تعذر الاقتراع حول الدستور في شمال مالي ووسطها
باماكو (أ ف ب) – أدلى الماليون الأحد بأصواتهم في إطار استفتاء على دستور جديد في أول اقتراع حول مستقبل بلدهم المأزوم منذ وصول العسكريين إلى السلطة قبل ثلاث سنوات، غير أنّ الخوف من هجمات يشنها الجهاديون والخلافات السياسية حالت دون إجرائه في عدة مناطق في الشمال والوسط.
وأفاد مراسل وكالة فرانس برس في باماكو بأنّ عدداً كبيراً من الناخبين حضروا إلى مراكز الاقتراع قبل الإغلاق في السادسة مساء وبدء عملية الفرز. ويُنتظر أن تصدر نتائج الاستفتاء في غضون 72 ساعة.
لكنّ الجماعات المسلّحة في الشمال منعت عملية الاقتراع في مدينة كيدال الاستراتيجية والبلدات المحيطة بها.
كما رفضت الحركات المتمردة السابقة الموقعة على اتفاق سلام هش مع باماكو السماح بتسليم مستلزمات الاستفتاء على مشروع دستور لا يدعم الاتفاقية التي وقعتها في عام 2015.
وأفاد مسؤولون في منطقة ميناكا في شمال شرق مالي التي ينشط فيها تنظيم الدولة الإسلامية منذ شهور أن الاستفتاء اقتصر على العاصمة الإقليمية بسبب انعدام الأمن.
وتحدث اتحاد “موديلي” المشكل من مراقبين وطنيين من المجتمع المدني ويحظى بدعم الاتحاد الأوروبي، عن أكثر من 80 مكتب اقتراع تعذر إجراء التصويت فيها “بسبب انعدام الأمن” في منطقة موبتي في الوسط، وهي منطقة تعد بؤرة للعنف الدامي منذ 2012.
وأشار إلى نقل عدة مكاتب أخرى إلى مدينة بانكاس “بسبب انعدام الأمن”. وتحدث عن “هجوم إرهابي” أدى إلى تعطيل التصويت في بوديو (وسط)، من دون مزيد من التفاصيل.
في إحدى مدارس باماكو، اختار الناخبون بين بطاقة بيضاء تعني موافقتهم على الدستور الجديد وأخرى حمراء تعني عدم الموافقة.
وقال بولان بارو وهو موظف حكومي “اليوم يوم تاريخي. سيغيّر هذا التصويت أشياء كثيرة في الهيكلية المؤسسية، والحياة الاجتماعية والاقتصادية. إنه نص جيد، صوتت بنعم لإعادة تأسيس مالي”.
واتخذت مريم ديوب (30 عاماً) برفقة زوجها مساراً معاكساً. وقالت “أتيت للتصويت كمواطنة صالحة، لكنّي ضدّ المشروع. لا يتمّ أخذ هواجس الدين الإسلامي في الاعتبار على الإطلاق، ولهذا السبب صوتت بلا”.
من بين التعديلات التي تقترحها المجموعة العسكرية الحاكمة على دستور العام 1992، تعزيز سلطات الرئيس الذي يقود بلدا يواجه توسعا للنشاط الجهادي وأزمة متعددة الأبعاد، أمنية وسياسية واقتصادية وإنسانية.
تعتبر الموافقة على تعزيز صلاحيات الرئيس أحد رهانات الاقتراع، ويرى المعارضون أن المشروع صيغ بهدف إبقاء العسكريين في الحكم بعد موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في شباط/فبراير 2024 رغم التعهد بإعادة الحكم إلى المدنيين إبان الانتخابات.
ويبدو أن إقرار هذه التعديلات مضمون.
لكن في أجواء يصعب التكهن بها بسبب عدم شفافية النظام والقيود المفروضة على حرية التعبير، قد يوفر حجم التأييد والمشاركة في الاقتراع، وهي عادة ضعيفة، مؤشرات حول دعم الماليين للمجموعة العسكرية الحاكمة وقائدها الكولونيل أسيمي غويتا الذي يتمتع بشعبية، فضلا عن الوضع الداخلي.
فالعسكريون الذين وصلوا إلى السلطة بالقوة العام 2020 ويمارسونها من دون مشاركة من أطراف أخرى، يؤكدون أنهم يرغمون الجهاديين على التراجع على الأرض.
ويأتي التصويت قبل أقل من 48 ساعة من المهلة التي منحتها مالي لسحب بعثة الأمم المتحدة المنتشرة في البلاد منذ عشر سنوات. وترى السلطات أن البعثة فشلت وأن مالي قادرة على ضمان أمنها “بوسائلها الخاصة”.
ويصب جزء كبير من التعديل الدستوري في مصلحة القوات المسلحة، فمن أهم سماته أنه ينص على العفو عن منفذي الانقلابات السابقة لصدوره ويغذي التكهنات حول احتمال ترشح غويتا للرئاسة.