انقلابيو النيجر يعينون رئيسا للوزراء والمبعوثة الأميركية تصف محادثاتها معهم بـ”الصعبة”
نيامى (النيجر) (أ ف ب) – أعلن العسكريّون الانقلابيّون في النيجر مساء الاثنين تعيين علي الأمين زين رئيسا الوزراء، فيما قالت مساعدة وزير الخارجيّة الأميركي فيكتوريا نولاند إنّها التقت القادّة العسكريّين في هذا البلد من دون إحراز تقدّم فوري على مسار إنهاء الانقلاب.
ويعقد قادة الجماعة الاقتصاديّة لدول غرب إفريقيا (إكواس) اجتماعا جديدا الخميس للبحث بالوضع في النيجر، بعد أسبوعين على الانقلاب الذي أطاح الرئيس محمد بازوم وغداة انتهاء مهلة حدّدتها المنظّمة للانقلابيّين من أجل تسليم السلطة أو مواجهة احتمال استخدام القوّة.
وقال العقيد أحمدو عبد الرحمن في بيان تُلي عبر التلفزيون الوطني النيجري مساء الاثنين “عُيّن (علي) الأمين زين رئيسا للوزراء”.
بمجرّد وصوله إلى السلطة، كان الرئيس الأسبق مامادو تانجا قد عيّن علي الأمين زين وزيرا للمال عام 2002 لمعالجة وضع اقتصادي ومالي فوضوي. وشغل زين منصب وزير المال إلى أن أُطيح تانجا في انقلاب عام 2010 نفّذه القائد العسكري سالو دجيبو، قبل تنظيم انتخابات رئاسيّة فاز بها محمدو إيسوفو، سلف محمد بازوم الذي أطيح من السلطة في 26 تمّوز/يوليو المنصرم.
زين خبير اقتصادي شغل أيضا منصب ممثّل مصرف التنمية الإفريقي في تشاد وساحل العاج والغابون.
وأضاف عبد الرحمن أنّ “اللفتنانت كولونيل حبيب عثمان عُيّن أيضا قائدا للحرس الرئاسي” النيجري.
توازيا، قالت نولاند في تصريح من نيامي، إنها التقت خلال أكثر من ساعتين كبار القادة العسكريين في النيجر. وأوضحت “هذه المحادثات كانت في منتهى الصراحة واتّسمت أحيانا بالصعوبة”.
وقالت “كانت هذه أول محادثات تعرض فيها الولايات المتحدة مساعيها الخيّرة في حال وُجدت رغبة لدى الأشخاص المسؤولين عن هذا الوضع للعودة إلى الانتظام الدستوري”. وأشارت إلى أن العرض لم يلق قبولا.
وذكرت أنها التقت الجنرال موسى سالو بارمو الذي عيّن رئيسا جديدا لهيئة الأركان، وقادة آخرين.
وكشفت أن المجموعة العسكرية لم تستجب لطلبها لقاء قائدها الجنرال عبد الرحمن تياني، كما لم تستجب لطلبها لقاء الرئيس المحتجز بازوم، علما بأن مسؤولين أميركيين تواصلوا هاتفيا مع الأخير.
وقالت نولاند إنها عرضت “عددا من الخيارات” لإنهاء الانقلاب. وأكّدت أنها أوضحت العواقب على العلاقات مع الولايات المتحدة إذا لم يعمد الانقلابيون إلى إعادة السلطة لبازوم أو إذا اقتدوا بدول الجوار في التعاون مع مجموعة فاغنر الروسية.
وتابعت “آمل بأن يبقوا المجال مفتوحا أمام الدبلوماسية. قدّمنا ذاك الاقتراح. سنرى”. وقالت إن بارمو مطّلع جيّدا على التعاون مع الولايات المتحدة من خلال انخراطه في الماضي مع القوات الخاصة.
وأشارت نولاند إلى أن الانقلابيين “يدركون جيدا جدا المخاطر التي تتهدد سيادتهم عندما تُدعى فاغنر” إلى النيجر.
من جهتها أفادت إكواس الإثنين بأن “قادة منظمة غرب إفريقيا سيعقدون قمة استثنائية جديدة حول الوضع السياسي وآخر التطورات في النيجر”. وتُعقد القمة في أبوجا، برئاسة بولا تينوبو، الرئيس الحالي للمنظمة.
خلال قمة سابقة عقدت في 30 تموز/يوليو، أمهلت إكواس العسكريين أسبوعا، انتهى الأحد، لإعادة الرئيس المنتخب ديموقراطيا إلى منصبه وإنهاء احتجازه.
ورغم أن قادة جيوش هذه الدول وضعوا الأسبوع الماضي إطار “تدخل عسكري محتمل”، انتهت المهلة الأحد الساعة 22,00 ت غ بدون حصول أي تحرك. وقال مصدر قريب من المنظمة إن خطوة كهذه لن تحصل في الوقت الحاضر.
