“معزفي”…/ الشيخ بكاي
رحل عزيز، وقبله معاوية.. رحلا عن الحكم.. وسأرحل أنا وهما عن هذه الحياة مثل جميع الراحلين أي الأحياء على وجه الارض ..
الباقي لنا ،ومنا، هو ذكر طيب أو سيئ.. وصحائفنا باقية، أعني تلك التي يقرأ عنا أهل الدنيا..
أما الصحائف الاخرى فهي أبقى. والله ربنا كريم عفو غفور، شديد الأخذ.. أقر لمولاي بذلي وعجزي وضعفي وحاجتي إليه..
أما مع غيره فإنني أذكر نفسي بما كتبت في وقت سابق تحت عنوان:
“الهرب الكريم”:
في أيام طيب الذكر معاوية ولد الطايع كان تخلي الانسان عن كرامته وتحوله إلى بوق حقير أمرا مغريا: المال.. القصور السيارات..النفوذ…
صنعت لي عالما كنت أهرب إليه.. عشت فيه قصة حب عظيمة للارض، للنخيل، للإبل، للخيل، لأحاديث الرعاة..
كنت أعود من جنتي إلى نواكشوط، وأنا أشعر بالسمو، وأنظر إلى عالم “الاغراء” نظرة ازدراء..
وكنت في نظر بعضهم شخصا متطرفا يرفس النعمة، ويبدد دخله في الفيافي..
رحل معاوية، ومعه رحل المال والجاه والقصور، وبقيت الأبواق تخطب في وهاد “المَحْلِ”…
لم ترحل جبال تكانت، ولم ترحل وديانها وكثبانها وسهولها.. وما زالت أحاديث الرعاة تسمع.. ومازلت أتخذ “الهرب الكريم” معزفا للحياة..
الصورة بعدستي وهي لجانب من قطيع أعرفه ، وفي مكان أحبه “حتى الهيام”..