الفتاة التجانية التي سقتني خمرة “الوجد”/ الشيخ بكاي
… وقتها كنت شابا أحب الحياة وأعيشها في حدود ما أسمح به لنفسي..
وكنا اثنين لا نفترق في أوقات الفراغ.. نلتقي كل ليلة في مكان محدد سلفا…
أخذت تاكسي لألتحق بالصديق في مكان لهو وطرب..
معي ركبت فتاة (اشويبة) نحيفة، أنيقة.. سمراء بلون القهوة ..
قلت في نفسي إن الحديث معها يقصر الطريق من “إيلو سي” حيث أقيم، إلى حيث أنا ذاهب “سينكييم” … وقد تكون أفكار أخرى مرَّت…ربما…
يبدو أن كلا منا كان في واد… ردت على محاولة استنطاقي لها ب”دندنة” نحن في العادة نسمعها:
“الَّى إنَّ؟…الَّى إنَّ.. ألَّينَّ.. ألَّينَّ” وهي عند أصحابها من العوام ” الله.. الله.. الله”..
تغير “المود” ( المِزَاج).. ودخلت عالما آخر..
“تسمرت” أذناي على الصوت الذي كان جميلا للغاية، وعيناي على الوجه الذي بدا لي يشع نورا، وحركات رأسها يمينا ويسارا..
قلت للسائق إني سأدفع الاجرة كاملة، وطلبت منه ألا يأخذ أي راكب.. وتمنيت في داخلي أن تطول الرحلة..
انطلقت الفتاة تردد: ” أنا التجاني الا أنا..أنا التجاني الا أنا”..
ثم دخلت في دندنة هامسة أحسست أنها تمهد بها لإيقاع آخر، وشرعت تردد:”اخُّوتي الاخظرْ ما يعبرْ…”
نزلت الفتاة “الصوفية” في المكان الذي تقصد، وتركت لي جوا روحانيا، وأصداء صوتها الجميل..
قلت للسائق: عد إلى حيث أخذتني، ولك الاجرة مضاعفة..
والتزمت بيتي تلك الليلة فلا أريد فقد “خمرة الوجد” هذه..