فيروس “قاتل” يحصد فيلة مهددة بالانقراض
” مورينيوز” ـ وكالات
في غضون شهر واحد، تسبب فيروس الهربس بنفوق ثلاثة فيلة آسيوية تنتمي إلى نوع مهدد بالانقراض وتعيش في حديقة زيوريخ للحيوانات، ما جعل العلماء عاجزين أمام هذا المرض الفتاك وغير قادرين على مواجهته.
ولم تتبقَ سوى خمس فيلة آسيوية من أصل ثمانية تعيش ضمن مساحة 11 ألف متر مربع خصصت لها في حديقة الحيوانات المطلة على أكبر مدينة سويسرية.
ويقول ماورو مولر (29 عاماً)، وهو زائر دائم لحديقة الحيوانات، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن نفوق الفيلة “محزن، وخصوصاً أن حديقة زيوريخ توفر لها مساحة واسعة”.
ونفق في أواخر يونيو (حزيران) الفيل “أوميش” البالغ سنتين جراء عدم قدرته على مقاومة فيروس الهربس، ثم لقيت أخته “أوميشا” البالغة 8 سنوات بعد أيام قليلة المصير نفسه، كذلك نفق الفيل رواني (5 سنوات) الذي ينتمي إلى مجموعة أخرى من أم مختلفة مع أنه لم يحدث أي اتصال بينه وبين “أوميش” و”أوميشا”.
واتضح أن سبب نفوق الفيلة الثلاثة هو فيروس الهربس الذي يحدث نزيفاً داخلياً ويؤدي إلى فشل في وظائف أعضاء الجسم.
ويوضح المشرف على حديقة الحيوانات، باسكال مارتي، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن هذا الفيروس يشكل “السبب الرئيس لنفوق الفيلة التي تتراوح أعمارها بين سنتين وثماني سنوات” والموجودة في الأسر.
ويتابع أن نفوق الفيلة نتيجة إصابتها بفيروس الهربس يحصل كذلك لدى تلك التي تعيش في البرية، لكن رصد هذه الحالات صعب لكون الإشراف على الحيوانات ومراقبتها يكونان محدودين في الطبيعة.
ويصيب فيروس الهربس كل الفيلة تقريباً، سواء أكانت تعيش في البرية أو في الأسر، لكنه لا يصبح خطراً إلا عندما ينتشر بوتيرة سريعة في الجسم. ولا يزال العلماء يجهلون إلى حد كبير أسباب التفشي المميت للفيروس لدى بعض الفيلة.
ويقول مارتي بحزن، “ما زلنا لا نعرف لماذا ومتى يحصل ذلك”.
وداع الفيلة
وبقيت الفيلة الخمسة البالغة التي لا تزال على قيد الحياة في جوار الجيف الثلاث لبضع ساعات. ويقول المتخصص في سلوك الحيوانات، “نمنحها الوقت لتودع الفيلة النافقة”، مضيفاً، “تدرك المجموعة أن الفيلة لم تعد على قيد الحياة وتلامس جيفها بخراطيمها”.
وبعد أقل من أسبوع على تسجيل حالات النفوق، تواصل الفيلة الخمسة المتبقية في نشاطاتها اليومية من دون الاكتراث بما حصل، إذ تسبح أو تبحث عن الطعام من خلال إدخال خراطيمها في ثقوب يوزع فيها الجزر والعشب الجاف بطريقة عشوائية عبر برنامج كمبيوتر لإجبار الحيوانات على المشي كما لو كانت تعيش في البرية.
وتوفر حديقة الحيوانات الجديدة التي افتتحت سنة 2014 مساحة تفوق تلك التي كانت مخصصة للفيلة في الحديقة السابقة بست مرات، لكن بعد ثماني سنوات على افتتاحها تشهد الحديقة حالياً “أياماً صعبة”.
ويقول مديرها سيفيرين دريسن، إن “عجزنا عن التصدي للفيروس أمر محبط مع أن الفيلة تتلقى أفضل رعاية بيطرية يوفرها لها المستشفى البيطري الجامعي في زيوريخ”.
ولا تتخطى نسبة نجاح العلاج بمضادات الفيروسات الـ30 في المئة لدى الفيلة المصابة بفيروس الهربس الذي لا لقاح له حتى اليوم.
ويشير بهاسكار شودهوري، وهو طبيب بيطري وعضو في المجموعة المتخصصة بالفيلة الآسيوية لدى الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، لوكالة الصحافة الفرنسية، إلى أن “الانتشار الوبائي للعدوى لا يزال غير واضح”، لافتاً إلى أن “الفيلة البالغة تنقل الفيروس بشكل متقطع، لكن وتيرة الانتقال تزداد عندما تمر الحيوانات بفترات توتر يعتقد أنها مصدر إصابة الفيلة الصغيرة بالفيروس”.
ويعرب شودهوري عن “قلق بالغ من جانب الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة إزاء نفوق الفيلة الموجودة في الأسر بمختلف أنحاء العالم”، مؤكداً أن الاتحاد “يعبر عن قلق أكبر من نفوق تلك التي تعيش في البرية”.
وأدرجت الفيلة الآسيوية التي قد يصل عمرها إلى 50 أو 60 عاماً في القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة التي تبرز أنواع الحيوانات المهددة بالانقراض. ولا يزال يعيش في الطبيعة حالياً نحو 50 ألف فيل، فيما تسهم إزالة الغابات والتوسع العمراني وزيادة المساحات الزراعية في حرمانها من بيئاتها الطبيعية، فضلاً عن أن الصيد الجائر وتجارة العاج غير المشروعة تهدد مجموعاتها.
ويشير مارتي إلى أن “أعداد الفيلة تتراجع في الأماكن كلها تقريباً لأسباب تتعلق بالحفظ، ومن المهم جداً أن يكون هنالك مجموعات من الفيلة الآسيوية تتمتع بصحة جيدة” كالتي تعيش في حديقة زيوريخ.
ويضيف أن الفيلة التي تعيش في الحديقة هي بمثابة “سفيرة لأنواعها وشريكتنا في تثقيف الناس عن الصعوبات التي تواجهها الفيلة الموجودة في البرية”، مؤكداً أن الفيروس الذي طال الحديقة، “لا يثنينا عن هدفنا” المتمثل في تربية الفيلة.