العرب اليوم، شعوبهم حُجِمت أدمغتها وتدنت طموحاتها لطموحات النعاج في الزرائب، ونخبها الشعبية الطليعية أودت بها خياناتها للتدجين والإندماج بلعبة الحكام المصممة من الصهيوأمريكي، وهي لعبة أو ملهاة الإصلاحات الداخلية، رغم أن هذه النخب تَعرف بأن حكامها مفصولون عن دولهم، وممسوخون لدبل أو محابس في أصابع هذا العدو. فما نحتاجه كشعوب عربية هو التغيير، إذ لا مكان ولا إمكانية للإصلاح ما دامت بيئته القانونية والسياسية غير موجودة. أما التغيير هذا لا يكون إلّا بالتحرير السياسي. فدولنا مستعمرة وللإستعمار أشكال.
حكامنا تاريخياً اعتادوا النفاق لشعوبهم، بشعار معاداة أمريكا وتحرير فلسطين من أجل شرعنة سلطتهم، وانتقلوا بعد سحقهم شعوبهم، إلى النفاق لأمريكا بشعار معاداة إيران، والتزلف للكيان لذات الهدف وهو السلطة.
وأمامنا الشعب الفلسطيني الخاضع للإحتلال المباشر والمعلن، وقدره المقاومة. ولكن، لا مقاومة سليمة ولا اعتراف دولي بها ولا تحرير أو حقوق فلسطينية وهناك قيادة فلسطينية هي السلطة تمثل الشعب الفلسطيني وقراره رسميا أمام العالم، وتحورت إلى جزء من الإحتلال، وتحشد خلفها الملايين من الفلسطينيين بالداخل وتشتري صمتهم وتعاونهم بمال أسود وسلاح قذر وإرهاب على طريقة الإحتلال. فلا بد من إسقاط هذه السلطة أولاً وكأولوية لتكون مقاومة ناجزة..
وبعد، بأي منطق غير منطق النفاق أو الجهل نطالب هؤلاء الحكام بأن يقفوا لجانب شعوبهم والقضية الفلسطينية أو غزة؟ وغزة هذه بشعبها وبمقاومته الحرة، وحدها الحرة من بقاع العرب لجانب يمن الحوثي. على أن لنا بالتأكيد الحق في تحميل هؤلاء الحكام مسؤولية الكوارث كمتلبسين للمسؤولية الزائفة باسم المستعمر.
من هذا الحال العربي الرسمي والشعبي المُزري، ومن اكتمال الكارثة القادم وتعميمها على كل بلدان الوطن العربي وبما يشمل المطبعة، ومن مفرزات طوفان الأقصى ونتائجها الإيجابية على مستوى العالم، والسلبية على طبيعة الكيان بحكامه وسكانه وأهدافهم، يخرج الأمل بالنصر صغيراً كالنبتة ويكبر. كالإنفجار الكوني العظيم بما تمخض عنه من بناء متوازن.
أمامنا مُستجد سياسي خطير، يُطرح حكراً على أقطارنا في سياق الفتوحات الصهيونية لها. هي سياسة المحاصصة بملعوب المطالبة بتغطية اهتمامات الأقليات وحقوقها من خلال مشاركة الإثنيات العرقية والطوائف والمذاهب بالحكومة أو السلطة. وهذا منطق إستعماري تفتيتي لتسهيل الإبتلاع والهضم. ولا يشكل أساسا للدولة الحديثة، دولة الأمة والشعب الواحد، ولا للإستقرار والنهوض. وسياسة غير مطبقة في بلدانهم. ولم تأت هذه السياسة لمجرد تدمير أقطار العرب، بل لنزع السيادة العربية عنها. والرد المنطقي والسياسي والواعي على هذه السياسة إن كنا غير متواطئين، هو التالي بالفم الملأن.
