canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
آراء

العلماء.. والساقطون من اللحن الأول.. إلى اللحن الأخير ../ محمدن الرباني

علق الدكتور محمد إسحق الكنتي على تدوينتي عن معارضة المثقفين والعلماء للاستبداد بقوله: “وكتب التاريخ للحسن البصري عداءه للمتطرفين ووقوفه ضد الفتن، والتزامه السمع والطاعة لأولي الأمر. وبعض العلماء خرج على السلطان، فغذى الفتنة ولم ينتفع الناس بعلمه… التاريخ صفحات وليس صفحة واحدة…”
على قلة هذه الجمل فإن المتأمل فيها يدرك كيف ينسج الكنتي أحداث التاريخ من مخيلته الفيحاء كما ينسج سرديات أحلام اليقظة ساعة غليان نفسي يقف على عتبة الذهان، وهو ما يفضي حتما لا احتمالا إلى الوقوف مواقف الخطأ والخطيئة.
يرى الكنتي أن الحسن البصري عادى المتطرفين ولزم الطاعة، وتتواتر كتب التراجم من عهد ابن سعد في طبقاته إلى الزركلي في أعلامه أنه كان من أصدع الناس بالحق وأبعدهم عن الجبابرة بل عن عموم السلاطين، يقول عنه الزركلي: “قال الغزالي: كان الحسن البصري أشبه الناس كلاما بكلام الأنبياء، وأقربهم هديا من الصحابة. وكان غاية في الفصاحة، تتصبب الحكمة من فيه. وله مع الحجاج ابن يوسف مواقف، وقد سلم من أذاه. ولما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة كتب إليه: إني قد ابتليت بهذا الأمر فانظر لي أعوانا يعينونني عليه. فأجابه الحسن: أما أبناء الدنيا فلا تريدهم، وأما أبناء الآخرة فلا يريدونك، فاستعن بالله” (الأعلام 2/226) .، وينقل أبو نعيم في “حلية الأصفياء في كرامات الأولياء” نماذج تعامل الحسن مع السلاطين الجائرين فيقول:
…. لما ولي عمر بن هبيرة العراق أرسل إلى الحسن وإلى الشعبي، فأمر لهما ببيت وكانا فيه شهرا أو نحوه، ثم إن الخصي غدا عليهما ذات يوم فقال إن الأمير داخل عليكما، فجاء عمر يتوكأ على عصا له، فسلم ثم جلس معظما لهما، فقال إن أمير المؤمنين يزيد بن عبد الملك ينفذ كتبا أعرف أن في إنفاذها الهلكة، فإن أطعته عصيت الله، وإن عصيته أطعت الله عز و جل فهل تريا لي في متابعتي إياه فرجا، قال الحسن يا أبا عمرو : أجب الأمير فتكلم الشعبي فانحط في حبل ابن هبيرة، فقال ما تقول أنت يا أبا سعيد فقال أيها الأمير قد قال الشعبي ما قد سمعت قال ما تقول أنت يا أبا سعيد، فقال أقول يا عمر بن هبيرة يوشك أن ينزل بك ملك من ملائكة الله تعالى فظ غليظ لا يعصي الله ما أمره، فيخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك، يا عمر بن هبيرة إن تتق الله يعصمك من يزيد بن عبد الملك، ولا يعصمك يزيد عبد الملك من الله عز و جل، يا عمر بن هبيرة لا تأمن أن ينظر الله إليك على أقبح ما تعمل في طاعة يزيد بن عبد الملك نظرة مقت، فيغلق بها باب المغفرة دونك، يا عمر بن هبيرة لقد أدركت ناسا من صدر هذه الأمة كانوا والله على الدنيا وهي مقبلة أشد إدبارا من إقبالكم عليها وهي مدبرة، يا عمر بن هبيرة إني أخوفك مقاما خوفكه الله تعالى، فقال: “ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد” يا عمر بن هبيرة إن تك مع الله تعالى في طاعته كفاك بائقة يزيد بن عبد الملك، وإن تك مع يزيد بن عبد الملك على معاصي الله وكلك الله إليه، قال فبكى عمر وقام بعبرته فلما كان من الغد أرسل إليهما بإذنهما وجوائزهما، وكثر منه ما للحسن وكان في جائزته للشعبي بعض الإقتار، فخرج الشعبي إلى المسجد فقال: يا أيها الناس من استطاع منكم أن يؤثر الله تعالى على خلقه فليفعل، فو الذي نفسي بيده ما علم الحسن منه شيئا فجهلته، ولكن أردت وجه ابن هبيرة فأقصاني الله منه” (حلية الأولياء 2/149/150). كما يروي بسنده إلى الفضيل بن جعفر قال: “خرج الحسن من عند ابن هبيرة فإذا هو بالقراء على الباب، فقال ما يجلسكم هاهنا؟ تريدون الدخول على هؤلاء الخبثاء، أما والله ما مجالستهم بمجالسة الأبرار، تفرقوا فرق الله بين أرواحكم وأجسادكم، قد لقحتم نعالكم وشمرتم ثيابكم وجززتم شعوركم فضحتم القراء فضحكم الله، أما والله لو زهدتم فيما عندهم لرغبوا فيما عندكم، لكنكم رغبتم فيما عندهم فزهدوا فيما عندكم أبعد الله من أبعد”.(حلية الأولياء 151).
هذا هو الحسن كما صورته كتب التراجم فائتني به –دكتورنا المحترم- من مصادر ليست على شاكلة مقالات الطرابيشي، وأعلم –والعفو في هذه-أنني بالمصادر والمراجع أبصر منك بمظان رضا المستبدين، وإن تطلب ذلك جمع الأفران والفحم والتململ على نار غير هادئة، وإياك ومخاتلة الفحوى والمغزى والمعنى ومعنى المعنى بالتقعر والتفيهق والتدثر بأدب القشور والطلاء وخاوي البهرجة، مما يدهش البسطاء، ويستثير شفقة النبهاء. وإن أعياك الشاهد فاعلم أن العلماء ثلاثة:
– عالم جاهد الظلم والظالمين بسيفه كالحسين بن علي وابن الزبير، أو بلسانه دون سيفه كمالك وأحمد، وإياك والخلط بين المناصرة والسكوت اعتبارا لقراءة الواقع وتفسيرا لنصوص يختلف في تأويلها وهي حمالة أوجه.
– عالم رأى السكوت أسلم، فلم يعن ظالما ولم يغره بمظلوم، غير أنه لم يدفعه عن ظلمه، ولم يحرض على الخروج عليه خوف ما هو أعظم، وهؤلاء لم يحوزوا شرف الجهاد، غير أنهم سلموا من وزر الظلم، ونالوا أجر الاجتهاد، وفي كتب المالكية نصوص كثيرة تنتهج هذا النهج، من ذلك ما نقل المواق في شرحه على خليل: “قال عياض انحدر المأمون إلى محاربة بعض بلاد مصر وقال للحرث بن مسكين ما تقول في خروجنا هذا فقال أخبرني ابن القاسم عن مالك أن الرشيد سأله عن قتال أهل دمك فقال إن كانوا خرجوا عن ظلم السلطان فلا يحل قتالهم” (التاج والإكليل للمواق 6/277).
– عالم كان ظهيرا للمجرمين يحرف الكلم عن مواضعه، ويستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، وهم قليلون في السلف كثيرون في الخلف، وقد عناهم ابن المبارك رضي الله عنه يوم قال:
وهل أفسد الدين إلا الملوك — ورهبان سوء وأحبارها.
وعلى لحن تقطيع أمعاء مثل هؤلاء وجعلها مشانق للمستبدين رقصت الثورة الفرنسية، ثم طبخت الدين كله في مرقها المسموم. أما الثورات في بلاد المسلمين فيمتاز فيها الخبيث من الطيب يوما بعد يوم، ليقضي الله أمرا كان. مفعولا والله متم نوره، ولو تحالم الساقطون مع اللحن الأول أو مع اللحن الأخير.
كان اللحن الأول لحن العلماء الربانيين الذين يستن بهم الاتحاد والشيخ، يوم شدا به الحسن مقرعا نخب المتملقين: “تفرقوا فرق الله بين أرواحكم وأجسادكم، قد لقحتم نعالكم وشمرتم ثيابكم وجززتم شعوركم فضحتم القراء فضحكم الله” وجاء اللحن الأخير حلم يقظان، ولأن تأويل أحلام اليقظة أعلق بموضوع التحليل النفسي، فقد تراءى لي طبيب نمساوي يدعى سيجموند فرويد وهو يشير إلى مسحة الكآبة التي علت وجوها في مؤتمر صحفي تابعه الحالم في كامل الوعي والخيبة ولما يجف حبره من تسويده، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
المفتش محمدن الرباني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى