لماذا الصمت العالمي والعربي على الاعدامات السعودية الأخيرة؟ ؟/ أماني سعد ياسين
16 مارس 2022، 15:43 مساءً
منذ عدّة أشهر سبقت وتحديداً في حزيران من العام 2021 حصلت مجزرة قُتل وذبح فيها طفل مراهق ضمن كوكبة من الأطفال والشبان المراهقين معظمهم لم يتجاوز سن الثامنة عشرة في المملكة السعودية الوهابية حيث ما زالت عقوبة قطع الرأس والتعزير ما يعني قطع الأطراف والتنكيل قبل القتل جارياً حتى اليوم في عصر نتفاخر فيه أنّه عصر الحداثة والإنترنت والتكنولوجيا والتطور وكذلك عصر بيل غايتس والشرائح الإلكترونية المتطورة. وفيما العالم المتطور يبحث عن كل ما من شأنه أن يسهّل طريقة حياة البشر وطريقة التعلم عن بعد وطريقة التهاتف الذكي عبر وضع شرائح إلكترونية متطورة على الجلد وكذلك اختراع أحدث طرق التعلم والتعليم لم تجد هذه المملكة الظلامية طريقة إلا وابتدعتها وتفننت بها في طرق تعذيب الأطفال من قطع الرؤوس إلى الذبح والى الطريقة المبتكرة جداً التعزير عبر تقطيع الأوصال قبل القتل هذا فيما المملكة السعودية اليوم بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان تطبّل وتزمر ليلاً ونهاراً حول العملية الإصلاحية التي يتبناها هذا الأخير ! فمن فتح المواخر والحانات والبارات على طول المملكة وعرضها إلى فتح الشواطئ لحفلات التعري والمجون المختلطة وإلى التغنّي بالتطور والحداثة والرقي عبر استيلاد حفلات الغناء والرقص والعري الفاضحة في محاولات ممجوجة وغير مقنعة ولكنّها سابقة لقلب صورة المملكة وإخراج المملكة من الصورة النمطية المعروفة للمملكة الوهابية التكفيرية وما اشتهرت به من لجان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي كانت سائدة منذ سنة واحدة فقط واستبدالها بلجان الترفيه. هذا فيما لم تستطع هذه المملكة القائمة على فتاوى الوهابية وفتاوى معلمها الأول محمد بن عبد الوهاب مؤسس هذا الفكر الوهابي التكفيري في المملكة السعودية لم تستطع أو الأصح القول أنها لم تشأ الخروج من فتاوى الظلام والذبح والتعزير وخصوصاً أن هذه الفتاوى تستعمل كل آن وحين لقهر الأبرياء من المتظاهرين السلميين المعارضين لسياسات القمع الدكتاتورية بحق أبناء القطيف والاحساء وكل معارض لها إن وجد كما تستعمل لخلق جيش من التكفيريين من أتباع المذهب الوهابي على غرار داعش وأخواتها يعملون ليلاً نهاراً على الإساءة للإسلام أولاً، وللمسلمين والابرياء من غير المسلمين في أنحاء العالم أجمع وحيث يريد السيد الأبيض ذلك ثانياً، وهذا ما ظهر جلياً واضحاً في سورية والعراق وليبيا وفيما بعد في آذربايجان ومؤخراً في أوكرانيا حيث يُنقل جيش المرتزقة هذا. وما الجريمة الأخيرة التي حصلت منذ أيام قلائل وتحديداً في الثاني عشر من آذار هذا العام (2022) و التي قتل فيها 81 سجيناً بينهم واحد وأربعون شخصاً من المساجين الأبرياء غالبيتهم من الشبان المراهقين الذين اعتقلوا قبل سنوات عدة وهم لم يبلغوا الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة من أعمارهم وكانوا حينها قد اعتقلوا في تظاهرات شبابية سلمية في منطقتي القطيف والاحساء المضطهد أهلها المهدور دمهم إلا دليل آخر على أننا نعيش في عالمٍ ظالمٍ منافق يختلف فيه الدم المهدور ما بين أصحاب العيون السود والعيون الزرقاء و ما بين أصحاب الشعر الأسود والشعر الأشقر.
في هكذا عالم متغبّر مسوّدة قيمه، متعفّنة مفاهيمه قُطع رأس الطفل عبد الله الزاهر بأوامر ملكية سعودية وهو الذي اعتقل وهو في سن الثالثة عشرة ولعلّه كان في حينه يلعب على الطريق حينما مرّت تظاهرة شبابية من أمام منزله فظنّها لعبة جديدة وسار مع السائرين أو لعله وجد الكبار لم يتكلموا ولم يستنكروا قتل صديقه الذي قتل تعزيراً ايضاً قبل أشهر مضت فمضى مستنكراً صائحاً أن “ردّوا عليّ أخي يا وحوش!”
