سَبْحة سجين “الريتز كارلتون” والموريتانية التي لا تقبض ثمن الأمانة
…………….
زار الأمير الوليد بن طلال موريتانيا ليوم واحد.. وككُل شخصية وازنة اجتهدت الدولة لتوفِّر له أسباب الرَّاحة.. و لزيارته أسباب النجاح.
ومعلوم أن الاستثمارات الخليجية تَطْبَعها المزاجية وأقرب لِلُعبة الرِّهان.. تُصيب وتَخيب،… وفي حالتنا هذه طبعًا خابَتْ.
يُحكى عن الأمير مَيْله لامتلاك زوج من أيِّ شيء يَقْتنيه،.. فجاءَ الى هُنا في طائرتين، احداهما تُقِلُّ ستة عشر شخصا، والثانية احتياط.
الأمير الوليد، مُخالف للصّورة النَّمطية لأهل رَبْعه، نحيف، بسيط في اجتماعيةٍ مرحة تَمُتُّ بخؤولتِه.
بعد مائدة فخمة، و يوم حافل بالتّجول في المدينة، والمقابلات والأماني بالنَّظر في الاستثمارات التي ستكون – ان شاء الله- هباء و كلاما في الهواء، أقْلَع سِرب الأمير الجوِّي..
و ما هي إلا لحظات وتسقطُ برقية من الطائرة تُخبر أن الأمير ضَيَّع سَبْحة في سيارة الضّيّافة،…
وفي طرفة عين تجد الموظفة المعنية أمامها مسؤولا من السفارة السعودية، وقد تملّكه القلق، يفرك يديه في ارتباك وعصبية.. يريد سبحة الأمير، و سبحة الأمير فقط!.
كانت الموظفة عكسه مطمئنة للحالة، اتصلتْ علي سائق سيارة الضِّيافة: هل رأيت سبحة…الخ؛… فيرد: اشْوَيْ عايِدْ كيفْ لخْريزَات..، نعم هو ذاك!… فيردّ في برودٍ: أرانِ ازْركَتُ افْكوفْرْ… كانت خَرَزَات قليلة في شكل جواهر شفافة، منظومة في سلك من الفضّة أو الذهب الأبيض.
“لِخْرَيزات” لا تعني الكثير لسائقٍ أمين، سِجلّه نظيف، على أبواب التقاعد،.. قادَ نفس السيارة بعشرات من نُظَراء الوليد.
ينتقل مسؤول السفارة من حال الذُّعر الى حال الفرح، مع كثير من الدّعاء، والرّغبة في اكْرام السائق.. فترد الموظّفة: متيقِّنة بنبل دافعك ، لكن لا نقبض عادة ثمن أمانتنا.
أثناء كلمة الوليد لصحافتنا، تَجَلَّت قدرة الخالق فيه،.. فقد بدَت أمواله عاجزة عن رَدْعِ جِماح عضلة في وجهه، متمرَّدة على سلطانه، تَنْقَبض قُرْب فمه فَيَغْمِز بشكل لاَ إرادي ، Un tic.
ثم تجلَّت قُدرته فيه اليوم ، وهو مُقيّد في جَنَّة الريتز، و قد وَلاَّهُ الأهل والأصحاب والمال الذي كان يعتصِمُ به الظَّهر…
ثم أتساءلُ ماذا يعني له ذاك الأكسسوار-السبحة الآن مقابل شعاع من شمس،.. وهو الذي تعوَّد أن يَخْلُق الظروف التي يتحرَّك فيها؟
هل مِنْ أحدٍ من السلك الدبلوماسي لبلدهِ يتجرأ و يُبدي قلقه عليه، فبالأحرى على أشيائه التافهة؟…
إهانة الكبار لا تَتَّخذ طريقها الى الظُّهُور …إلاَّ عبْر جبروت السلطة،…ليس بالضرورة لإصلاح مِعْوجّ، ولا لعلاج علّة، بل لكي تتَمتَّع بالانفراد بالقوة.
…………..
تتساقط العبرات… والأمراء يتظاهرون لسدادٍ من عوزٍ لفواتير الماء والكهرباء!
89 تعليقات