محامي يكشف كواليس وفاة ودفن المرشد السابق لإخوان مصر
“القدس العربي”- وكالات: كشف محام بارز في قضايا الدفاع عن متهمي قيادات جماعة الإخوان المسلمين وكوادرها في مصر، عن كواليس اللحظات الأخيرة للمرشد السابق للجماعة، محمد مهدى عاكف، الذي توفي، مساء الجمعة، عن عمر ناهز 89 عاما في مشفى حكومي وسط القاهرة، نُقل إليه إثر تدهور حالته الصحية بالسجن.
وقال المحامي فيصل السيد محمد، وهو أيضا عضو بهيئة الدفاع عن عاكف، في شهادة مطولة، عبر صفحته بموقع “فيسبوك” عن روايته لواقعتي وفاة ودفن المرشد السابق إنها “للتاريخ والتوثيق”.
وأوضح أن عاكف توفي في الغالب بعد ظهر الجمعة.
وعن كواليس ما بعد الوفاة، قال فيصل السيد: “تحول العنبر (غرفة بالمستشفى) الموجود فيه جثمان عاكف إلى ثكنة عسكرية، لا يتم التحرك فيه أو في مستشفى القصر العيني الفرنساوي (يتبع وزارة الصحة) إلا بأمر الأمن، حتى أن زميلنا المحامي محمد سالم، كان مقيد الحركة إلا بإذن الأمن، وكان يقوم بإنهاء تصاريح الدفن”.
وأوضح أن شخصا واحدا من عائلة عاكف، وهو زوج ابنة شيقيته من حضر الغسل قائلا: “قام بتغسيل الجثمان زوج ابنة أخت فقيدنا الغالي (لم يسمه)، ولم يسمح الأمن إلا له بحضور الغسل”.
وأشار إلى أن عاكف الذي كان المرشد السابع للجماعة، كان رابع مرشد يتوفى يوم جمعة، قائلا: “توفي الأساتذة، محمد حامد أبو النصر ( 1913-1996 المرشد الرابع للجماعة)، و مصطفى مشهور (1921 – 2002 المرشد الخامس)، ومأمون الهضيبي (1921-2004 المرشد السابع) في يوم جمعة”.
وكشف أن من “قام بالصلاة داخل مصلى المستشفى على فقيدنا (عاكف) خمسة رجال: هم زوج بنت أخته، والمحامي، وثلاثة رجال من الداخلية، وأربع سيدات هن زوجته (وفاء عزت) وابنته (علياء)، وأخرتان (لم يسمهما)”.
وأوضح أن زوجة عاكف، خاطبته بعد الصلاة عليه قائلة: “مت يا حبيبي كما كانت وفاة أستاذك حسن البنا، وتشيع كما شيع معلمك البنا رحمة الله عليك”.
وكان البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين توفي بمستشفي حكومي بالقاهرة متأثرا بجراح طلق ناري أطلق عليه في أحد شوارع العاصمة، في فبراير/ شباط 1949، وفرضت حراسة أمنية مشددة على جثمانه عقب الوفاة وتم منع أي شخص من حضور جنازته ومراسم دفنه باستثناء أسرته.
** كواليس الدفن
وأشار محامي عاكف، إلى أن “قوات الأمن سيطرت على الجثمان الطاهر، ولم تسمح لأحد حتى زوجته وابنته، بالاقتراب منه وحمله أومصاحبته حتى المقابر”.
وأضاف “ذهبت لفتح المقبرة (بمقابر الوفاء والأمل شرقي القاهرة) بالتنسيق مع ابنة الأستاذ عاكف، وكان أوصى أن يدفن بجوار الأستاذ المرشد عمر التلمساني (1904- 1986 المرشد الثالث للجماعة)، ومصطفى مشهور، والحمد لله نفذت وصيته”.
وتابع “فوجئت بأن المقبرة محاصرة وعبارة عن ثكنة أمنية، حتى أن قيادات الأمن الموجودة اصطحبتني حتى داخل المقبرة مع التنبيه عليّ بعدم التصوير”.
وقال محامي عاكف، “أُشهد الله أن المقبرة كانت مضاءة ويكأن مصدر النور من السماء، وقلت لرجال الأمن ذلك فسكتوا”.
