متّهمون بالتجسّس»..كواليس سحب المتعاونين الفرنسيين من مالي
في خطوة جديدة، بعد أسبوعين من إعلان الانسحاب النهائي لقوات «بَرْخَان» من مالي، قررت فرنسا سحب المتعاونين الفرنسيين من الوزارات ومن هيئة الأركان العامة في مالي، بعدما أصبح يشتبه في قيامهم «بأعمال تجسس لصالح فرنسا»، بحسب الموقع الإلكتروني الإخباري لأسبوعية «جُونْ أفريك» المتخصصة في الشؤون الأفريقية.
ومنذ تصاعد المشاعر المعادية للفرنسيين في مالي، نشأ نوع من عدم الثقة بين المتعاونين الفرنسيين، والسلطات المالية. ويشتبه في قيام هؤلاء الرجال بـ«التجسس لصالح فرنسا»، وفق مصدر دبلوماسي في باماكو تحدث لـ«جُونْ أفريك»، لينتهي التصعيد بقطع الثقة بين المعسكرين.
وإذا تم تفسير رحيل هؤلاء الخبراء، من خلال سياق التوتر، فمن الواضح أن هذا الانسحاب سيؤدي، بحسب «جُونْ أفريك»، إلى خسارة للسلطات المالية، إذ أوضح المصدر الدبلوماسي المذكور أن باماكو «لم تكن مهتمة بطرد هؤلاء الخبراء المفيدين للغاية للسلطات المالية، إذ يستفيد الرئيس الانتقالي للبلاد، أسيمي غويتا، من خبرتهم، دون أن يدفع لهم أجراً»، وفق ما نقله عنه موقع «جُونْ أفريك».
ويوصف المتعاونون الفرنسيون في الوزارات وهيئة الأركان العامة في مالي بـ«الأيدي الخفية الصغيرة»، التي تساعد وتقدم المشورة للسلطات المالية في مختلف الوزارات، دون أجر.
ولم تتخذ فرنسا قرار سحب المتعاونين الفرنسيين، بحسب «جُونْ أفريك»، بعدما طلبت باماكو من السفير الفرنسي لديها، جويل ماير، في 31 يناير الماضي، مغادرة البلاد في 72 ساعة، بل إن باريس اتخذت القرار قبل ذلك، وفق مصادر «جُونْ أفريك».
وكان المصدر الدبلوماسي قد طلب، تقليص عدد الخبراء الفرنسيين في البلاد لأسباب أمنية. ووفقاً لما نقله موقع «جُونْ أفريك» عن مصادر، قال إنها قريبة من الملف، فإن عمليات المغادرة هذه «ستؤثر أيضاً على الوكالة الفرنسية للتنمية، التي يضم مكتبها في باماكو نحو 20 شخصاً».
موعد المغادرة
وإذا كانت مهمة هؤلاء الخبراء يجب أن تنتهي في غضون 48 ساعة، فلديهم حتى نهاية مارس الجاري لحزم أمتعتهم والعودة إلى فرنسا، بحسب الموقع الإلكتروني الإخباري لـ«جُونْ أفريك»، الذي أوضح أنه كان المقرر أن يلتقي الدبلوماسي الفرنسي، الثلاثاء، وزير الأمن والحماية المدنية، العقيد داوود علي محمدين، الذي يعمل في وزارته عدد من المتعاونين الفرنسيين.
ومنذ عدة أشهر، تدهورت العلاقات بين مالي وفرنسا، المنخرطة عسكرياً في منطقة الساحل، بشكل حاد، خاصة منذ نشر المرتزقة المنتمين إلى السديم الروسي «فاغنر»، بحسب موقع «جُونْ أفريك»، لتضطر فرنسا، بعد 9 سنوات من إطلاق عملية «سيرفال» العسكرية الفرنسية في مالي، إلى الانسحاب عسكرياً من البلاد.
وأعلنت فرنسا، وشركاؤها الأوروبيون، وكندا، في 17 فبراير المنصرم، عن انسحابهم العسكري من مالي، وإنهاء العمليتين العسكريتين «بُرْخَانْ» و«تَاكُوبَا»، وذلك بعد 9 سنوات من التواجد الفرنسي العسكري في مالي. ونظراً للعقبات المتعددة للسلطات الانتقالية في مالي، فإن كندا والدول الأوروبية، التي تعمل جنباً إلى جنب مع عمليتي «برخان» و«تاكوبا»، يرون أن «الظروف السياسية، والعملية، والقانونية، لم تعد مستوفاة لمواصلة مشاركتها العسكرية الحالية بشكل فعال»، وفق ما جاء في بيان صحفي عن الرئاسة الفرنسية صدر في 17 فبراير.
وبعد تراجع المجلس العسكري في مالي عن تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية، لتسليم السلطة إلى المدنيين، بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة، اعتبرت دول غرب أفريقيا (أعضاء مجموعة «سِيدْيَاوْ») أن ذلك معناه أن «المجلس سيأخذ البلاد رهينة لسنوات مقبلة»، ما دفع أعضاء «سيدياو» إلى القيام في يناير الماضي بتحركات صارمة أدخلت مالي في أزمة سياسية-اقتصادية خانقة، إذ قرر زعماء دول غرب أفريقيا إغلاق الحدود مع مالي، ووضعها تحت الحظر، وتعليق التجارة معها.
ولمواجهة التنظيمات الإرهابية في تلك المنطقة، أسست دول الساحل الخمس؛ موريتانيا، ومالي، وبوركينا فاسو، وتشاد، والنيجر، قوة مشتركة خلال قمة دول الساحل الخمس، التي عقدت في العاصمة المالية باماكو في يوليو 2017، بحضور الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، واتفق رؤساء تلك الدول على أن تتكون القوة المشتركة من 5000 عنصر، بكلفة مالية قدرها 400 مليون يورو.