موريتاني يحاول احتكاره يجد نفسه في مواجهة مع كل الموريتانيين… وأكاد أجزم أنه على المستوى الديني لا فرق بين “الطبعتين” الإخوانية والقومية في موريتانيا.
وبعيدا عن الطائفية والمذهبية المقيتة التي أشعلها الأميركيون في المشرق أدخل الموضوع:
إيران مثلا: أرفض- شخصيا- دورها في العراق (ماضيا وحاضرا)، وأرفض أي محاولة منها للهيمنة على الخليج؛ أو محاولة لتصدير مذهبها، وفي الوقت ذاته أرحب بدعمها لحركة “حماس” الإخوانية المجاهدة ولحزب الله المقاوم، ولنظام بشار الأسد الذي أقف معه ضد الغطرسة الغربية والإرهاب وإسرائيل. لأني ببساطة لا أستطيع أن أقف في خندق واحد مع أميركا وإسرائيل في عملية التدمير الكاملة لأمتي… هذا رأيي وتفسيري للأمور، ولي الحق فيه…
في الوقت ذاته أجده مقبولا أن يقف آخرون مع المعارضة المسلحة السورية و”داعش” وأميركا وجبهة “النصرة” و” أحرار الشام” وإسرائيل وتركيا والأنظمة العربية المعروفة.. وله أن يقول إنه يقف مع الشعب السوري ضد “السفاح” .. هذا رأيه وتفسيره للأمور، ولا أحد يلومه عليه.. وأنا واثق من أنه يتبناه عن حسن نية…
المهم عندي في كل هذا أن يدافع كل عن رأيه بالتي هي أحسن، وأن يلتزم آداب الحوار وأن تكون الفكرة هي موضوع النقاش لا صاحبها..
“شيطنة” الإخوان غير واردة، فهم حركة وطنية لها ما للوطنيين وعليها ما عليهم.. وهي ذات حضور قوي في البلد وبها شخصيات محترمة لها تاريخها.. وأعتقد أنه أيضا لا أحد يجهل الدور النضالي للقوميين العرب الموريتانيين ولن أسهب في الحديث عنه..
ولعل الأهم في كل ما أود قوله هنا أن الصراع بين قوميي موريتانيا وإخوانييها صراع عبثي لا يقوم حول مصالح وطنية ولا يتخذ في الغالب من قضايا الوطن موضوعا له… وليس فيه إلا انشغال الطرفين بمعارك جانبية عن القضايا الكبرى للبلد..
ولأنني واثق من عدم جدوى حروب “الفيسبوك” التي ينخرط فيها هؤلاء أدعوا الجميع إلى “التخلص” من عقدة تاريخية تدفع بهم في مهزلة لا تخدم البلد ولا تخدم المجموعتين اللتين هما في الواقع مجموعة واحدة…
كتب في 16 مايو 2016
99 تعليقات