حديث المرأة.. بين السخافة والثقافة/ أدي أدب
يندر في الشعر العربي أن تجد مساحة معتبرة للتغزل بحديث المرأة، إمتاعا ومؤانسة، حيث استحوذ تصوير الجمال الجسدي على تصوير الجمال الروحي، بل إن حديث المرأة؛ في المخيال العربي، وخصوصا الزوجة، لا يعدو عند زوجها سوى كونه مجرد ثرثرة تافهة، ولكن حكاية بطلة “ألف ليلة وليلة”، تنتصف لحديث المرأة عموما، وتمنحه طاقة سحرية، خارقة، قادرة على تحويل سلسلة أحاديث سَمَرها، إلى سلسلة حياة، كلما نجحت في إذكاء عنصر التشويق في حبكتها المتنامية، مدت في مجال عمرها يوما إضافيا، متمترسة بكلماتها الشيقة، عبر مقاومتها الموت المتربص بها وبكل بنات حواء، على يد حيوان مفترس، يتقمص رجلا طاغية مريضا نفسيا اسمه “شهريار”، استطاعت” شهرزاد” بجاذبية حديثها، أن تروِّضه، وتوقظ في كينونته إنسانيته، صائغة إياه خلْقا جديدا، لكنها ما كانت لتقدر على ذلك، لو لم تكن تمتلك حمولة ثقافية، تمدُّها بفلسفة ، تقدم رسالتها لعقْل المتلقي ووجدانه معا، حيث كانت قد قرأت ألف كتاب، حسبما تقول مقدمة الحكاية الخالدة، ولو كانت فتاة جاهلة فارغة، لَكانتْ مجرد كتلة لحْم ،تزف-صامتة- كل ليلة إلى مقبرة المخدع الزوجي الرهيب، أوْ لَكانتْ تزف-صامتة- عروسا كل سنة، منْذورة للموت غرقا في مياه النيل، ليفيض بالخير والبركة في زعم مزارعي ضفافه. عاشت كل “شهرزاد”، تمتلك سر صناعة “كيمياء الكلمات”،مجسدة قول الشاعر: من الخَفِرَاتِ البِيضِ.. ودَّ جَلِيسُها إذاما انْتَهَتْ أحْدُوثَةٌ لوْ تُعِـــيـــدُها.