دعوة إلى الانتحار حرقا../ الشيخ بكاي
استمعت إليه باهتمام وهو يرد على أسئلة دقيقة أطرحها حول الحالة السياسية الراهنة والسيناريوهات المحتملة لمآلات الأمور في البلد…
بدا لي خلال اللقاء الذي جاء صدفة، على قدر كبير من الاطلاع على خفايا الأمور، وذا فهم عميق للمطبخ السياسي الداخلي لجهة هو من المستميتين في الدفاع عنها..
عرفته في السابق من دون احتكاك به، لكن أعترف أنني في هذا اللقاء اكتشفت لديه قدرات تحليلية ما كنت أعتقد أنه يتمتع بها..
وبالمناسبة لا يحتل الرجل موقعا رسميا………
قبل نهاية اللقاء سألته عن نشاطه، فنحن لم نلتق منذ فترة طويلة، وقاد الحديث إلي أنا أيضا.. ذلك أنه من بين أنشطته الخدمات الاتصالية، التي أحاول أن أمارس من دون نجاح يذكر، لأنني ببساطة أتجنب بعض طرق النجاح، ولم “أهتد” إلى التي أريد..
وإذا كانت تحليلات صاحبي للسياسة أثارت إعجابي، فإن رأيه في ما علي شخصيا القيام به كان صاعقا، صريحا ينطلق من فهم حقيقي للواقع…
كرر صاحبي “أنصحك” أمام كل فكرة يقدمها..
وخلاصة قوله أنه علي أن آخذ لتر بنزين وأعواد ثقاب وأضرم النار في نفسي: (قيمي، وماضيَّ ، ، وفي خبرة تراكمت عبر السنين.. )..
كلمات “النار” و”البنزين” و”أعواد الثقاب” مني لا منه، فقد كان يتحدث بتهذيب، واحترام، وهدوء، وثقة في ما يقول.. هذه الكلمات فقط ترجمت بها ما قال. وهي ترجمة أمينة..
بالنسبة إلى الخبرة دعا إلى نسيانها، وقبول رتبة “آبرانتي”.. هو استخدمها هكذا وأنا أحافظ عليها لأن دلالتها “الحسانية” لا الفرنسية أقوى من كلمة “مساعد” أو “متدرب” .. فهذه الخبرة في رأيه لا قيمة لها مالم يدخل صاحبها مجددا في شكل “آبرانتي” من أجل الوصول إلى الطريق..
واحترام الشخص لنفسه ليس مهما، إذ ليس أكيدا أن يكون الآخرون يرونه كذلك.. عليه أن يستعد نفسيا أن يعامل بازدراء، وألا يكون حساسا..
وينصح صاحبي بأن أكون “مثل كل الناس الذين تخلوا عن كل شيء” إذا كنت أريد أن أعيش..
كلامه صحيح.. وهو ناصح أمين.. وليس المشكل في قبول الأدوار الثانوية، فقد خدمت الدولة الموريتانية بصمت في أدوار “ثانوية” يشقى صاحبها، يسهر ويتعب، فيما ينام الآخرون، ويحصدون نتائج عمله المهني الذي لم يكن وقتها يخلو من خطورة..
المشكل الحقيقي هو أنني بعد عملية الانتحار حرقا، سأفقد شخصا يفترض أنه ضمن الذين أسعى من أجل إسعادهم..
121 تعليقات