مختور..الرجل الذي أوى إلى كهف زهدا في الحياة/ محفوظة زروق
أعجف الناس في السنين العجاف ونزح جميع سكان مرتع الصبا نحو العاصمة إلا مختور عقد العزم أن لا يبرح التيدمات وقال: بضمان من الله سأبقى هنا ولن أسعى في طلب الرزق! إذ أوى إلى كهف في الخنشة من حيث لا تراه الناس يعبد الله بين الأفاعي والذئاب الجياع، لا أحد يعرف كيف كان يأكل ويشرب ولا كيف يعيش و لكن الله يتولى الصالحين.
لا يستعمل الهاتف ولا التلفزيون ولا علم له بهذا الفضاء الأزرق وقد بلغ بذلك أرقى درجات الحكمة ولو كنتٌ أعلم الغيب وما وراء الحجاب لأعتكفتٌ في الكهف المجاور لكهفه وعشتٌ راحة الزهد مثله دون أن أشاهد كيف يموت أطفال الشام وفلسطين ولا لحظة إعدام صدام حسين ولم أشاهد حرق الطيار الأردني… أحبّ مختور الخفاء فأراد الله له الظهور حين وصلتني صورته الْيَوْمَ وإن لم أخبركم عنه فلن يخبركم عن نفسه لأنه لا يملك إلا نفسا وهبها لله ومن يهب نفسه للدنيا فلن تعطيه إلا قطعة أرض يٌدفن فيها أما من وهب نفسه لله فسيعطيه جنة عرضها السماوات والأرض…
أسبح في أثير التنهدات حين رأيتٌ صورته، شعرتٌ أن هناك علاقة تربطني بهذا الرجل رغم وجه المقارنة المعدوم، أهيم على وجهي في العالم إقبالا على الحياة التي هو أدبر عنها، لم يبرح مسقط رأسه و ما ركب السيارة إلا مرة واحدة ليزور شيخه في كولخ وأنا أحب السفر وحب السفر وحب الوطن لا يجتمعان.. فمامن وجه شبه بيننا لكن العلاقة التي تربطني بِه علاقة حب .
إنه عبد من عُبَّاد الله الصالحين في أمواله حق مؤدى لمن سألوا ومن لا يسألون، استغنى الناس بالدنيا واستغنى هو بالله، تودد الناس للحكام وتودد مختور لله… سلم الناس منه ومنه وسلمتْ سوق العقار فمن زاره منكم يذكرني في مجلسه بل يقل له: اذكر محفوظة في دعائك يا مختور!.
من صفحة الكاتبة على الفيسبوك
577 تعليقات