ورغم رفض الانقلابيين مطالب المنظمة، يبدو أن الحوار ما زال مطروحا، وقد تشارك فيه الولايات المتحدة حليفة النيجر، وفق المصدر.
الدبلوماسية “ممكنة”
من جانبه، أعلن رئيس وزراء النيجر حمودو محمدو الإثنين أن الانقلابيين العسكريين طلبوا من وفد الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “العودة” إلى نيامي، في مقابلة أجرتها معه شبكة “تي في 5 موند”.
وكان وفد دول غرب إفريقيا وصل مساء الخميس إلى نيامي سعيا لإيجاد مخرج للأزمة، غير أنه غادر بعد بضع ساعات بدون أن يلتقي أيا من قائد المجموعة العسكرية التي نفذت الانقلاب عبد الرحمن تياني أو الرئيس المخلوع بازوم.
واعتبر المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر الاثنين أن إنهاء الانقلاب في النيجر بالسبل الدبلوماسية لا يزال “ممكنا”.
وأعلنت الأمم المتحدة أن ممثل أمينها العام لغرب إفريقيا ومنطقة الساحل ليوناردو سانتوس سيماو موجود “حاليا في أبوجا” لإجراء حوار مع “الأطراف الإقليميين المعنيين”.
ورفضت أصوات إفريقية عدة في الأيام الأخيرة الخيار العسكري. ونبه وزير خارجية مالي عبدالله ديوب إلى أن التدخل العسكري يمكن أن يشكل “كارثة”.
ودعا أعضاء مجلس الشيوخ في نيجيريا الى تعزيز “الخيار السياسي والدبلوماسي”، فيما اعتبر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن التدخل العسكري سيكون “تهديدا مباشرا” لبلاده.
بدورها، أعلنت بعض الدول الغربية تأييدها الحل الدبلوماسي، وبينها ألمانيا التي قالت إن جهود الوساطة لا تزال “في بدايتها”، وإيطاليا التي أمل وزير خارجيتها بـ”تمديد” مهلة الجماعة الاقتصادية لغرب إفريقيا.
من جهته، أوفد الجيش المالي وفدا رسميا مشتركا من مالي وبوركينا فاسو الى نيامي.
وقال المتحدث باسم حكومة مالي عبدالله مايغا “كررنا قرار رئيسَي (بوركينا فاسو ومالي) المشاركة في شكل كامل في عمليات الدفاع المشروع الى جانب قوات الدفاع والأمن النيجرية”.
بلبلة في الرحلات الجوية
وسبق للانقلابيين في نيامي أن توعدوا بـ”رد فوري” على “أي عدوان”. وقال “المجلس الوطني لحماية الوطن” الحاكم الذي يضم العسكريين الانقلابيين، إن “انتشارا مُسبقا استعدادا للتدخّل قد جرى في بلدَيْن في وسط إفريقيا”، من دون تحديدهما، محذرا من أن “أي دولة مشاركة ستُعتبَر طرفا في القتال”.
وقبيل انتهاء مهلة إكواس، أعلن قادة المجلس العسكري إغلاق المجال الجوي للنيجر.
وجاء في بيان للعسكريين أنه “في مواجهة التهديد بالتدخل الذي بدأت تتّضح معالمه انطلاقا من استعدادات البلدان المجاورة، أغلق المجال الجوي للنيجر اعتبارا من اليوم الأحد (…) أمام كل الطائرات حتى إشعار آخر”.
وأحدث ذلك بلبلة الإثنين في الرحلات التي تسيّرها الشركات الأوروبية إلى بعض الوجهات الإفريقية، فاضطرت طائرات تسيّر رحلات من ليبرفيل ودوالا وكينشاسا وكوتونو إلى باريس للعودة إلى نقطة إقلاعها للتزود بكميات أكبر من الوقود تمكّنها من الطيران مسافة أطول من أجل الالتفاف على أجواء النيجر، وفق ما أوضحت شركة إير فرانس-كاي إل إم.
وساد الهدوء شوارع نيامي الاثنين حسب مراسلي وكالة فرانس برس، غداة احتشاد نحو 30 ألفا من مؤيدي الانقلاب في عرض قوة قبيل انتهاء المهلة، ملوحين بأعلام النيجر وروسيا وبوركينا فاسو.
ووصل أعضاء من “المجلس الوطني لحماية الوطن” الى مكان التجمع في قافلة سيارات رباعية الدفع واستقبلهم الحشد بحرارة.
وفي حين يبقى الرئيس بازوم محتجزا منذ الانقلاب، أفرج العسكر عن وزيرة المناجم أوسيني حديزاتو الأحد “لأسباب طبية”، حسب قريبين منها.