إحياء مَطلَب الحماية الدولية
ما جرى على الخط الفاصل بين قطاع غزة وبين الأراضي المحتلة في العام 1948 أثناء الفعاليات السلمية ليوم الأرض وسقوط أعدادٍ كبيرة من الشهداء برصاص جيش الاحتلال، وعودة قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى توسيع ممارساتها لعمليات الإعدام الميداني في مناطق مُختلفة من الضفة الغربية، يستدعي إحياء مطلب الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.
عودة «إسرائيل» لممارسة عمليات الإعدامات الميدانية الفورية على مناطق التماس مع القطاع، وفي مُختلف مناطق الضفة الغربية في القدس والخليل وبيت لحم وعموم ومدنها وبلداتها وقراها ومخيماتها، جرائم حرب موصوفة بكل ما للكلمة من معنى، وهو ما يستوجب تدخل المجتمع الدولي ومحكمة الجنايات الدولية، لردع ووقف عربدة الاحتلال التي فاقت كل تصور.
السلطة الوطنية الفلسطينية مدعوة إلى الرد بخطوات عملية ملموسة على جرائم الاحتلال، وأولها الإسراع لنيل عضوية محكمة الجنايات الدولية، وتقديم مايلزم بحق دولة الاحتلال، متضمناً مسلسل جرائم الحرب «الإسرائيلية»، والتي تشمل الإعدامات الفورية في الأراضي الفلسطينية التي تقوم بها قوات الاحتلال، فضلاً عن جرائم نهب الأرض والاستيطان التهويدي الاستعماري، وجرائم الحروب والحصار على قطاع غزة.
في هذا السياق، ومن أجل كَسرِ المعادلة الراهنة لواقع الحال التي تَمُرُ بها القضية الفلسطينية ــ وبغض النظر عن ماهو مطروح في شأن مابات يُعرف بصفقة العصر، التي سماها الرئيس محمود عباس صفعة العصر ــ وفي خطوة ملموسة من التحرك المطلوب في إطار المجتمع الدولي، تأتي أهمية تَلقف مَطلَب وفكرة إحياء مشروع قرار إرسال قوات دولية لحماية الشعب الفلسطيني من الاحتلال والاستيطان «الإسرائيلي» الاستعماري التوسعي، وهي فكرة سبق أن تم طرحها إعلامياً (فقط) في مرات سابقة من قبل منظمة التحرير الفلسطينية والجامعة العربية، وقد جوبهت برفض فوري من دولة الاحتلال ومن الإدارة الأميركية، على رغم أنها لم تأخذ طريقها للطرح العملي على المستويات الدولية المسؤولة.
إن طرح الفكرة إياها، وإن كانت صعبة التحقيق في الوقت الراهن بسببٍ من الرفض الأميركي لها، إلا أنها مسألة على غاية الأهمية لتقديم المبادرة السياسية المضادة لما تروجه الرواية «الإسرائيلية» في شأن مايجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولتحريك المجتمع الدولي، والضغط السياسي على «إسرائيل» لوقف عربدتها وسلوكها الفاشي اليومي ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
لقد سبق أن قامت الأسرة الدولية ممثلة بالأمم المتحدة ومجلس الأمن باتخاذ قرارات لها علاقة بحماية العديد من شعوب العالم التي كانت واقعة تحت نير الاحتلال الى حين استقلالها التام، وحتى الشعوب التي كانت واقعة تحت نير الظلم والاستبداد الداخلي في بلدانها كما حدث في الكونغو ورواندا وغيرهما من دول أميركا اللاتينية. حدث هذا في الكونغو وناميبيا على سبيل المثال، في ظل الانتفاضات التي قام بها شعب ناميبيا التي وقعت تحت سيطرة جنوب أفريقيا (زمن الحكم العنصري) بعد خروجها من التاج البريطاني، وهو ما قاد في النهاية الأمم المتحدة للتدخل المباشر على الأرض لتحمل المسؤولية المباشرة وحماية شعب ناميبيا، واعترافها بمنظمة (سوابو) باعتبارها الممثل الرسمي للشعب الناميبي في العام 1973، وصولاً لاستقلالها الكامل عن جنوب أفريقيا في العام 1985.
علي بدوان – كاتب فلسطيني والمقال للحياة
100 تعليقات