الجزائر تتفاوض مع متطرفين إسلاميين عبر وسطاء ماليين من أجل تسليم أنفسهم
الخبر الجزائرية- شهد عام 2017 تطورا مهما على جبهة مكافحة الإرهاب في شمال مالي ومنطقة الساحل عموما، ففي عام 2017 استسلم عشرات المطلوبين للأمن الجزائري الموجودين في حالة فرار شمال مالي و في دولتي النيجر وليبيا.
هؤلاء سلموا أنفسهم لوحدات عسكرية في الحدود الجنوبية والجنوبية الشرقية، حسب بيانات صدرت عن وزارة الدفاع الوطني. المفاوضات الناجحة التي انتهت باستسلام عشرات المطلوبين الذين كانوا ضمن جماعات مسلحة شمال مالي وفي دول الساحل شجعت جمهورية مالي على انتهاج الأسلوب نفسه، حيث عرض الرئيس المالي في نهاية عام 2017 على المسلحين من أعضاء تنظيمات سلفية جهادية، الاستسلام مقابل العفو عن كل مسلح غير متورط في جرائم قتل.
وكشف مصدر أمني رفيع ، أن المطلوبين الذين سلموا أنفسهم تباعا في عام 2017 ، ينتمون إلى ثلاث فئات، ولا يتعلق الأمر فقط بأعضاء تنظيم القاعدة في بلاد المغرب وجماعة المرابطين، بل بمجموعات أخرى عديدة مصنفة كلها في خانة ” جماعة إرهابية تنشط في الخارج “، والغالبية العظمى من المطلوبين الذين استسلموا وألقوا السلاح تنحدر من ولايات الجنوب لكنها مختلفة من ناحية الولاء التنظيمي أوالانتماء السياسي، وأشار مصدرنا إلى أن نسبة مهمة من بين المطلوبين الفارين الذين تقدموا إلى الجهات الأمنية صدرت في حقهم أحكام غيابية بالإعدام وبالسجن المؤبد من محاكم جنائية جزائرية وأحيانا من محاكم في مالي والنيجر، بتهم تهريب السلاح أوالانتماء لجماعة إجرامية مسلحة، لكن التحقيقات لم تشر إلى أن المطلوبين المدانين كانوا ضمن جماعات سلفية جهادية مصنفة في خانة الجماعة الإرهابية في البداية، ومن أجل قطع الطريق عن الإرهابيين في شمال مالي وفي النيجر، قررت السلطات الجزائرية افادة هذه الفئة من المطلوبين بتدابير السلم والمصالحة، بشرط أن تثبت التحقيقات عدم تورط المطلوبين الفارين في جرائم تهريب مخدرات.
وقد سمح الإجراء باستسلام العشرات من المطلوبين المسلحين الذين كانوا على وشك الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية في شمال مالي، الفئة الثانية من المطلوبين الذين استسلموا، المستفيدين من تدابير السلم والمصالحة كانت تمثل مجموعة قليلة العدد من الشباب الذين قرروا في عام 2012 والتحقوا بالحركات الانفصالية في إقليم أزواد ، وحاربوا في الأشهر الأولى ضد الحكومة المالية ، إلا أنهم ما لبثتوا أن تورطوا في جماعة أنصار الدين التي يقودها أياد آغ غالي ، ووجدوا أنفسهم منخرطين في جماعة إرهابية تنشط في الخارج ، وقد باشرت هذه المجموعة في وقت مبكر أي قبل سنوات، التفاوض للعودة إلى البلاد والاستفادة من تدابير السلم والمصالحة وقد استسلمت الغالبية العظمى من هذه الفئة للجهات الأمنية في الفترة بين عامي 2013 و 2017 ، أما الفئة الثالثة والأخيرة ، وهي الأخطر، فهي تمثل العناصر التي التحقت بالفعل بجماعات إرهابية في مالي ودول الساحل و ليبيا، وقد انشأت قيادة الجيش في عام 2013 مجموعة من المختصين في الأمن من أجل التواصل مع الفارين في شمال مالي وفي ليبيا واقناعهم بالاستسلام ويتم التواصل مع عناصر هذه المجموعة.
وكشف مصدر أمني رفيع، أن التواصل يتم في العادة عبر وسطاء محليين من شمال مالي عبر قنوات أمنية ، وفي حالات أخرى، يستغل الخبراء الأمنيون عمليات اختراق الاتصالات الهاتفية للإرهابيين أوشبكة الراديو من أجل التواصل مع الجزائريين الفارين، حيث يعرض عليهم الضباط المختصون العودة والاستفادة من تدابير السلم والمصالحة. وفي حالات أخرى، تبث رسائل بالراديو أو بالهاتف وحتى عبر الأيمايل، رسائل وصور من أقارب الإرهابيين الفارين.
وتعتبر القيادة العسكرية نجاحها في تقليص عدد الإرهابيين الفارين في شمال مالي وبلدان الساحل وليبيا أحد أكبر المهام الأمنية حساسية وأهمية بسبب خطورة هذه العناصر على الأمن الوطني بسبب قدرتها على الحصول على مختلف أنواع السلاح .