“قانونيو الرئيس” والعهدة الثالثة.. مبالغة في الموالاة أم سعي من وراء حجاب؟
نواكشوط – “مورينيوز” – من عمر ولد الحسن – تحث جدالات السياسة في موريتانيا الخطى نحو مرحلة يصفها كثير من المتابعين بالمفصلية في تاريخ البلد، فقد حددت الحكومة الموريتانية واسطة عقد يوليو (15 تموز) موعدا للاستفتاء الشعبي الذي ستعرض فيه تعديلات دستورية على الناخبين البالغ عددهم زهاء مليون وثلاثمائة ألف ناخب.
ورغم أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز حسم أمره في ظاهر الأمر حول العهدة الثالثة والذهاب بالتعديلات الدستورية المؤسسة على مخرجات حوار وطني شاركت فيه أحزاب الأغلبية ومعارضة الوسط وقاطعته المعارضة الراديكالية، إلا أن استفهامات كثيرة بدأت بالتشكل في أذهان المتابعين خاصة مع محاولة خبراء قانونيين تقدمهم الأغلبية لتسويق استخدام المادة 38، طرح موضوع العهدة الثالثة من جديد.
سبق للمعارضة المقاطعة للحوار الذي أخرج التعديلات مثار الجدل أن شككت في نية ولد عبد العزيز مغادرة السلطة دون عهدة ثالثة، بل وذهبت أكثر من ذلك إلى القول بأن كل الحراك السياسي ومحاولة تقديم تعديلات دستورية لا تمس بقضايا ذات أهمية ملحة بالنسبة لحياة المواطنين ما هي إلا محاولات لجس النبض، والتقليل من قدسية النصوص الدستورية بما يتيح تغييرها في كل آن.
يعترض مراقبون محسوبون على الأغلبية على ذلك، ويجدون أن بمقدور الرئيس لو أراد أن يقدم شخصية تتولى واجهة الحكم دون الحاجة إلى الالتفاف على النصوص الدستورية المتعلقة بالعهدة الثالثة، خاصة وأن القوى الإقليمية والدولية بدت أشد حرصا على أن لا يتجاوز ولد عبد العزيز هذه النقطة بالذات.
ويبدو أن السيناريوهات التي يتم تداولها الآن تصب بالمجمل في أن التعديلات ليست إلا تمرينا سياسيا أراد الرئيس من خلاله إعادة غزل البيت الداخلي للأغلبية الرئاسية التي تفرقت أيادي سبأ في محاولات مستميتة لمعرفة هوية الرئيس القادم والذي أشار ولد عبد العزيز نفسه إلى أنه سيدعمه في السباق الرئاسي بعد نحو ستة وعشرين شهرا، إضافة إلى سعيه أي الرئيس إلى قياس مستوى التفاعل السياسي مع أي تعديل للدستور يطال جوانب ذات رمزية.
ومن بين السيناريوهات التي ذهب إليها البعض أن الرئيس إن خرج وفق وعده من قصر الرئاسة فلن تطول مدة بقائه عنه، إذ أن القانون يتيح له العودة في أول انتخابات رئاسية حتى ولو كانت بعد يوم واحد من تسلم الرئيس الجديد مقاليد الحكم إن تعذر عليه أداء مهامه لأي سبب من الأسباب.
وسبق أن قامت الحكومة الموريتانية قبل أسابيع بفصل الاستفتاء إلى موضوعين، أحدهما العلم الوطني، والثاني بقية التعديلات التي تلغي مجلس الشيوخ ومحكمة العدل السامية وتعفي جزئيا رئيس البلاد من المساءلة القانونية تبعا لأي إجراء قد يكون اتخذه أثناء أدائه مهامه.
في هذه المرحلة تتطلع أفئدة الأغلبية إلى مجلس الشيوخ الذي سبق وأشار بعض أعضائه المغاضبين إلى احتمال أن يتخذوا خطوات دستورية تنسف كل ما يهم الرئيس بفعله، وسبق أن سرت أنباء عن لقاء رئيسه محسن ولد الحاج بالرئيس ولد عبد العزيز مطلع الأسبوع الجاري، بيد أن محللين استبعدوا أن يؤثر المجلس على ما ينوي الرئيس القيام به وقد تدثر بأغلبيته ومعارضة الوسط التي تبدو في بعض الأحيان أكثر حماسا للتعديلات من الأغلبية نفسها.
يسمي قياديو معارضة الوسط مثل بيجل ولد هميد أنفسهم بالمعارضة الصالحة أو “الوطنية” ويروق الاسم للرئيس ولد عبد العزيز ورئيس الحزب الحاكم.
لا يبدو واضحا موقف المعارضة الراديكالية، إذ لم تتخذ بعد خطوات عملية وفق بعض ناشطيها لمناهضة التعديلات التي أعلنت رفضها لها، ويقول ناشطوها الشباب إن وضع التفرج قد طال، ولعله أطال عمر حكم ولد عبد العزيز في مرحلة من المراحل.