كيف تحاول دول العالم تنظيم الذكاء الاصطناعي؟
هل بإمكان الذكاء الصناعي توليد معلومات خاطئة وتوظيف التزييف العميق للصور؟
الحقيقة أن هناك الكثير من الإثارة حول قدرة الذكاء الاصطناعي التوليدي على إنشاء محتوى، بدءاً من حالات الاستخدام في إنتاج مواد تسويقية، إلى ترجمة أصوات مقدمي البودكاست إلى لغات مختلفة.
توليد معلومات غير موثّقة
ولكن مع الوعود الكبيرة تأتي مخاوف كبيرة، بما في ذلك -على سبيل المثال لا الحصر- انتشار المعلومات الخاطئة على نطاق واسع، وخصوصاً عبر التزييف العميق، واستخدام أعمال المبدعين دون إسناد، وخسارة هائلة في الوظائف بفضل الأتمتة.
ومع وضع هذه الجوانب السلبية المحتملة في الحسبان، تحاول الحكومات في جميع أنحاء العالم إنشاء لوائح تنظيمية، أو قوانين للذكاء الاصطناعي، تعمل على تعزيز السلامة والاستخدام العادل، مع الاستمرار في تشجيع الابتكار.
تنظيمات وقوانين
* الولايات المتحدة: سمحت حكومة الولايات المتحدة حتى الآن لشركات التكنولوجيا بوضع ضماناتها الخاصة حول الذكاء الاصطناعي، لكن المشرعين يقولون إن تنظيم الذكاء الاصطناعي ضروري؛ إذ عقدوا اجتماعات متعددة في عام 2023 مع شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة من «OpenAI» إلى «Nvidia». وناقش المشرعون متطلبات الترخيص، وإصدار الشهادات لنماذج الذكاء الاصطناعي عالية المخاطر عند الضرورة.
* أميركا تخطط لإنشاء وكالة خاصة للإشراف على خدمات الذكاء الاصطناعي*
في الوقت نفسه، قالت الوكالات الفيدرالية، مثل مكتب الحماية المالية للمستهلك، ووزارة العدل، ولجنة تكافؤ فرص العمل، ولجنة التجارة الفيدرالية، إن الكثير من تطبيقات الذكاء الاصطناعي تخضع بالفعل للقوانين الحالية.
تجنّب التقييدات خانقة للابتكار
* المملكة المتحدة: تريد المملكة المتحدة، التي تعد موطناً لشركات الذكاء الاصطناعي، مثل مختبر الذكاء الاصطناعي «ديب مايند»، التابع لشركة «غوغل»، وشركة «سينثيسيا» لصناعة فيديو الذكاء الاصطناعي، تجنب التشريعات الصارمة التي يمكن أن تخنق الابتكار. وذكرت «رويترز» أن التنظيم سيستند إلى مبادئ، مثل السلامة والشفافية والعدالة والمساءلة.
تريد حكومة المملكة المتحدة أيضاً أن تلعب دوراً رئيسياً في تنظيم الذكاء الاصطناعي. ومن المتوقع أن تعقد أول قمة لها حول سلامة الذكاء الاصطناعي في الأول والثاني من نوفمبر (تشرين الثاني). وقال رئيس الوزراء ريشي سوناك في بيان: «لطالما كانت المملكة المتحدة موطناً للتقنيات التحويلية للمستقبل… ولتبني الفرص الاستثنائية التي يوفرها الذكاء الاصطناعي بشكل كامل، يجب علينا السيطرة على المخاطر، ومعالجتها لضمان تطورها بأمان في السنوات المقبلة».
وتخطط الدولة لتقسيم المسؤولية عن إدارة الذكاء الاصطناعي بين الهيئات التنظيمية الحالية لحقوق الإنسان والصحة والسلامة والمنافسة، بدلاً من إنشاء هيئة جديدة مخصصة للتكنولوجيا، التي تختلف عن الهيئات التنظيمية الأميركية التي ناقشت إنشاء هيئة مستقلة للإشراف على تراخيص الذكاء الاصطناعي، ونماذج الذكاء الاصطناعي عالية المخاطر. وكان الأكاديميون قد انتقدوا الهيئة التنظيمية المستقلة، قائلين إن إنشاء وكالة جديدة تماماً سيستغرق بعض الوقت.
قواعد وقوانين أوروبية صارمة
الاتحاد الأوروبي، منذ عام 2021، يعمل الاتحاد الأوروبي، الذي يتمتع بسجل حافل في تنفيذ قواعد أكثر صرامة على صناعة التكنولوجيا مقارنة بالمناطق الأخرى، على إقرار قانون الذكاء الاصطناعي، الذي سيكون أول قانون للذكاء الاصطناعي في الغرب.
* تحظر القواعد الأوروبية المقترحة الاستخدامات التدخلية والتمييزية للذكاء الاصطناعي*
يقترح القانون تصنيف أنظمة الذكاء الاصطناعي حسب المخاطر. ستواجه الأنظمة عالية المخاطر، بما في ذلك أدوات توظيف الذكاء الاصطناعي، وبرامج تسجيل الاختبارات، معايير امتثال أكبر، مثل التحقق من صحة البيانات والتوثيق، مقارنة بالأنظمة الأقل خطورة.
