مالي تحتفل بالعيد في ظل حصار وأعمال عنف
باماكو (أ ف ب) – في سوق باماكو الكبيرة، يكافح الباعة لجذب الزبائن الذين يستعدّون لعيد الفطر، لكن الأجواء هذا العام قاتمة في ظلّ العقوبات الغرب إفريقية وأعمال العنف التي تهزّ مالي.
ويقول تاجر الجملة سيدو كوليبالي “رغم الحظر، السوق مليئة بالبضائع، لكن ليس لدينا زبائن مثل السنوات الماضية، المال أصبح نادرًا، والسوق بطيئة”.
تمتدّ السوق الكبيرة بأكشاكها الخشب تحت المظلات أو الملاءات المموجة التي توفر القليل من الظل تحت أشعة الشمس الحارقة، في وسط عاصمة مالي.
يرحّب باعة بالزبائن من خلال الصفارات، فيما يغنّي آخرون أو يرقصون لجذب الانتباه.
وتقول بينتو توري (40 عامًا) “أبحث عن ملابس وأحذية لأطفالي، والمال الذي معي لا يكفي (…) العام الماضي، تمكّنت من شراء كل شيء لأطفالي الأربعة بمئة ألف فرنك إفريقي (150 يورو)، لكن أصبح ذلك مستحيلًا”.
وكما في العديد من الدول الإسلامية الأخرى، تقضي العادات باجتماع العائلات يوم عيد الفطر وارتداء ملابس جديدة وتلقّي الأطفال هدايا.
وفرضت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) في كانون الثاني/يناير عقوبات صارمة على المجلس العسكري بقيادة الكولونيل أسيمي غويتا الذي نفّذ انقلابا أول في آب/أغسطس 2020 ثم نُصّب رئيسا “انتقاليا” بعد انقلاب ثان في أيار/مايو 2021.
وجاءت العقوبات التي من بينها إغلاق حدود دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا مع مالي وحظر التجارة والمعاملات المالية معها، ردا على خطة الجيش لمواصلة الحكم لعدة سنوات، وتراجعه عن تعهده تنظيم انتخابات في شباط/فبراير 2022.
انعدام الأمن
تقول آوا سيلا، وهي بائعة في السوق الكبيرة، “نبيع ملابس للأطفال والنساء والبالغين مستوردة من دبي والصين وتركيا والمغرب. مع الحظر، أُغلقت أمامنا السنغال التي كانت مرفأنا الطبيعي، ما جعل الأسعار ترتفع”.
وتؤكّد بائعة أخرى، سليماتا بواري، أن “الأسعار ارتفعت” بنحو 30% بالنسبة لملابس الأطفال، وتعتبر أن “الحظر الذي فرضته (…) المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا هو السبب وراء هذا الوضع”.
ويشهد جزء كبير من مالي التي يبلغ عدد سكانها 21 مليونا نزاعا عسكريا مع الجهاديين اندلع للمرة الأولى عام 2012 قبل أن يتمدد إلى بوركينا فاسو والنيجر المجاورتين.
في سوق الماشية في العاصمة، “تخطّى العرض الطلب بشكل كبير هذا العام”، بحسب أمادو تراوري وهو موظّف في وزارة تربية المواشي وصيد السمك.
ويقول مربّي الحيوانات عبد الرحمن ضيال “الجيش رافق نقل الحيوانات من موبتي (في وسط البلاد) إلى باماكو، لأن هناك ألغاما وهجمات (…) هناك الكثير من الثيران، لكن الناس ليسوا في مزاج احتفالي بسبب انعدام الأمن”.
الزبائن ليسوا كثرًا “والسوق خجولة”، بحسب بائع لحوم البقر حمادي سو الذي يضيف “هذا العام مختلف جدًا عن العام الماضي حين بعت عشرة ثيران خلال يومين”.
أمّا محمود يطاسايي الذي يبيع لحوم البقر، فيشير إلى أنه منذ “أن ترك أسرته” في مدينة دجيني التي يتحدّر منها والبعيدة 500 كيلومتر والتي أصبحت أحد مراكز النزاع في منطقة الساحل، “تتصل عائلته” به بانتظام للاطمئنان اليه، “لأن في دجيني، هناك انعدام تام للأمن”.
ويقول “لا حديث عن العيد هناك كما في باماكو. الأمن هو شاغلنا الأول في دجيني”.
أما رقية بالو التي تبيع ملابس جاهزة، فتشكو قائلة “لم أرَ أبدًا مثل هذا النقص في الزبائن (قبل العيد)”.