تحولات عربية تكتيكية قد تقود الى نتائج استراتيجية نوعية/ أ.د. احمد القطامين
23 مايو 2023، 13:13 مساءً
بينما تتفاعل الازمة الاوكرانية وتقترب بسرعة من الحافات الخطرة عند نقطة الحسم، تتبلور مواقف عربية غير معتادة لعقود طويلة.. فقد اعتدنا خلال الخمسين سنة الماضية ان يتماهى الموقف الرسمي العربي مع الموقف الغربي وبالتحديد الموقف الامريكي فيمضي في خدمته دون الالتفات للمصالح الاساسية للعرب ودون حتى الحصول على الحد الدنى من المنافع.
كما يبدو ان من الاثار الاولى للحرب الروسية الغربية في اوكرانيا انها قد احدثت تحولات لا زالت اولية تكتيكية الطابع في تعامل النظام السياسي العربي مع التوازنات الدولية الجديدة . وحتى تنتقل هذه التحولات التكتيكية الى مستوى التحولات الاستراتيجية الكبرى لا بد ان تسعى القوى ذات الثقل في المحيط العربي للمضي قدما وبثبات في المواقف السياسية الجديدة ليحدث مثل هذا التحول من تكتيكي الى نوعي ويمكًن من بروز شخصية محددة للمواقف العربية في عالم شرع يتغير من القطبية الاحادية الى القطبية المتعددة.
قبل عام لم يكن متخيلا ان اتفاقا سعوديا ايرانيا سوف يتم وبرعاية صينية، ولم يكن ابدا بالحسبان ان تسعى الدول العربية وباصرار وثبات الى اعادة سوريا الى الحضن العربي ولم يكن واردا ان الازمة اليمنية سوف تدخل في معادلات الحل،
اذن نحن على اعتاب تحولات كبرى في المواقف، ولا بد ان نلاحظ ان اعادة العلاقات مع سوريا تتم وسط غضب امريكي على الدول العربية المتقاربة مع سوريا وصل الى حد التهديد العلني بفرض عقوبات ازاء التعامل مع سوريا، فسوريا من وجهة النظر الامريكية الاسرائيلية يجب ان الى تستعاد الى الحضن العربي لان في ذلك تجاوزا للخطوط الحمراء التي فرضتها امريكا على الانظمة العربية وهذه الخطوط الحمراء ابتلعت سوريا والعراق والجزائر وحاولت حصار مصر خدمة لبقاء اسرائيل..
لقد بدأنا نشهد مجموعة من المعطيات المهمة جدا والواضحة جدا التي تدعو الى التفاؤل بعودة الامة الى عرينها التاريخي ومن ابرزها تزايد كبير في قوة السعودية وتأثيرها المنفلت من القيود الامريكية، وتطور ملفت في موقف مصر من العديد من القضايا الكبرى في المنطقة وتعاظم دور الجزائر بعد ان تعافت من عشريتها السوداء وعودة سوريا التي تمتلك الكثير من مفاتيح القوة العربية بعد عقد من الحصار ومحاولات الالغاء والتدمير..
اذن مجموع ما يجري من تحولات تكتيكية موضعية محددة في المنطقة العربية اخذت تبشر بتغيرات نوعية استراتيجية استعدادا للتطورات الهائلة التي سيشهدها العالم بعد ان يتم حسم الصراع الكبير في اوكرانيا..