canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
أخبار وتقاريرثقافة وفنموضوعات رئيسية

“كوندوم ليد”.. فيلم يكسر الصورة النمطية للحرب في السينما

تحضر الحرب في السينما بمقاربات شديدة الواقعية تركز عادة على العنف والمشاهد الصادمة، لكنها قد تحضر في بعض التجارب الشابة في تفاصيل الحياة الإنسانية اليومية التي تتحول بفعل النزاعات إلى استحالات ورغبات دفينة، كما هو الحال في فيلم “كوندوم ليد” للأخوين عرب وطرزان ناصر.

منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945)، اتجهت السينما التي كانت تعيش آنذاك ازدهارا واسعا إلى توثيق سردية أكبر حرب دموية شهدتها البشرية، ومع كل تقدم وتطور في تقنيات هذه الصناعة العالمية، كان المجال يتسع أكثر لخلق رؤى بصرية جديدة للحروب والنزاعات التي تدور حول العالم. وعلى مر العقود الماضية، رأينا الكثير من الأفلام التي اختص مخرجوها بتسليط عدسات كاميراتهم على الحروب لتوثيق المعارك الفعلية على الأرض أو الاهتمام بالهواجس النفسية البشرية وبالنوستالجيا التي تقارن بين البلدان زمن الحرب، ما قبله وما بعده، وكذلك التغيرات السلوكية التي تحدثها الحروب في البشر، عاداتهم وتقاليدهم.

حيثما حلت الحرب، ظهرت سينما الحرب، فلا مهرب من تأثير التفجيرات والشظايا والقتلى والدمار على السينما. حتى غزة المحاصرة منذ عقود، يلتزم أبناءها المخرجون السينمائيون بتصوير الحرب المستمرة بينهم وبين إسرائيل، كل مرة بشكل وشدة مختلفة.

الأخوان ناصر يؤسسان لمقاربة سينمائية مغايرة لمشاهد الموت والقتل خلال الحروب، تعيد جمهور السينما إلى الأفلام الصامتة
الأخوان ناصر يؤسسان لمقاربة سينمائية مغايرة لمشاهد الموت والقتل
خلال الحروب، تعيد جمهور السينما إلى الأفلام الصامتة

لكن المخرجيْن الغزييْن طرزان وعرب ناصر، لهما نظرة مختلفة للحرب على مدينتهما، إنهما يتأملان الدماء والقنابل والدمار في كل مكان، ويدركان مدى خطورتها على سيرورة الحياة في غزة، لكنهما يلاحظان بدقة أكبر ما تحدثه الحرب في الأنفس البشرية ويعتبرانه الأكثر خطورة، لذلك وجها كاميرتهما منذ أول فيلم سينمائي لهما نحو الإنسان، الإنسان العادي الذي تحرمه الحرب من ممارسة حياته وكونه شخصا عاديا يعيش حياة عادية طبيعية.

يظهر ذلك بوضوح كبير في فيلمهما الثالث “كوندوم ليد” الذي أنتج في العام 2013 وشارك في العديد من المهرجانات الدولية المهمة ومنها مهرجان كان. والفيلم هو باكورة شركة الإنتاج الفلسطينية “مشروع صنع في فلسطين” والتي أسسها المعماري والمصمم والمنتج الفلسطيني رشيد عبدالحميد والمخرجيْن التوأم محمد وأحمد أبوناصر المعروفان بعرب وطرزان ناصر، وكان أول فيلم من غزة يترشح لمهرجان كان.

“كوندوم ليد” هو تلاعب باسم “كاست ليد” التي تعني بالعربية “الرصاص المصبوب” وهو اسم العملية العسكرية على غزة في نهاية عام 2008 وبداية 2009. جاء الفيلم تحت شعار “حلم بالأمل والألفة والحب في عالم تسوده القسوة والانقسام”.

الفيلم الذي عرضته منصة الفيلم الفلسطيني التابعة لمؤسسة الفيلم الفلسطيني ضمن تظاهرة “سرديات رغم التبرير” وهو متاح أيضا عبر منصة نتفليكس، محاكاة ساخرة لحرب غزة، حيث يُبطل دويّ القصف الإسرائيلي محاولات زوجين فلسطينيين في إقامة علاقة حميمية مرارًا وتكرارًا. وهو من بطولة الفلسطيني رشيد عبدالحميد، والجزائرية ماريا محمدي، وتركيب الصوت إيلويز فون فولينستاين.

يبدأ الفيلم بمشاهد كئيبة، يطغى عليها البكاء وأصوات التفجيرات، وبألوان داكنة في بيت انقطعت أنواره، ليدخل المشاهد مباشرة في قصة زوجين يحاولان ممارسة علاقتها الحميمة، إلا أنها تتحول لفعل يشبه الذنب، فعل مستحيل، مع صوت الطائرات دون طيار الاستطلاعية الذي يملأ الخلفية ويحل محل الكلام، تؤول محاولات الزوجين في الاقتراب من بعضهما بالفشل، كل مرة يبادر أحدهما يبدأ قصف حربي جديد يمنعهما من المواصلة، لتصرخ طفلتهما الرضيعة باكية فتسرع الأم لهدهدتها، ثم تعود حزينة إلى جانب زوجها، وكلما فشلت علاقتهما نفخ الأب “الكوندوم” (الواقي الذكري) ليتحول لبالون يلعب بيه الطفل وهو يحبو في أرجاء شقة الزوجية.

