محتجون يطردون سياسيا لبنانيا بارزا من حفلة موسيقية
بيروت (رويترز) – من الجامعة التي تخرج منها وأعطى دروسا فيها تم طرد رئيس حكومة لبنان الأسبق فؤاد السنيورة على وقع أصوات علت تتهمه باللصوصية وتطلب مغادرته حفلا فنيا.
وكان السنيورة وزوجته هدى قد وصلا ليل الأحد إلى قاعة أسمبلي هول في الجامعة الأمريكية في بيروت لحضور حفل موسيقي بمناسبة عيد الميلاد يحييه العازف الموسيقي اللبناني جي مانوكيان وكورال الفيحاء.
ولدى ظهور السنيورة في الصفوف الأمامية بدأ الحاضرون في القاعة بترديد هتافات تقول ”برا. برا. برا، سنيورة طلاع برا“ و“ثورة. ثورة. ثورة“.
وأظهرت مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي استجابة السنيورة للمطالب وانسحابه من القاعة بحراسة أمنية قبيل بدء العرض الرسمي.
والتزم السنيورة الصمت فور مغادرته مبنى الجامعة واكتفى صباح يوم الاثنين بالتعليق عبر حسابه على موقع تويتر قائلا ”تحملت مسؤولياتي في لبنان الأخلاقية والوطنية والجامعية والأكاديمية والمصرفية والسياسية-الوزارية والرئاسية والنيابية. أصبت في الكثير وربما أخطأت في البعض. وسيثبت التاريخ أنني عملت بالفعل ودائما لمصلحة لبنان. اليوم أقف كما وقفت صامدا في السلم والحرب والانتفاضة إلى جانب اللبنانيين“.
وقالت تيريز (70 عاما) وهي من الحاضرين في الحفل لرويترز إن السنيورة كان جالسا في الصف الأمامي ”بدأنا نصرخ: ثورة ثورة سنيورة طلاع برا… لم يتحرك“.
وأضافت ”وبعد أن ازداد الصخب الموسيقي لم يتحرك وتزايد الصراخ، الناس لم تعد راغبة بالحفلة الموسيقية بعد الآن، هم بالمغادرة“.
وخلال الهتاف لطرد السنيورة جرت مناقشات محتدمة بعضها يطالب أن ينطبق هذا الموقف على كل السياسيين في البلاد. وطالبت إحدى منظمات الحفل من الجمهور الفصل بين السياسة وبين العرض الفني ولكن مطالبتها لم تزدهم إلا إصرارا.
ويبرز هذا الحادث أن الاحتجاجات تجاه السياسيين الذين تمتعوا بدعم من أنصارهم الأساسيين على الرغم من تدهور الأوضاع الاقتصادية أصبحوا الآن هدفا لغضب العديد من الناس أينما حلوا.
كما يبرز أن الناس كسرت المحظورات وباتت تشعر بحالة من عدم تبجيل تجاه شخصيات بارزة كانت خلال فترة طويلة من الزمن تحظى بالاحترام.
ولقد تجنب العديد من السياسيين في البلاد الظهور في التجمعات العامة خوفا من أن يستهدفهم المحتجون الغاضبون الذين دفعتهم مستويات معيشتهم المتدنية إلى النزول للشوارع ضد النخبة الثرية في البلاد.
والسنيورة تخرج في ستينيات القرن الماضي في الجامعة الأمريكية في بيروت والذي أصبح لاحقا محاضرا فيها قبل أن يدخل إلى عالم السياسة ضمن فريق رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري.
وتولى السنيورة مرات عدة حقيبة وزارة المال تارة بالوكالة وتارة أخرى بالأصالة قبل أن يصبح رئيسا للوزراء في الفترة التي تلت اغتيال الحريري عام 2005.
ومن ضمن الأسباب التي دفعت الطلاب في الجامعة الأمريكية إلى طرد السنيورة من قاعة الجامعة كان توجيه الاتهامات لرئيس الوزراء الأسبق بما اعتبروه هدر المال العام.
وقد عبر الطلاب عن رفضهم وجود أي سياسي بينهم في زمن اندلاع الاحتجاجات التي انطلقت من بيروت في 17 أكتوبر تشرين الأول.
وبعد قيام الاحتجاجات في لبنان فتح المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم تحقيقا في الحسابات المالية عن الاعوام السابقة ومن بينها 11 مليار دولار غير موجودة في سجلات الدولة.
وقد استمع القاضي إبراهيم إلى شهادة السنيورة الشهر الماضي، فأكد رئيس الحكومة الأسبق أن الصرف المالي في عهده كان يتم على أساس القواعد المتبعة في ظل عدم وجود ميزانية بعد عام 2006.
وقال الطالب زين سليمان ”ما فينا نتقبل شخص كان رئيس حكومة وبفترة حكمه ضاعت مليارات الدولارات من خزينة الدولة ومش معروف لوين راحت هيدي المليارات“.
واعتبرت الطالبة ندى العلي أن السنيورة تحديدا يعتبر شخصا مستفزا في هذه الآونة. وأضافت ”بعد كل شي عم بيصير بالبلد كيف الهن عين يجوا ويقعدوا بالصفوف الأولى وكبار الشخصيات“.
وقال المايسترو باركيف تاسلاكيان قائد كورال الفيحاء ”يجب أن يفهم السياسيون أنهم أصبحوا منفصلين عن الشعب وهذا ما فهمته مما حصل اليوم ويجب عليهم أن يعالجوا الوضع بسرعة“.
وبعد مغادرة السنيورة عادت القاعة إلى الأجواء الموسيقية الميلادية والأغاني الوطنية التي أطلقت خلال الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990 وابرزها اغنية زكي ناصيف (راجع يتعمر لبنان).