نعي للشاعر كابر هاشم
لا فائدة من اي التزام ديني أو سياسي أو أخلاقي لا يجعل صاحبه يطيع عن رضى كاملٍ ما تمليه محددات هذا الالتزام وضوابطه الكبرى، وتقتضي النزاهة والصدق مع الذات والمجتمع الاعتراف الصريح أن فقيد النضال والإبداع الشاعر والإديب الكبير كابر هاشم، ابن المحظرة الموريتانية العريقة والمدرسة الناصرية المجيدة من بين شخصيات وطنية نادرة مثلت ضمير الالتزام وروحه في بلادنا، لم تساوم يوما على مبادئها، وظلت من تحت رماد المحن ووراء القضبان وفيةً لقضايا الأمة والوطن، تسعى للتخفيف مما أثقل نفوس أجيالها الشابة، تشعل الأمل في القلوب المطفأة: المستسلم منها والآيل للاستسلام، منذ كامديفد واشتداد أوجاع وجراح فلسطين ولبنان حتى احتلال وتدمير العراق وصولا لزلزال موج الخراب والإنكشاف العربي الراهن. وإلى جانب صموده وثباته على هذه المواقف النضالية الشاقة والمكلفة دون شك، ساهم الفقيد في ابتكار وحفز أشرعة الأبداع الوطني لتغدوا سفنا تجوب المحيطات، منذ أن تولى رئاسة رابطة اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين، وهي أهم عرين في المدن وداخل الحياة العصرية للدفاع عن الذات والهوية الطبيعية للبلاد الواقعتين تحت التهديد اليومي لسياسة الاستلاب والتشويه، وبذَلَ مبلغ جهده في جعل الرابطة فضاء ينمي الابداع والانتماء الصحيحين بعيدا عن سيطرة أخلاق الطاعة والتزلف والولاء وما يترتب عنهما من سريان ثقافة الراعي والرعية وانسحاق الوجود الفردي المستقل للاديب والفنان الذي يشكل أهم دعامات الإبداع لديه.
إننا في حزب الصواب نعزي الموريتانيين جميعا في رحيل أستاذ تتلمذتْ عليه أجيال من المناضلين والمثقفين، و رفض على الدوام أن يكون من أصحاب الياقات اللماعة والاشياء الشخصية غالية الثمن الذين يودون أن يحولوا محبيهم وتلاميذهم إلى مرافقين طيعين أو مريدين لا يرون غيرهم.
هو بكل تأكيد ضمن مجموعات كثيرة رحلت بهدوء عنا لكنها تستحق على الدولة والمجتمع توثيق حياتها ومساهماتها واستحضارها الدائم بوضع أسمائها على الشوارع والمدارس، وكتابة سيرها كجزء من تاريخنا في المناهج المدرسية والجامعية.
رحم الله شهيد الاخلاق والابداع والصدق والتواضع.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
حزب الصواب