لم يبق من صحب قافلتي إلا الظلال…/ الشيخ بكاي
في العام 2005 جئت مبكرا إلى البادية قبل نزول ما يكفي من مطر، وهي فترة مقلقة لأهل البادية لكنني أجد فيها لذة لأنها ترغمنا على “الرحيل” من مكان لآخر ، و أستمتع بـ”يوم “المَنْزَلْ”” الذي هومن أحلى الأيام…
وذات “رَحْلَه” وكنت أسوق سيارتي بين الكثبان الرملية والمرتفعات الصخرية لاح شبح “ابجاوي” اتضح في الأخير أنه صديقي أحمد ولد حد..
قلت للذين هم معي في السيارة : ” أنا أفضل أن أكون الراكب على الجمل، ويكون أحمد هو الذي يسوق السيارة”..
جلسنا في ظل شجرة في انتظار أن تنصب الخيم، ودخلنا في أحاديث متفرقة تناولت الامطار والمراعي وأمورا من هذا النوع..
وخلال الحديث قال أحمد لما رأيتكم “قلت في نفسي إني متأكد من أن الشيخ يفضل أن يكون راكبا جملي على ركوب سيارته”.
استغرب من كانوا معي في السيارة هذا الاتفاق وحكوا ما قلت لهم..
خلال سنتي الأولى في البادية العام 1998 اشتريت الـ “أزوزال” “الاشعل” الظاهر في الصورة الأولى..
والجمل الاسمر الظاهر في الصورة الثانية..
وعلى الرغم من أنني اشتريتهما ولا فكرة لدي عن البادية ولاركوب الجمال، فقد تعلمت بسرعة وأحببت الركوب، وتجرأت على السباق في حدود…
اشتريت الكثير من “المراكيب” وربيت منها الكثير من أبناء نوقي التي لم أرثها عن أهل، بل هي من نقود يحصل عليها صحفي يعمل مراسلا لـ” بي بي سي” و”آسوشيتد بريس” وجريدة “الحياة” اللندنية…
هذا الصحفي يسافر كثيرا إلى أوروبا، ويغطي مناطق مختلفة في إفريقيا إضافة إلى موريتانيا، لكنه يفرض لنفسه شهرين في البادية كل خريف،مع أيام خلال موسم الشتاء..
خلال العشر سنوات الأولى كانت بادية تگانت ماتزال تستقطب” بدوا جددا” قادمين من المدن، وتحافظ على بعض أهلها الأصليين…
وخلال العشرية الأخيرة لم يعد في يد محب البادية مثلي سوى أن يردد مع مظفر النواب:
“لَمْ يَبْقَ لِي مِنْ صَحْبِ قَافِلَتِي سِوَى ظِلِّي
وَأَخْشَى أَنْ يُفَارِقُنِي..وإن بَقِيَ القليل”.