بعد 22 يوما من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تملأ البالونات المنزل، يخرج الزوج إلى الشُرفة، يرى بالونات الكوندوم خارجة من كل منازل قطاع غزة، كناية على علاقات الحب التي انتهت قبل أن تبدأ.

يؤسس الأخوان ناصر في هذا الفيلم لمقاربة سينمائية مغايرة لمشاهد الموت والقتل خلال الحروب، مقاربة عادت بجمهور السينما إلى بدايات السينما مع الأفلام الصامتة، فالفيلم خال من الحوار والموسيقى واعتمد على الضوضاء والصور الخلفية حتى يعطي وصفا كونيا لما قد تؤول إليه مشاعر أيّ زوجين في ظل حالة حرب، وحتى يصل الفيلم إلى أكبر شريحة ممكنة من الجمهور. مع الأخوين اللذين منعتهما القيود السياسية والانغلاق الثقافي من تصوير الفيلم في غزة، تحضر الحرب بشكل جديد، فنحن لن نرى الأشلاء منتشرة في كل مكان ولا الدماء تلوّن الشوارع والجثث، ولن نسمع أصوات النحيب والبكاء، وإنما ستعيش أروحنا طوال خمسة عشر دقيقة في صراع بين الحب والحرب.

تصوير الحرب وحيثياتها يجعل في العادة تكوين الكادر السينمائي أكثر عمقا وأكثر اتساعا في المشاهد التي تحتاج إليها المعارك التي تدور في مسرح عمليات عادة ما يمتد عبر مساحات ضخمة، لكن في “كوندوم ليد”، فالمشاهد أكثر عمقا واتساعا من حيث المساحة النفسية التي تحفرها في روح المشاهد وليست مساحة الفضاء المكاني الذي تدور فيه أحداث الفيلم.

تفاصيل لا تنتبه إليها الأغلبية خلال الحرب
تفاصيل لا تنتبه إليها الأغلبية خلال الحرب

يركز المخرجان على التفاصيل، وعلى تعابير الوجه، ويهتمان بحركات البطلين وسكناتهما، ويتتبعانهما بلقطات قريبة جدا، تركز على العواطف فتنجح في إبراز قلق الزوجين وارتباكهما وغضبهما المكبوت. وأغلب لقطات الفيلم كانت قريبة جدا أو قريبة أو حتى متوسطة وطويلة، وتعكس مدى الانغلاق الذي يعيشه الناس زمن الحرب، فحدود المنزل تصبح كالقبر، لا يمكن للإنسان مغادرتها، كما لا يمكنه مغادرة أحاسيسه والتحرر من حالة الانتباه المفرط للخطر.

في الحرب، وفي أي مكان في العالم تدور على أرضه رحى حرب طاحنة، يصبح الحب شيئا هامشيا، ويتحرر الإنسان من الكثير من غرائزه ورغباته، محتفظا بغريزة البقاء، لكنّ المخرجين ناصر يعيدان إحياءها في هذا الفيلم، حيث يؤكدان أن الحب هو أيضا نوع آخر من المقاومة، إذ ليس من الممكن أن تنتصر الحرب على إرادة الإنسان، لكنها في الوقت نفسه تدمر الروح والجسد وتميت في الإنسان الكثير من مشاعره.

وبالعودة إلى المخرجين فهما توأم وُلدا في غزة عام 1988. حاصلان على بكالوريوس في الفنون الجميلة، قسم التصوير، من جامعة الأقصى في غزة. حصلا على جائزة الفنان الشاب من مؤسسة عبدالمحسن القطان على عملهما الفني “غزة وود”، وهو سلسلة من الملصقات السينمائية الافتراضية، وفيلم قصير بعنوان “رحلة بالألوان”.

حظي فيلمهما “كوندوم ليد” ولا يزال يحظى بالكثير من التقييمات الإيجابية جراء الطرح المختلف الذي يقدمانه، وهما يؤسسان بإنتاجاتهما السينمائية رغم قلتها لسينما فلسطينية جديدة ولدت من رحم الحرب لتفجر قضايا الفلسطينيين دون دموية وعنف، وإنما بالتطرق لقضايا قد يراها البعض هامشية، لكنها في الحقيقة تروي حكايات واقعية في الحياة داخل غزة المحاصرة.

هذا التوجه يتضح أكثر مع كل فيلم يخرجه التوأمان، آخرها كان فيلم “غزة مونامور” (غزة حبيبتي) الذي يحكي قصة عيسى وهو صياد كهل تجاوز الستين من عمره، يخفي حبه لسهام الخياطة التي تعمل بالسوق، ويقرر التقدم لها، وفي رحلة صيد يعلق بشباكه تمثال أثري لأبولو، يقرر إخفاءه في بيته، وتبدأ المشاكل حين تكتشف الحكومة وجود هذا التمثال معه.

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى