السعودية تصدر أحكاما بإعدام خمسة وسجن ثلاثة في قضية خاشقجي
الرياض (رويترز) – حكمت السعودية يوم الاثنين بإعدام خمسة أشخاص وسجن ثلاثة آخرين في قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي العام الماضي، لكن محققة من الأمم المتحدة اتهمت المحكمة ”بالاستهزاء“ بالعدالة من خلال السماح لمدبري الجريمة التي وقعت العام الماضي بالإفلات من العقاب.
ورفضت محكمة سعودية نتائج تحقيق للأمم المتحدة وقضت بعدم وجود ”أي نية مسبقة للقتل عند بداية هذه المهمة“ وقالت إن القتل كان ”لحظيا“.
وقال شلعان الشلعان وكيل النيابة العامة السعودية والمتحدث باسمها إن المحكمة ردت أيضا طلب المدعي العام بمعاقبة الثلاثة المتبقين من بين 11 شخصا خضعوا للمحاكمة وتوصلت إلى عدم ثبوت إدانتهم في القضية. ولم يكشف عن اسم أي متهم حتى الآن.
وقال مسؤول كبير بإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن الأحكام ”خطوة مهمة“ في محاسبة المسؤولين عن الجريمة. ويقول منتقدون إن ترامب تساهل مع السعودية بشأن مقتل خاشقجي الذي كان يقيم في الولايات المتحدة وينتقد ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للمملكة.
لكن مصدرا مطلعا على تقييم المخابرات الأمريكية قال إن وكالات رئيسية بالحكومة الأمريكية اعترضت على صحة الإجراءات ولا يزال خبراء بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه) يعتقدون أن ولي عهد السعودية هو الذي أمر شخصيا بقتل خاشقجي أو على الأقل أيد العملية.
وقال المصدر إن الخمسة الذين أدينوا بالقتل كانوا مجرد أدوات في الأساس في حين تمت تبرئة اثنين من كبار مسؤولي الأمن من القيام بأي دور كبير في الجريمة.
وقال وكيل النيابة العامة إنه لا توجد أدلة تربط سعود القحطاني، أحد كبار هؤلاء المسؤولين، بجريمة القتل وردت المحكمة أيضا الاتهامات ضد أحمد عسيري النائب السابق لرئيس الاستخبارات السعودية.
وشوهد خاشقجي للمرة الأخيرة عند القنصلية السعودية في اسطنبول في الثاني من أكتوبر تشرين الأول 2018 حيث ذهب إلى هناك لتسلم أوراق لازمة لزواجه. وأشارت تقارير إلى تقطيع جثة خاشقجي وإخراجها من المبنى. ولم يُعثر للجثة على أثر.
وأثار مقتل خاشقجي غضبا على مستوى العالم ولطخت صورة ولي العهد. وقالت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وحكومات غربية إنها تعتقد أن الأمير محمد أصدر الأوامر بقتل خاشقجي. لكن مسؤولين سعوديين يقولون إنه لم يكن له أي دور رغم أن ولي العهد أشار للمرة الأولى في سبتمبر أيلول إلى تحمله بعض المسؤولية الشخصية عن الجريمة كونها ”وقعت خلال فترة عهده“.
وانتقدت أنييس كالامار مقررة الأمم المتحدة الخاصة بالإعدام خارج نطاق القضاء الأحكام يوم الاثنين بوصفها ”استهزاء“ بالعدالة.
وقالت على تويتر ”القتلة المأجورون مذنبون وحكم عليهم بالإعدام. والعقول المدبرة لم تفلت وحسب بل يكاد لم يمسها التحقيق والمحاكمة“.
وتم تقديم 11 متهما سعوديا للمحاكمة بشأن مقتله وذلك في إجراءات سرية بالرياض.
وقال الشلعان ”تحقيقات النيابة العامة أظهرت أنه لا توجد أي نية مسبقة للقتل… وكان القتل لحظيا“ وهو ما يتعارض مع ما توصل إليه تحقيق بقيادة الأمم المتحدة.
وذكر التحقيق الذي قادته الأمم المتحدة في فبراير شباط أن الأدلة أشارت إلى ”قتل وحشي ومتعمد دبره وارتكبه“ مسؤولون سعوديون.
* الإفراج عن القحطاني وعسيري
قال النائب العام السعودي في نوفمبر تشرين الثاني من العام الماضي إن القحطاني، وهو مستشار بارز سابق بالديوان الملكي، تناقش مع الفريق الذي قتل خاشقجي بخصوص أنشطة الصحفي قبل دخوله القنصلية السعودية.
