آراءموضوعات رئيسية
قد يفعلها بشار!../ محمد محفوظ أحمد
قد يفعلها بشار! هل قررت أمريكا دحر إيران بالقوة الناعمة قبل القوة العسكرية؟ تَمدُّد إيران وتواجدها المباشر وبالواسطة، مع التواجد الأمريكي العسكري والسياسي الكثيف في نفس المنطقة يجعل المواجهة العسكرية المباشرة حاليا مع إيران أصعب وأعقد. ولأن هذا التواجد الأمريكي في الطريق إلى الصعود لا إلى الهبوط، فإن قطع الأسباب الإيرانية في المنطقة، وإنهاء أو إضعاف نفوذها هو الحل الأمثل بالنسبة لأعدائها الأمريكيين والصهاينة.
وفي الوقت الحالي فإن سوريا هي بؤرة قوة النفوذ الإيراني وفاعليته هناك وفي لبنان والعراق. كما أنه هو هاجس القلق الرئيسي لـ”إسرائيل” في الوقت الحالي. من هنا ربما تكون التطورات العسكرية الأخيرة في سوريا هي بداية لتنفيذ خطة إزاحة الإيرانيين. وقد تمثلت تلك التطورات في تمكين نظام الأسد من السيطرة على معظم المناطق وتحقيق “انتصارات” كاسحة على المعارضة المسلحة. وتم ذلك بوقف الدعم كلية عن تلك المعارضة بكل فصائلها ـ الوطنية والإرهابية ـ من جهة، ودعم التدخل والتغلغل الروسي في الساحة السورية من جهة أخرى (ولم تكن روسيا صديقا مخلصا لإيران؛ وإنما هي الصديق المخلص لـ”إسرائيل”).
وبالطبع كان لإيران، وهي الحليف التاريخي الأول للنظام السوري، دور هام في ما حققه النظام السوري من انتصارات على أعدائه المقاتلين، ومعارضيه السياسيين. الخطة المحتملة الآن هي أن على بشار الأسد أن يغير تجاهه ونهجه، ويتخلى عن إيران ويبدأ في طردها من سوريا بعدما استقر له الأمر وقضى على “الإرهاب” ولم يعد بحاجة لمساعدتها في ظل اعتماده على الروس. حجة منطقية! ثم تأتي المرحلة السياسية الأهم، وهي أن ينسلخ بشار من “جبهة المقاومة والممانعة” التي لم تكن شيئا غير تحالفه مع إيران وحزب الله. ويدرك الأسد أنه حتى لو استتب له الأمر والأمن في سوريا فإنه أصبح معزولا ومنبوذا ومحاصرا على الصعيدين الإقليمي والدولي… وأنه بحاجة الآن لفك هذا الحصار عنه مع ضمان بقائه في السلطة. والثمن الأساسي لذلك، كما هو ثمن إنقاذه، هو الابتعاد عن إيران والانقلاب عليها وعلى أتباعها في لبنان والمنطقة. وربما يكون بشار جاهزا بالفعل لهذه الخطة، التي يدعمها حليفه الرئيسي الروسي، ويطلبها حليف آخر له غير معلن هو “إسرائيل” التي تلعب الدور الأهم في الحفاظ على حكمه لسوريا، حتى في أوج تحالفه مع إيران! باختصار الصفقة المحتملة جدا الآن هي بقاء بشار الأسد في حكم سوريا مسيطرا على معظم المناطق، مع عودة لمكانه العربي فورا وتسهيل حصوله على تمويل خليجي لإعادة إعمار بعض ما دمر، مقابل طرد الإيرانيين والتخلي عن التحالف معهم؛ ومن ثم توظيف نفوذ نظامه وخبرته في لبنان للقضاء على حزب الله أو القضاء على شوكته العسكرية على الأقل.
وبهذا تتعرض إيران لضغط هائل قد يفلح، مع الضغوط الأخرى والتهديدات الأمريكية/ الصهيونية، في إركاعها، أو على الأقل انحنائها لهذه العاصفة الشديدة. لكن من المستبعد أن تستسلم إيران أو تهزم سياسيا على الأقل، لأن جزءا كبيرا من قوة إيران وانتصاراتها السياسية في المنطقة إنما يرجع لضعف وهزائم وسوء سياسات جيرانها وخصومها هناك؛ وتلك آفات مستمرة ستظل تقطف ثمراتها على كل حال!