حرائق في غابات الجزائر تودي بحياة 38 شخصا
” مورينيوز” ـ وكالات
في حصيلة جديدة، قضى 38 شخصاً وأصيب عشرات آخرون بجروح، في حرائق غابات تجتاح 14 ولاية في شمال الجزائر، ما أيقظ شبح صيف 2021، الذي سجّل سقوط أكبر عدد من ضحايا الحرائق في تاريخ البلاد المعاصر.
وقدّم وزير الداخلية كمال بلجود، التعازي لعائلات ضحايا الحرائق. وكان أشار في حصيلة سابقة إلى أنه “على مستوى ولاية الطارف جرى تسجيل 24 ضحية، وفي ولاية سطيف سُجلت ضحيتان”.
ويعاني عدد من الأشخاص حروقاً أو صعوبات تنفسية، لكن لم تُعطَ حصيلة رسمية جديدة للجرحى.
فرار الأهالي
وانتشرت الصور والفيديوهات على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي من المناطق المتضررة من الحرائق بولايات الشرق الجزائري، التي امتدت لـ7 مدن، بالتحديد ولايات الطارف، وسوق هراس، وسطيف، وسكيكدة، قبل أن تزحف لمدن مجاورة، مع العلم أن أغلب هذه الولايات تتميز بكثافة مناطقها الغابية.
يقول شهود عيان، إنهم وجدوا أنفسهم في “صراع حقيقي” مع النيران التي لم يروا مثلها من قبل، في حين “فرت عائلات بأكملها من الحرائق”، بحسب ما تظهره فيديوهات من ولاية الطارف المتاخمة للحدود التونسية.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن 350 عائلة فرت من منازلها في سوق هراس.
وأفادت حصيلة سابقة للحماية المدنية عن إصابة أربعة أشخاص بحروق بدرجات متفاوتة، وعن 41 آخرين يواجهون صعوبات في التنفس بمنطقة سوق هراس الحدودية مع تونس.
إغلاق الطرق
وعلى إثر الحرائق أغلقت الجزائر، الأربعاء، الطرق المؤدية إلى تونس، في حين جرى قطع احترازي للتزويد بالطاقة الكهربائية والغاز الطبيعي لسلامة المواطنين، وذلك على المساكن بالولايات الشرقية، بسبب الحرائق المندلعة بها، وفق ما نقلته وسائل إعلام محلية.
وتستمر عمليات الإخماد التي تقوم بها وحدات الحماية المدنية، إضافة إلى سكان المناطق المتضررة، كما تشارك وحدات من القوات الجوية للجيش الجزائري في عمليات الإطفاء، بخاصة في المناطق ذات التضاريس الوعرة التي يصعب الوصول إليها، في وقت لا تزال فيه أسباب الحرائق مجهولة على الأقل في الوقت الراهن، الذي يعيش فيه الجزائريون تحت تأثير الصدمة، حيث لم تُوجه السلطات لأي جهة معينة قد تكون وراء إشعال النار في الغابات.
وأوضحت الحماية المدنية أن 39 حريقاً في 14 ولاية “لا تزال متواصلة”، وأن ولاية الطارف الحدودية مع تونس سجلت لوحدها 16 حريقاً.
وأفادت قناة “النهار” التلفزيونية الخاصة عن نقل أكثر من 50 شخصاً إلى المستشفى في مدينة الطارف التي تعد مئة ألف نسمة.
المروحيات تتدخل
وتدخلت مروحيات في ثلاث ولايات، بينها سوق هراس البالغ عدد سكانها نحو 500 ألف نسمة. وبين هذه المروحيات، تلك التابعة للحماية المدنية، وقد ساندتها مروحيات للجيش.
وألقى جزائريون لوماً شديدة على السلطات التي عجزت عن توفير طائرات إخماد الحرائق، وأثار إعلان وزير الداخلية تعطل الطائرة الروسية التي جرى استئجارها منذ يونيو (حزيران) الماضي، خلال عمليات إطفاء الحرائق قبل 3 أيام، الاستياء والكثير من الجدل على منصات التواصل الاجتماعي.
وقال ناشطون إن الجزائر بحجم قارة، وينبغي أن تمتلك طائرات لإخماد الحرائق، وكان عليها التوقع بإمكانية اندلاع حرائق، خصوصاً بعدما وقع العام الماضي.
واستأجرت الجزائر طائرة إطفاء حرائق لمدة 3 أشهر من روسيا لمواجهة أي حرائق محتملة، والطائرة من نوع Berieve BE 200، وهي نموذج متخصص في مكافحة حرائق الغابات وتحوز على سعة 12 ألف لتر مجزأ، ما يسمح بإنزال جوي وفقاً للاحتياجات التشغيلية.
وفي ردود الفعل كتب الإعلامي الجزائري والكاتب نجيب بلحيمر في تدوينة على حسابه بـ”فيسبوك”، “ما يحدث ليس كارثة عارضة، وهو لا يشبه في شيء الزلزال التي لا يعجز العلم عن التنبؤ بوقوعها، بل هو نتيجة لاختلال بيئي سيستمر ويزداد سوءاً، ستعود الحرائق والفيضانات، وسيشتد الجفاف، وليس هناك من خيار غير وضع سياسات وتجنيد الموارد لتنفيذها، وإسناد الأمر لأهل العلم والكفاءة أو الانقراض بهذه الطريقة البشعة التي نشاهد صور عنها”.
وبحسب موقع “مينا ديفينس” المتخصص، فقد ألغت السلطات الجزائرية بعد خلافها مع إسبانيا عقداً مع مجموعة بليسا الإسبانية المتخصصة التابعة لمجموعة “إير نوستروم” للطيران، للتزود بسبع طائرات قاذفة للمياه.
وفي أواخر يونيو (حزيران)، علقت الجزائر “معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون” التي أبرمتها عام 2002 مع إسبانيا، بعدما غيرت مدريد موقفها في ملف الصحراء الغربية لدعم موقف المغرب.
وقالت وسائل إعلام عدة، إنه لم يتم وضع أي خطة بديلة لاستبدال الطائرات الإسبانية.
وأوضح وزير الداخلية أنه منذ بداية الشهر الحالي، اندلعت في البلاد 106 حرائق ما أدى إلى تدمير 800 هكتار من الغابات و1800 هكتار من الأراضي.
وأكد الوزير أن بعضاً من هذه الحرائق مفتعل.
ومع الحصيلة المسجلة الأربعاء، يرتفع عدد ضحايا حرائق هذا الصيف إلى 30 قتيلاً.
وتمتد الغابات في الجزائر على مساحة 4.1 مليون هكتار.
ويشهد شمال البلاد كل سنة حرائق غابات، وتتزايد بشدة هذه الظاهرة بسبب التغيرات المناخية.
وكان صيف عام 2021 الأكثر تسجيلاً لعدد القتلى، إذ لقي تسعون شخصاً على الأقل حتفهم في حرائق غابات ضربت شمال البلاد، وأتت على أكثر من 100 ألف هكتار من الغابات.
ويزيد الاحترار المناخي من إمكانية حصول موجات حر وجفاف، بالتالي اندلاع حرائق.