في هذا العالم المتغبّر المتفحّم بحبر القيود والمفاهيم الملتوية من شرقه إلى غربه وفيما مؤسساته الدولية التي تدّعي حماية حقوق الإنسان وتعلي الصوت بشعارات العفو والتسامح وترفع كاذبةً لواء الدفاع عن الأطفال المظلومين المضطهدين، فترفع الصوت صارخةً مستنكرة في أوكرانيا الشقراء المعتدى عليها من جارتها روسيا ولكنّها تغفل وتغمض عينيها عن الأطفال ذوي العيون السوداء والبشرة السمراء الذين يُذبحون ويقتلون يومياً في اليمن والعراق وفلسطين وسورية ولبنان وكذلك عن الأطفال الذين يُخطفون من بين أيادي أهليهم في القطيف والأحساء ليقتلهم الوحش المتنمّر المتفرعن ويتفنّن بقتلهم تقطيعاً وتعزيراً ولتُقطع رؤوسهم بأوامر سلطان المملكة الظلامية الوهابية التي ما زالت منذ نشأتها وإلى اليوم تغتذي على أنهرٍ من دماء الأبرياء !
والسؤال هنا هو: في عالم متناقض كاذب منافق خرج منه من قتل وقطّع أوصال الصحافي السعودي الخاشقجي في القنصلية السعودية بتركية وذلك تحت أنظار العالم أجمع وبعنجهية القاتل المجرم الذي يتحدّى ويستخّف بالعالم كلّه، يعود السؤال اليوم ويتكرّر : من يوقف النمرود بن سلمان عن جرائمه بحق الأطفال والأبرياء في أرض الحجاز وفي بلاد الحرمين الشريفين؟!
عندما قتل الصحفي السعودي الخاشقجي في قنصلية بلاده في تركية تعالت الأصوات العالمية ولم تسكت تنديداً بجريمة دموية حصلت في قنصلية لم يسبق أن حصل مثلها في العالم، جريمة فريدة في وقاحتها وفريدة في جرأتها دخل فيها الرجل سالماً على قدميه إلى القنصلية وخرج منها مقطّعاً في حقيبة ؛ تعالت الأصوات في حينه مندّدة مستنكرة ولم تسكت سوى بعد مرور مدة من الزمن؛ وكان بعدها السكون الغريب الهجين المستهجن فقط وفقط لأن المجرم القاتل لديه من يدعمه غربياً فهو المدعوم بالرغم من شيطنته الفاضحة العارية الواضحة المعالم من النظام العالمي الأعور والقطب الواحد المتحكم بالعالم اليوم الولايات المتحدة الأميركية. وها نحن اليوم وبعد مدة قليلة فقط من حادثة القتل في القنصلية نعيش وكأنّه لم يحصل أيّ شي بتاتاً، فجأةً سكتت الأصوات وخفتت وانتهت كما في الخيال وما زال اليوم المجرم القاتل طليقاً ليفعل ما يشاء ويرتكب ما يشاء من جرائم وفظاعات وكأننا في فيلم أمريكي طويل، في زمن عجيب ، في عالم أقل ما يُقال فيه أنّه عالم مجنون ،كاذب ، منافق يبصر بعينٍ واحدة أعماها الشيطان، ويتكلّم بلسانٍ واحد لسان النمرود ولسان أصحاب الرساميل والذهب والنفط والأموال.
كتبتُ مقالة منذ أشهر عدة بكيت فيها دماً بعد ارتكاب هذا النظام المتفرعن جريمة مشابهة قتل فيها طفلاً آخراً بين مجموعة أخرى من الأطفال المراهقين والشبان من المتظاهرين السلميين غالبيتهم اعتقلوا في منطقتي القطيف والإحساء المضطهدتين ، لم يبلغ هؤلاء سن الثالثة عشرة والرابعة عشرة من العمر عند اعتقالهم واعدموا فيما بعد بعد مرور سنوات من السجن والتعذيب بعيداً عن ذويهم وللأسف الشديد لم تقبل أي صحيفة أو جريدة عربية ( أقول هذا مع محبتي واحترامي الشديدين للجميع ) نشرها!
فهل اذا سكت الساكتون وصمت الصامتون يتوقف إجرام الوحش القابع في قصور مملكة الظلام ؟!
وهل اذا خرست الأقلام وعميت العيون يتوقف ذلك الوحش المتنمّر عن قتل الأطفال وتقطيع أوصالهم بعد خطفهم من ذويهم وتعذيبهم لسنواتٍ ممتدة في غياهب السجون ؟!
وهل اذا سكتنا كما الشيطان الأخرس تنتهي الحكاية وننام في راحة وكأن لم تحصل هناك جريمة ولم يُذبح الطفل ولم ترتعد فرائصه خوفاً قبل هذا وهو يناجي ربّه بصوتٍ مخنوق وبدموعٍ حمراء لا تخون؟!
وهل إذا سكتنا تنتهي الحكاية ويموت الوحش ويعود أمراء الجنة الى الحياة يلعبون مع رفاقهم الأطفال في جنة عرضها السماوات والأرض، يسرحون ويمرحون وهم حتماً حتماً.. لا يحزنون؟!
ألا ساء ما تفعلون ، ساء ما تفعلون، ساء ما تفعلون يا أيها الصامتون جرماً ويا أيها الظالمون!
وأقصد هنا كل ساكت عن إجرام الفراعنة القتلة قتلة الأطفال الأبرياء على مرّ العصور !