ماكرون يجمع رؤساء دول مجموعة الساحل الخمس لتعزيز التحالف ضد الجهاديين
باريس (أ ف ب)- يجمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاثنين في مدينة بو في جنوب غرب فرنسا رؤساء دول مجموعة الساحل الإفريقي الخمس، على خلفية تزايد الهجمات الجهادية في المنطقة، وبهدف تعزيز شرعية وجود القوات الفرنسية فيها وحضّ الحلفاء الأوروبيين على التحرك.
وسيشارك في القمة التي تعقد مساء الاثنين رؤساء دول مجموعة الساحل الخمس (تشاد والنيجر وبوركينا فاسو ومالي وموريتانيا)، فضلاً عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال.
ودعي الرؤساء الخمسة بشكل مفاجئ إلى بو مطلع كانون الأول/ديسمبر من قبل الرئيس الفرنسي الذي استاء من انتقاداتهم العلنية لوجود نحو 4500 عسكري من قوة برخان الفرنسية في المنطقة، وتصريحات لبعض وزرائهم اعتبرت مبهمة.
ويأتي هذا القرار بعد مقتل 13 عسكرياً فرنسياً في مالي أواخر تشرين الثاني/نوفمبر بينهم سبعة متحدرون من بو.
وتظاهر الجمعة نحو ألف شخص في باماكو للمطالبة برحيل القوات الأجنبية، خصوصاً الفرنسية.
وعند إطلاقه هذه الدعوة المفاجئة التي اعتبرها رؤساء الدول الخمس “استدعاء”، حذر ماكرون من أنه سيضع كافة الخيارات الممكنة على الطاولة، من ضمنها خيار انسحاب قوة برخان أو خفض عدد المشاركين فيها.
وسبق أن أرجأ الرئيس الفرنسي هذه القمة بعد الهجوم الدموي على معسكر إيناتس في النيجر، الذي قتل فيه 71 شخصاً، وكان الأكثر دموية منذ 2015.
وتريد باريس من قمة بو الاثنين الحصول على إعلان مشترك من قبل الرؤساء الخمسة، يقولون فيه إن فرنسا تعمل في دولهم بطلب منهم بهدف “استعادة شرعية” وجودها في المنطقة، وفق ما يوضح الإليزيه، الذي يستنكر ما وصفه بـ”الخطاب المناهض لفرنسا”.
وقالت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي السبت “يجب أولا الحصول على موقف واضح من المسؤولين السياسيين، إن كانوا يرغبون بذلك أو لا”.
واعتبر الرئيس المالي ابراهيم أبو بكر كيتا مطلع كانون الثاني/يناير أن “هذا اللقاء سيكون حاسماً، لأنه سيسمح في أن توضع على الطاولة كل الإشكاليات، والمخاوف وكل الحلول”.
وعلاوةً على شقها السياسي، يمكن أن تكون قمة بو فرصة لإعادة صياغة الاستراتيجية العسكرية ضد الجهاديين في تلك المنطقة الشاسعة التي تعادل مساحة أوروبا، ودعوة الحلفاء الدوليين والأوروبيين خصوصاً إلى زيادة مشاركتهم.
ويريد رئيس النيجر محمد يوسفو أن يطلق في القمة “دعوة إلى تضامن دولي” من أجل الساحل لكي لا تكون فرنسا وحيدة في هذا الصراع ضد “آفة” الجهاديين.
– وضع مقلق –
في الأثناء، تعمل فرنسا على إنشاء عملية جديدة تحت اسم “تاكوبا”، تضم قوات خاصة من عشرات الدول الأوروبية.
وتأمل باريس أن تقنع قمة بو الأوروبيين المترددين في الانضمام إليها. فهؤلاء مؤيدون لضرورة مكافحة الجهاديين في تلك المنطقة، لكنهم قلقون من تعرض فرنسا لانتقادات دون تحقيق مكسب سياسي من هذا التدخل.
ويعدّ تردد الأميركيين الذين لا يمكن الاستغناء عن دعمهم العسكري في المنطقة، مصدر قلق آخر لباريس، وفق ما يوضح الإليزيه.
ومنذ هجوم إيناتيس، لم يتوقف سفك الدماء في المنطقة التي باتت منذ 2012 ساحة لنشاط العديد من المجموعات الجهادية التي يرتبط بتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية.
وقتل أكثر من 60 “إرهابياً” و25 عسكرياً الخميس في شينيدوغار على الحدود بين النيجر ومالي. وليلة الميلاد، تعرضت بوركينا فاسو لأكثر الهجمات دموية في تاريخها، قتل فيها سبعة عسكريين و35 مدنياً في أربيندا.
وتبدو قوات القوة المشتركة لدول الساحل الخمس التي شكّلت عام 2017 عاجزة أمام تصاعد قوة هذه الهجمات، في ظلّ تنافر هذه القوات ونقص تسليحها وسوء تشكيلها، فضلاً عن تأخر دفع مساعدات وعد بها المجتمع الدولي.
ولم تتلق القوة المشتركة سوى 300 مليون دولار من أصل 400 مليون دولار تم التعهد بها العام الماضي، وفق الرئاسة الفرنسية.
وتمكنت فرنسا من السيطرة على عملية هجومية للجهاديين في شرق مالي عام 2013، لكنها تبدو غير قادرة على منع النزاع من التمدد. ورغم تكثيف الفرنسيين في الأسابيع الأخيرة لعملياتهم المضادة، لكن “النجاحات” العسكرية ليست بالقدر الكافي، بحسب الاليزيه.
ويرى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن تدهور الوضع الأمني في مالي ومنطقة الساحل “مقلق”. وحذر مطلع كانون الثاني/يناير من أن “الجماعات الإرهابية آخذة في تحقيق انتصارات”.
وبحسب الأمم المتحدة، قتل أكثر من أربعة آلاف شخص في هجمات إرهابية في عام 2019 في بوركينا فاسو ومالي والنيجر. وزاد عدد النازحين بعشرة أضعاف، ليبلغ نحو مليون.