(2) الرحالة موهوب عالما بقلم “ذاكو وينهو”
اطلق لجواده العنان …فتحرر بعد حبس..وتنفس الصعداء…..وطوى الارض ميلا…ميلين…عشرة اميال ثم اختلط الزمان والمكان واستحال العد…..في وقفته قرب قطيع بقر تحلق يندب فقيدة لعلها كانت ذات شان وقرن اخرج ورقته ….وقرر المكث حتى تتبدل حاله…..استوحش وجهه وهو يرى في المرآة شيخا وقورا يصلح ان يكون له اتباع وان تقدم له الهدايا والنذور….فاطمان وقال مخاطبا نفسه بصوت مسموع : ” الثانية بقي كم ؟ ثلاثة اواربعة لا يهم العدد الآن”….وجد نفسه مسبوقا باثنتين…فاكمل الفائت ..لكنه تذكر انه سها عن تفقد صلاتهم هل يقبضون ام يسدلون….قرر ان يجمع بين القبض والسدل …..اكرم موهوب مرة اخرى وصيغت بيانات محكمة النسج بتثمين التحاقه…فهو العالم بن العالم …والقلمس الثبيت…. القدوة الفهامة….والمتخطرف الخانر كما قدمه احدهم بلغة “فيروزآبادية”….واستحفظ ادوارا بدات سطحية ثم صار موهوب مفكرا محللا وخطيبا مفوها…..كان يكثر من التلاوة ….يبدا شطر الآية جهرا ثم يخمن نهايتها سرا مع انين طويل كالضارع يرى جهنم تلقاء وجهه….في احدى اماسيه الدعائية تحدث للناس عن عظمة القائد الكبير “مراد علم دار” وكيف وقف امام النصارى في معركة عين جالوت …حاول احد مجاوريه على المنصة ان يصوبه فقال انا لا اعرف هذه الاسماء لي طفل صغير “يهدرز” بمراد ولي ابن اخ يقرا التاريخ سمعته يقول حطين وعين جالوت…لكن المهم ان يدرك القوم اني عالم ومثقف عالمي وهذا كما تعلم زمن “الحراقة” …وانا عضو في التجمع الموريتاني “للحراقة” وفيه كثير من علماء البلد وادبائه وشعرائه ….
تمهر موهوب في قنص الجمهور من الصف السفلي….وكانت سهاراته الدعائية مشوقة …كان حسن الصوت …
اصاب موهوب الدوار …ومل التقيد ببرنامج محدد …..فتابط جرابه وقرر الرحيل….وما احوجه للنجعة وقد استبدت آلهة القحط وبسطت سلطانها تاكل الخلق ناحلا وسمينا…..ادرك انه اشتهر وانه لم يعد بحاجة الى هوية مظهرية …..وقال في خطبة الوداع : ايها الناس اسمعوا مني ابين لكم …والسلام عليكم ورحمة الله …..
في طريق عودة موهوب استوقفه رجل في لباس غريب وساله من تكون ؟ فاجاب موهوب :
– انا في الحقيقة لا اعرف من انا ولا غيري يعرف من انا……انا تارة اكون انا وتارة اكون غير انا الذي هو انا ….مثلا اسمع هل تعرف الوجيه ….هل تعرف الاحزاب السياسية …والطوائف القبلية …هل سمعت بالمعارضة والموالاة؟؟؟؟ فانا الذي لست انا انتمي اليها جميعا , وانا الذي هو انا لا انتمي الى شيء لاني دعي سياسي ..ولقيط فكر وجدني الناس ذات يوم في بركة “آمنيزير” .. ………فهل عرفتني يا رجل؟؟؟ ….لقد علمتني تجاربي ورحلاتي ان الرجل لا يتوقف عن الحركة الم يقل الشاعر:
سافر تجد عوضا عمن تفارقه وانصب فان لذيذ العيش في النصب
اني رايت وقوف الماء يفسده ان يجر طاب وان لــــم يجر لم يطب
ونحن مطالبون بالانتشار في لارض والابتغاء من فضل الله قال تعالى (فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله)….اما التوقف فدليل الموت …والاستقرار صفة القبور…والدور…. نحن احياء نتحرك لنعيش …وليس لنا وطن محدد ..فالوطن المحدد هو السجن والقيد …وطننا حيث يكون الرعي والماء والصحراء الواسعة والافق الحر….وقد رايت بعض الاغبياء يستوطن حزبا معينا او جماعة محددة وهذا عين السخف وقلة الفهم وقصور الوعي…قدرنا ايها العاقل الالب ان نظل في حالة ترحال كلما اجدبت دار بدلنها بدار مخصبة …وكلما اجدب حزب قربنا اجمالنا ورحلنا الى حزب ادسم طعاما واسخى يدا…..فانا كما ترى وسمعت هو كل هؤلاء لا تسعني ارض ولا سماء ولا منصة ..ولا لون …والتلون ميزة الحذاق الذين رضعوا الدهر اشطره …اما الشقي في هذا الزمان فهو المتخلف عن ركب المحظوظين ببيداء لم يعرف بها ساكن رسما ينشد في مرابع المغفلين اشعار عنترة ولبيد وابن الطلبه , ويلقي على الدمن والاثافي ارجازا واقفافا بتمجيد الضمير والتشبث بالمبادئ والقيم السامية…..ان ذلك هو الخسران المبين..قل لي : هل رأيت قصرا فخما شيدته المبادئ ؟ هل رأيت سيارة راقية جلبها نقاء الضمير ؟وهل رايت قطعانا تملا مابين “آفطوط الساحلي وفم لكليته” وفرتها يد مغلولة عما تسمونه المال العام…..ومذهبي ايها الرجل هو ممارسة السياحة السياسة بالانتجاع والترحال لذلك ترى حصاني مسرجا ابدا….واحزابنا السياسية التي تفوق احزاب القرآن الكريم عددا كلها تسعى لبناء الوطن وحماية الوحدة الوطنية والتشبث بالاسلام….هي جميلة ومتجانسة في طرحها النظري….اما زعماؤها فهم من خيرة ابناء الوطن ….ان جئتهم اخجلوك بالثناء والتبجيل , لكن – هل انت مصغ الي ؟- اياك والعجلة فكلما تباطأت ظنوك تستشير عقلك فابق ردحا من الزمن في منطقة التردد والتحري مفتعلا انك حرون اذا تعلق الامر بالبحث عن الافكار المقنعة والطرح السليم , سيتتدفق اليك المال تحت عناوين مناسبة تقيك الشعور بالمهانة والاذلال ..سيقال لك هذه هدية متواضعة يشرفنا ان تتقبلوها منا ….وهذا يساعدك في ما تجود به على اتباعك المتحمسين لنا…..ثم امكث طويلا مع المؤلفة قلوبهم فهم ايضا اصحاب حظوة واكرام……واسلل لسانك على كل من تأمن شره وبوائقه حتى يخافك الاقوياء والكبار فتنحل صوبك صررهم وتتدفق اليك دنانيرهم…..وجرد قلمك فهو كلب صيد اهل المدينة وأرسله خلف كل صاحب مقام يتتبع عوراته ويكشف سوآته …وتقوَل عليه ان لم تمتلئ معدة قلمك من نقائصه ثم ترصده وغافله بزخات متواصلات من قيء قلمك تدنس بريقه وتعفي نضارته ….سيبتغي اليك الوسيلة ناطقة وصامتة سمها هندا وقل ماقال بن حامدن رحمه الله:
مشت بيني وبين الشعر هندي وهندي املح الشفعاء عندي
يتواصل…….
108 تعليقات