تحظر القواعد المقترحة أيضاً الاستخدامات التدخلية والتمييزية للذكاء الاصطناعي، مثل أنظمة تحديد الهوية البيومترية عن بعد في الوقت الفعلي في الأماكن العامة، أو أنظمة السياسة التنبؤية القائمة على التنميط.
في الشهر الماضي، قال عضو لجنة المفوضية الأوروبية، تيري بريتون، إن الاتحاد الأوروبي يعمل على تطوير ميثاق للذكاء الاصطناعي، من شأنه أن يساعد الشركات على الاستعداد لتنفيذ قانون الذكاء الاصطناعي، وإن الشركات الناشئة -وليس فقط شركات التكنولوجيا الكبرى- بحاجة إلى أن يتم تضمينها في المناقشات حول تطوير حوكمة الذكاء الاصطناعي. كانت الشركات الناشئة أعلنت في الماضي أن التنظيم المقترح للاتحاد الأوروبي مقيد للغاية.
* خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي في الصين تخضع لتقييم أمني*
تقييم أمني صيني
* الصين: في الصين يجب أن يخضع مقدمو خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي لتقييم أمني، ويجب أن تلتزم أدوات الذكاء الاصطناعي بالقيم الاشتراكية. لكن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدية، التي تم تطويرها للاستخدام خارج البلاد فقط، معفاة من القواعد. وتمتلك شركات التكنولوجيا الصينية، مثل «بايدو»، و«تينسينت»، و«هواوي»، مراكز بحث وتطوير في وادي السيليكون.
ولمنافسة «تشات جي بي تي» من شركة «أوبن إيه إي»، أعلنت «علي بابا» و«بايدو» و«جاي دي» أكبر شركات الإنترنت في البلاد، عن تطوير روبوتات الدردشة الخاصة بها، التي تعمل بالذكاء الاصطناعي. في الماضي، قالت الصين إنها تريد أن تكون الرائدة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030، ووضعت خططاً لتسويق الذكاء الاصطناعي تجارياً في عدد من المجالات، من المدن الذكية إلى الاستخدامات العسكرية، حسبما ذكرت شبكة CNBC.
ليونة يابانية
* اليابان: تميل اليابان نحو قواعد أكثر ليونة تحكم استخدام الذكاء الاصطناعي. وفي الأسبوع الفائت تعهد رئيس الوزراء فوميو كيشيدا بأن الحزمة الاقتصادية التالية ستشمل تمويل تطوير الذكاء الاصطناعي في الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وهو ما يمكن أن يساعد في تعزيز ريادة اليابان المفقودة في مجال التكنولوجيا.
قالت اليابان أيضاً إن استخدام الصور المحمية بحقوق الطبع والنشر لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي لا ينتهك قوانين حقوق الطبع والنشر، ما يعني أن موفري الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكنهم استخدام الأعمال المحمية بحقوق الطبع والنشر، دون الحصول على إذن من أصحاب الصور.
وقال أحد أعضاء «مجلس النواب» عن اليابان: «في اليابان، يمكن استخدام أعمال تحليل المعلومات، بغض النظر عن الطريقة، سواء لأغراض غير ربحية، أو من أجل الربح، أو لأعمال أخرى غير الاستنساخ، أو لمحتوى تم الحصول عليه من مواقع غير قانونية». الحزب «الديمقراطي الدستوري» الياباني.
ومع ذلك، أقر الممثل بأن استخدام الصورة ضد إرادة صاحب حقوق الطبع والنشر يمثل مشكلة من وجهة نظر حماية الحقوق، واقترح الحاجة إلى «لوائح جديدة لحماية أصحاب حقوق الطبع والنشر».
تقييم المخاطر في البرازيل
* البرازيل: بدأ المشرعون في البرازيل في صياغة لوائح خاصة بالذكاء الاصطناعي، تتضمن مطالبة مقدمي أنظمة الذكاء الاصطناعي بتقديم تقييم للمخاطر قبل طرح المنتج للجمهور.
وبغض النظر عن تصنيف مخاطر أنظمة الذكاء الاصطناعي، تقول الجهات التنظيمية إن الأشخاص المتأثرين بهذه الأنظمة لهم الحق في الحصول على تفسير حول القرار أو التوصية المقدمة خلال 15 يوماً من الطلب. يؤكد الخبراء الأكاديميون أنه من الصعب تفسير سبب قيام نظام الذكاء الاصطناعي بشيء ما.
* إيطاليا: في مارس (آذار)، كانت إيطاليا أول دولة غربية تحظر -مؤقتاً- ChatGPT بسبب جمع البيانات بشكل غير قانوني. ومنذ ذلك الحين، قالت الحكومة إنها خصصت 30 مليون يورو (33 مليون دولار) لمساعدة العاطلين عن العمل، والعاملين في الوظائف المعرضة لخطر «الأتمتة»، لتعزيز مهاراتهم الرقمية.