… ورحلت اسويلمه… حزن كهل .. عويل طفل / الشيخ بكاي
بداخل كل واحد منا طفل يتذكر الذين كانوا يضمونه في حنان، ويقدمون إليه الهدايا الصغيرة…
بداخل كل واحد منا طفل يحتاج إلى الحنان والحب..
وبرحيل المرحومة اسويلمه ( مامه) أفقد حبا حقيقيا لم يعد نوعه متاحا هذه الأيام.. حب رحل.. ويرحل يوميا مع بقايا الذين يعرفون أن يحبوك لأنك “أنت”، ولأنهم “هم”..
أنا والطفل بداخلي نشعر بالفقد.. بفقد رهيب..
أفقت وأنا طفل على “الحرطانية” اسويلمه وهي سيده ذات قوة ونفوذ..يخافها الكل.. يحترمها الكل… يحبها الكل..
كانت بمثابة الأم لبنات الاسرة ولابنها الوحيد غفر الله لنا وله.. وكانت بالتالي أما لي لأنها أمهم…
*********** ******** ********* ******** *******
خلال العشرين سنة الأخيرة كنا نلتقي في البادية وخصوصا في منطقة لحرج.. كانت خيمتها مقصدي مهما كان في الحي البدوي من الاقارب…إذ في هذه الخيمة سأجد الحب (الحقيقي) والتقدير وكل ما هو جيد…
عزفت منذ زمن طويل عن أستهلاك “دهن” الماشية لكن القاعدة تُكسر حينما تقدم لي الـ “أكرط” الصغير، الأنيق…
كيف لا أستهلكه ؟.. إنه دهن مامه الجيد دائما.. لكنه أيضا حينما يكون لي تنتقي له الجلد الجميل و”ترببه” في شكل يعطي ما بداخله نكهة خاصة..
*********** ******** ********* ******** *******
لن أعزي أخواتي بنات اج ولد باب ولا افيطمات واعلي ومحمود، وجميع أهل لحرج … أنا في حاجة إلى من يعزيني…
بداخل كل واحد منا طفل يتحرر أحيانا من سلطة المسؤولية والغرور فينغمس في النحيب…
أسمع نحيب الطفل بداخلي.. لا .. إنه العويل..
رحم الله مامه..