في ذكرى رحيل الغالية ديمي…/ الشيخ بكاي
“الشيخ رحَّمْ على اختك”… بهذه الجملة المريرة رد علي أحمد ولد آبه حينما اتصلت أطمئن على صحة الغالية ديمي…
يصادف يوم غد الاحد 4 يونيو الذكرى 12 لرحيل الفنانة الرائعة ديمي بنت آبه عن عالمنا مخلفة أحزانا في قلوب الملايين من محبيها.
توفيت الفنانة في مستشفى الشيخ زايد بالرباط بالمملكة المغربية، وعاد جثمانها إلى البلاد في طائرة خاصة على متنها وزيرة الثقافة الموريتانية في حينه سيسى بنت بيده.
وعولجت ديمي في المغرب على نفقة العاهل المغربي محمد السادس الذي ظل يتابع أخبارها من خلال طبيبه الخاص حيث كلفه بتقديم تقارير يومية عن حالتها الصحية.
وتبرع رجال أعمال موريتانيون بعلاج الفنانة الكبيرة في أي مكان ومن بينهم سيدي محمد ولد عزيزي ولد المامي. لكن موقف الحكومة الموريتانية كان غريبا إذ تأخرت كثيرا في الانتباه إلى أن أحد رموز البلد في وضعية حرجة. ولم تبد الحكومة اهتماما إلا قبل يومين من وفاتها مع العلم أنها أمضت في المرض أكثر من أسبوعين.
وبعد 11 يوما من مرض الفنانة وقبل يومين من وفاتها أعلن الوزير الموريتاني الأول أن الدولة تضع كل الوسائل تحت التصرف لعلاج الفنانة،.لكن الفقيدة اختارت جوار ربها قبل أن يتم نقلها إلى باريس حيث قررت الدولة أن يكون علاجها.
توليت شخصيا تغطية الأزمة لموقع “مورينيوز.. ونشرنا ثمانين تقريرا (80) عن مرض الفنانة ووفاتها نعيد الآن نشر بعضها.
في مرحلة من مرض الراحلة بدأت أنشر خلفيات عنها فهم كثيرون منها أن حالتها صعبة أكثر مما ينشر.. واضطررنا إلى تخصيص شخص لتلقي مكالمات المتصلين من جمهور الفنانة والرد على أسئلتهم عن أي معلومات يعتقدون أن الوكالة لم تنشرها أو هي معدة للنشر.
وهذه إحدى تلك الخلفيات التي نشرت متكررة مع عدد من التقارير:
…. وولدت الفنانة ديمي في ولاية ” تگانت” بموضع “عريظ” قرب ” گبو” شمال مدينة النبيكة، في “تامورت النعاج”، حيث مرابع “الحلة” التي منها انحدرت والدتها المرحومة منينه بنت أيده.
بدأت ديمي رحلة المجد إذن من منطقة ” قصر البركة” المدينة التاريخية التي ما تزال شاهدا حيا على عظمة الإنسان في هذه الصحراء…
ومن مناطق ” بين إنكشان”، ” احسي المقطع”، و ” حفر المجرية” انتقلت إلى منطقة الشمال الشرقي من ” تگانت” حيث قضت معظم أيام الطفولة بين ” تشنات” ، ” أدندون” ،” الكروميات”،”إحياك” ،” الرشيد”، ” اشوي” ، ” تيمجيجات”، ” أم الطبول”،،” الحرج” و ” أشاريم”. وهي مرابع “حلة” أخرى منها انحدر والدها الفنان الكبير سيداتي ولد آبه.
وفي نهايات السبعينيات كانت ديمي ما تزال طفلة لكنها كانت أكبر من سنها وكانت في وسط آخر، أو “حلة” أخرى تحاول ان تكون للجميع هي نواكشوط عاصمة موريتانيا التي كانت حينئذ تمور باحلام الثوار والشعراء ومطامح رجال الدولة.انغمست ديمي في “الحلة” الجديدة وأعطتها نفسها وصوتها الذي سحر الجميع بصفائه، وقوته، وعذوبته.
غنت لفلسطين… غنت ضد ” الآبارتيد”… غنت ضد الامبريالية والإقطاع… غنت لموريتانيا بفلاحيها ومنميها، وبطموحاتها نحو النماء.. وغنت في شكل خاص لما يرمز للدولة الموريتانية كيانا موحدا قويا كما تريده ويريده الموريتانيون.
طوعت الفنانة الموسيقي الموريتانية – في حدود المعقول- لموسيقى المشرق العربي،أو طوعت تلك الموسيقي لموسيقى بلدها من أجل وصول الكلمة واللحن الموريتانيين إلى العالم العربي، ونجحت في ذلك في حدود الإمكانات المتاحة في بلدها.
وكانت وفية للتراث الموسيقي الموريتاني من دون أن تقبل أن تتجاوزها موضة الشباب السريعة، فتجاوبت مع سرعة العصر من غير تفريط.