وأضاف “قامت قوات الأمن بإخراجي من المقابر، وتم فرض كردون (سياج) أمني على مدخل المقبرة، وأدخلوا السيارة التى تحمل الجثمان من مكان آخر حتى لا نحضر الدفن ولا نراه”.
واستطرد “تنبهنا لذلك، قمنا بمحادثة القيادات الأمنية الموجودة، فلم تسمح إلا لزوجته وابنته والأستاذ عبد المنعم عبد المقصود المحامي (رئيس هيئة الدفاع عن عاكف)”.
وأوضح أن عدد الحضور كان “حوالى عشرين رجلا، ومثل عددهم نساء”.
وأشار إلى أن من بينهم المحامي البارز، خالد بدوي، ووزير القوى العاملة الأسبق، خالد الأزهري، وأبناء وزوجة محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا.
ولفت إلى أنه أثناء الدفن ومواراة جثمان عاكف، قام بدوي، بالدعاء ونحن نأمن خلفه، مع استمرار تواجد قوات الأمن بمحيط المقبرة حتى بعد إتمام الدفن.
ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من وزارتي الداخلية والصحة، أو أسرة عاكف حول ما جاء في تلك الشهادة، غير أنها متطابقة مع أحاديث أخرى أجرتها الأناضول مع شهود عيان ورئيس الدفاع عن المرشد السابق للإخوان.
** أربعة أشخاص
وصباح اليوم السبت، قال عبد المنعم عبد المقصود، رئيس هيئة الدفاع عن عاكف، في تصريحات خاصة للأناضول، إنه “تم دفن عاكف في مقبرته بمقابر الوفاء والأمل (شرقي القاهرة)، في تمام الساعة الواحدة من صباح اليوم، بتوقيت القاهرة (00:00 ت غ)”.
وأشار إلى أن الجهات الأمنية سمحت لأربعة أشخاص بالتواجد أثناء الدفن (هو، وزوجة ونجلة وحفيد عاكف فقط).
وعقب مراسم الدفن، قالت علياء نجلة الراحل عاكف، في تدوينة عبر صفحتها بـ”فيسبوك”: “منعوا كل حاجة” دون تفاصيل.
وقالت إن والدها “طلب الشهادة ونالها”.
وأضافت “ربنا يصبرنا على الفراق ويهون علينا بعدك (..)، ربنا يربط على قلوبنا ويثبتنا”.
وكان مصدر مقرب من عائلة عاكف، مفضلا عدم ذكر اسمه، قال في تصريح سابق للأناضول، إن محاميه تلقوا تعليمات من الأجهزة الأمنية بإتمام مراسم الدفن مساء الجمعة.
وكانت جماعة الإخوان المسلمين، حملت في بيان الجمعة، السلطات المصرية المسؤولية الكاملة عن وفاة مرشدها السابق، داعية لصلاة الغائب عليها ، وحددت إقامة عزاء له، الأحد، في أحد الفنادق الكبرى خارج مصر.
وودع عاكف الحياة، الجمعة، وهو محبوس على ذمة قضية واحدة، وهي أحداث مكتب الإرشاد (المكتب الرئيسي لجماعة الإخوان) في منطقة المقطم (شرقي القاهرة)، الذي تولاه يوما ما والجماعة في قمة مجدها، وصدر بحقه حكم بالمؤبد (السجن 25 عاما)، ثم ألغته محكمة النقض، في يناير/ كانون ثانٍ الماضي، وتعاد محاكمته.
وعاكف تم توقيفه في يوليو/ تموز 2013، عقب الإطاحة بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا بالبلاد، ضمن آخرين من قيادات الجماعة، وخلال السنوات الأربعة التالية للقبض عليه، تدهورت حالته الصحية، وسط تقارير حقوقية وصحفية تتحدث عن إصابته بانسداد في القنوات المرارية والسرطان.
ويُعد عاكف، صاحب لقب “أول مرشد عام سابق” للجماعة، حيث تم انتخاب محمد بديع خلفا له، بعد انتهاء فترة ولايته في يناير/كانون ثان 2010، وإعلان عدم رغبته في الاستمرار بموقع المرشد العام، ليسجل بذلك سابقة في تاريخ الجماعة بمصر التي تأسست في 1928.