مواقف… وأوهام!
موقف “المنتدى” الجديد وإعلانه المشاركة، وربما المبالغة في المشاركة، في الانتخابات المقبلة، ليس له مسوغ ولا مبرر جديد؛ فلا شيء تغير في سلوك النظام ولا في موقفه الصارم من الاستحواذ على كل شيء وحصر كل مشاركة، في التبعية له أو المتابعة… ولكن أيضا ليس لتلك المشاركة مانع عقلي ولا شرعي في حد ذاتها. وربما كان اليأس وواقع النظام وسيادة الطفولة السياسية… عوامل تجعل تجربة المشاركة مساوية لتجربة المقاطعة في نتائجها على الأقل؛ فهي كما تمنح النظام وَهْمَ الشرعية والمصداقية، تمنح المعارضة المشارِكة وَهْمَ التأثير والتمكين لخطاب معارض من داخل النظام… لكن تظل الحقيقة التي تذيب كل تلك الأوهام، هي أنه لا وجود للعبة ديمقراطية حقيقية، وإنما هي “أوهام” ديمقراطية تصعد في الرخاء وتتلاشى عند الجد! وأكتفي من أدلة ذلك بموجة السخرية والتعريض التي يقابِل بها أنصارُ النظام أخبارَ اتصالات “المنتدى” السرية مع الرئيس شخصيا ثم قرارهم بالمشاركة؛ وكأنهم ارتكبوا خطيئة أو وقَّعوا صك استسلام في معركة كانت من أجل المقاطعة فقط! بدلا من الترحيب بخطوتهم هذه ومحاولة استغلالها لتليين مواقفهم والحصول على مزيد من التنازلات منهم! أما جانب المعارضة الذي يرفض المشاركة حتى الآن (التكتل) فهو مَن له كل الحق في انتقاد “المشاركين” والتعرض لقرارهم الذي لا يرى فيه الصواب، أو بالأحرى أي فائدة عامة. ولا شك أنه مصيب في ذلك، وأن موقفه (المقاطع) أكثر انسجاما مع المبادئ الديمقراطية الجادة (لا الهزلية السائدة)، كما أنه هو الأكثر والأكبر تجربة مع الأنظمة العسكرية ومسرحياتها الانتخابية. ولولا موقف حزب “التكتل” الغريب ومباركته لانقلاب 2008 العسكري، لكان في مستوى القداسة السياسية، إن كانت ممكنة. ومع ذلك فما لبث هذا الحزب الصامد أن أحسن التوبة من تلك الخطيئة وبرهن على طول نفَسه النضالي وفهمه العميق للديمقراطية الناضجة؛ سواء قاطع أو رنا إلى زملائه (المنتدى) في مشاركتهم، التي ما تزال نوايا مجهولة الأوصاف والأهداف!
محمد محفوظ أحمد
تعليق واحد