لكم نقول، لا أطياف ولا طوائف ولا أقليات ولا أكثريات ولا مذاهب ولا أعراق ولا أصول أو منابت أو محاصصة في قاموس الدولة الحديثة القابلة للبقاء. بل هناك “مواطنة ومواطنية”. وهي التي تتحقق بالديمقراطية المأسسة بالدستور والقانون والنظام. وهي الضمانة الحقيقية والنظيفة لحماية حقوق أي مواطن على قدم المساواة وطبقا لكل معايير العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص ودون أي تمييز على أي أساس كان، وهي بالتالي التي تجعل كل مواطن يشعر بأن الدولة دولته. إنها دولة الأمة التي تفتقدها أمريكا، وعلى خلفيتها ستسقط.
سياسة المحاصصة هذه، ابتدأت في أقطارنا بشمال أفريقيا، لكن وعي أحرارها من الحكام والشعوب أفشلوها بحكمتهم السياسية وعزل الشوفونية بالإصلاح السياسي. ثم انتقلت للعراق بدستور بريمر واقتصرت على الكرد، ولم تكتمل بالسنة لأسباب ليست حميدة. والنوايا قائمة لاستكمالها سيما بعد التطورات التي وصلت سورية. فهذا الخطاب السائد على لسان الجميع بسوريا بهذه السياسة الإستعمارية الموصلة للتفتيت وطحن سوريا وعروبتها أصبح بحكم المسلمة.
وسورية اليوم غرفة عمليات لكل مستعمر وطامع تقودها أمريكا والكيان طفلها اللقيط. وهنا ربما علينا أن نفهم بأن قادة الفصائل الذين جيء بهم، هدفهم هي السلطة من بداياتهم في عام 2011. وعلى هذا قام تحالفهم مع المعسكر المعادي وعلى هذا قامت خلافاتهم معه. وعليه نجدهم يعرضون اليوم على أمريكا بأن تكون سورية دولة كأي دولة عربية أو إسلامية مطبعة. وربما اتخاذ النموذج الديني التركي ليحلّوا مسألة الحرية الشخصية في السلوك الديني.
فالمعطيات أمامنا تقول، هم طلاب سلطة، لا طلاب دين أو عروبة أو تحرير. وليس منهم سياسي أو مثقف أو ذو خبرة أو ايدولوجيا. ورجال الأجهزة الأمريكية والتركية المدربين هم من يديرون الأعمال الفنية والورقية وضبط التوجهات السياسية والتصريحات. وقادة الفصائل لاسيما الوكيل الحالي هم الأن في طور تقديم شهادات حسن سلوك ووفاء لأمريكا والكيان وللأنظمة العربية المطبعة والتي بعضها داعم وبعضها متوجس كالأردن لكن بنطال نظامه ساحل، فاستقرار السلطة بيد جهة من هذه الفصائل قد يسبقه صراع مسلح يتمدد. ولكن إلى أين.
لهذا، والخطاب موجه للقيادة الأردنية، وفيما تحدثنا به عن هذه الفصائل وأخصص قادتها كأدوات متلونة مأجورة للأمرو صهيوني، وتاريخها يدل على طبيعة مأجوريتها الإرهابية. ونظراً لأن هناك مخططا للتغيير في الأنظمة العربية لغايات شرق أوسط جديد على المقاس الصهيو\ توراتي، الذي شمل الأردن، ولانتقال غرفة الموك لدمشق والتنسيق مع الكيان.. فعلى القيادة أن تتأكد وبالمنطق أنها مهما قدمت لأمريكا وإسرائيل ستبقى مستهدفة باستهداف الأردن، والحكمة تفترض أن في نظامها رجال لأمريكا والكيان ينتظرون تتويج دورهم. وأن كل الفساد الذي دعمته أمريكا وينعم به النظام كله، سيكون حجة على القيادة، وان رش عينة من العلف في الأيام الأخيرة دلالة للتوطئة، فماذا هي فاعلة؟