وأضاف النائب العام أن القحطاني كان يتصرف بتنسيق مع عسيري الذي قال إنه أمر بإعادة خاشقجي من تركيا وإن قائد فريق التفاوض هو من قرر في وقت لاحق قتل الصحفي.
وأقيل القحطاني وعسيري من منصبيهما لكن عسيري فقط هو من خضع للمحاكمة.
وقال الشلعان يوم الاثنين إن عسيري خضع للمحاكمة وتم إخلاء سبيله لعدم كفاية الأدلة مضيفا أنه جرى التحقيق مع القحطاني لكن لم توجه إليه اتهامات وتم الإفراج عنه.
وأردف قائلا إنه تم الإفراج عن محمد العتيبي القنصل العام السعودي في تركيا في ذلك الوقت بعدما قال شهود أتراك إن العتيبي كان معهم يوم وقوع الجريمة. كانت الولايات المتحدة قد أصدرت قرارا قبل أسبوعين بمنع العتيبي من دخول أراضيها.
كانت مصادر مطلعة على الأمر قالت لرويترز العام الماضي إن ماهر مطرب قائد فريق التفاوض وصلاح الطبيقي، وهو خبير في الطب الشرعي متخصص في التشريح، خضعا للمحاكمة في القضية وقد تصدر بحقهما أحكام بالإعدام.
وذكر الشلعان أن فريق التفاوض قرر قتل خاشقجي عندما ظهرت له استحالة نقل الصحفي إلى مكان آمن لاستكمال المفاوضات.
وأضاف ردا على أسئلة الصحفيين ”تم الاتفاق والتشاور مع رئيس هيئة التفاوض والجناة على قتل المجني عليه داخل القنصلية“.
* استجواب 31 شخصا
قال متحدث إن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش شدد على الحاجة إلى إجراء ”تحقيق مستقل ونزيه في الجريمة“.
وقالت تركيا يوم الاثنين إن نتائج المحاكمة في قضية مقتل خاشقجي أبعد ما تكون عن تحقيق العدالة وكررت دعوتها للسلطات السعودية للتعاون القضائي في القضية.
وقال حامي أقصوي المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية في بيان ”إن كون تفاصيل مهمة لا تزال طي الكتمان مثل مصير جثمان خاشقجي وتحديد المحرضين على قتله وإن كان هناك أي متعاونين محليين يعد قصورا أساسيا في تجلي العدالة ومبدأ المساءلة“.
وأضاف ”الأحكام المعلنة اليوم… أبعد ما تكون عن تلبية تطلعات بلادنا والمجتمع الدولي لتسليط الضوء على جميع جوانب هذه الجريمة وتحقيق العدالة“.
وانتقدت كالامار إجراء المحاكمة خلف الأبواب المغلقة وقالت إن الشروط المنصوص عليها في القانون الدولي لإجراء مثل هذه المحاكمة لم تتوفر.
وانتقدت منظمة العفو الدولية المحاكمة أيضا ووصفت الأحكام بأنها ”تستر“.
وقالت في بيان ”تخفق الأحكام في التطرق إلى ضلوع السلطات السعودية في هذه الجريمة المروعة وتوضيح مكان رفات جمال خاشقجي“.
وقال أحد أبناء خاشقجي والذي دعا علانية بعد أسابيع من الجريمة إلى عودة جثمان والده إن الأحكام جاءت منصفة لعائلته.
وأضاف ”نؤكد ثقتنا في القضاء السعودي بكافة مستوياته وقيامه بإنصافنا وتحقيق العدالة“.
وعلى موقع تويتر، وهو منصة مفضلة لمؤيدي الحكومة، أشاد كثير من السعوديين بتبرئة القحطاني.
وأصدرت المحكمة الجزائية بالرياض أحكام الإعدام بحق الخمسة ”وهم المباشرون والمشتركون في قتل المجني عليه“ فيما صدرت أحكام السجن المتفاوتة بحق الثلاثة ”لتسترهم على هذه الجريمة ومخالفة الأنظمة“.
وأشار الشلعان إلى أن التحقيقات أثبتت أنه لا توجد ”عداوة مسبقة“ بين المدانين وخاشقجي.
شاركت في التغطية نفيسة الطاهر ومها الدهان وتقى خالد من دبي – إعداد حسن عمار للنشرة العربية – تحرير محمد اليماني