الدهماء تكتب : ليس من “الصَّواب” أن ينام عبد السلامْ عن “بيرامْ”… رأي “منزوع القُبَّعَات” …قضاء فائتة
و بعد عَقْد قران الزَّعيم مسعود على النّاصِرية، وفي جولة انتخابية في الدَّاخل اتَّسم خطابه بالاعتدال و الانضباط في اللفظ وقد كان حادًّا و استفزازيًّا قبل ذلك، باستثناء محطة واحدة ، وأظنها “كنكوصه”، وكان المهرجان ليلاً، أخذ الحماس بالزَّعيم وتَسَلْطن نِضالاً فأنشد المَوَّال القديم :« لن يطيب لي عيش على هذه الأرض حتى تِبْرِمْ فطمة كسكس لإمْباركه…الخ،».. سألتُ وقتها أحد الشباب النَّاصري المنخرطين معه في مشروع الاندماج .. ما خطبُه زعيمكم و قد ارتكس لسَانه؟.. فردَّ مازحًا :« امتدَّ المهرجان لوقت متأخر من الليل، فرُبُّما نام الوفد المرافق المُرهَق عن الزَّعيم، فأستفرد به الشَّيطان يذاكره بعض الخطابات القديمة ذات الأحرف الناتئة اتجاه البيظان.. » …حليف الصَّواب الجديد هل هو نسفه “بيرام” الذي نعرف؟..
إنْ كان هو، فحذار يا عبد السلام أن تنام كالوفد عن “بيرام”، فتَسْتَيقظ عليه ينفثُ بقايا الفوْرَةِ العُنصرية السَّاقطة: ” لبَّيْظْنَ”، عُلماء النّخاسة، مالِك وخليل، امْنْ أكَّذاش مِنْكم نُزُولاً تَحت الإزَار!….إلخ،.. تخيَّلوا معي الرئيس المُنتخب، القائد الأعلى للقوات المسلحة و رئيس المجلس الأعلى للقضاء، يتقلَّد الوشاح الأكبر، ثم يرفع الأصبع الوسطى عموديًّا أثناء خطاب القَسَم ويصيح في عرقية من شعبه “من أكَّذاشْ مِنكمْ يَا…”.. سيكون المشهد طريفاً، وسيجعل من بلادنا وجهة سياحية دولية.
ابْقَ صاحيًّا يا عبد السلام! .. فإنْ نِمتَ فَستَتَدحْرجُ مع المشروع الهَذَياني في وَحْلِ العُنصرية والعِصْيان وانفلات الِّلسان، و سيَصِيدك كمين التاريخ إلى يوم “البعث”.طبيعة اللَّيث مسعود، أنَّه “راجل ابيظ، طيِّب”، و تغلَّبتْ فيه روح الوطنية و ترف الوظائف على التَّطرف والحدَّة،.. وكانت زَلاَّت لسانه اللاذع طريفة وغير حاقدة،.. لكن معه – مع الأسف – دُشِّنت حقبة غدا فيها شتم “البيظان” محطَّة ضروريَّة للاستهلال السياسي العِرقي، وفاتحة خيرٍ لنيل امتنانٍ فئويٍّ وسِجِلٍّ نضالي- حقوقي ورَيْع مالي! …
يتفرَّج مسعود اليوم في غروبٍ سياسي شابَهُ هرمٌ ومرضٌ على أشبال “القضيَّة” وقططها – التي تُحاكي صولة الأسد – وهِيَّ تَتَموضَع و تَتَقاسم رغمًا عنه خَشَبَ نفس السُّلَّم المقيت الذي صعد بواسطته يومًا الى حيث هو الآن، وتُعيد ترميمه و تلميعه بطلاء أكثر عنصرية وراديكالية..
و”يتطوَّع” قوميٌّ عربيٌّ آخر للإمساك بطرف السُّلم ليُجرِّب الشِّبل أو القِطُّ الصّعود في هدوء بعد أن جرَّب الصُّعود في صَخَبٍ رئاسيٍّ مُفتعلٍ .. ولم يصل…
قلبُ بيرام ، العامر بالفرديَّة وتعظيم الذَّات، صُلب رَدحًا من “النَّضال” على ثالوث إيرا – افْلامْ – تواصل، لكن زاويَّة ميلانِه ظلَّت أكثر انحناءً في اتجاه القوميِّين الزّنوج، وهُمْ سلوته وحظوته وحاضنته التي اعتصم بها في الخارج والتي شيْطنت وشوَّهت وجه موريتانيا،.. فأين هُمْ من المعادلة الجديدة؟،.. أمْ أنَّ عبد السلام القومي الوحدوي، المُحتنَك تجربة لم يخلُ له وجه الحُبِّ الجديد إلا بدفع شريكه الوُصولي “بيرام” على تطليق غريمه الانفصالي “تيام”، .. ويُقال : خُذْ من غريم السُّوء ما سَنَحَ…. فأخذ منه “بيرام”!
“بيرام”، ومحيط “بيرام” الإيراوي التائه، تزنَّجَ بعد احتوائه من افْلامْ و تطرَّفَ في مَسْخِ الهويَّة العربيَّة الجامعة له مع “البيظان” خلال مساره في التَّغوُّلِ، مُعَظِّمًا بُعد اللَّون على الانتماء الثقافي، في طموح سقيمٍ لتعديل واقع الأشياء،..
يقال إن :« اعكَير لخلاكَ صابونِتْ العِزَّه»، .. يصعب فتح شهية النَّاخب السَّوِي، على شخصٍ ذمَّ وشَتَمَ ووَصَمَ في سُعارٍ هيستيري، في سقطاتِ لِسانٍ سَائبٍ، نافستْ دمامةَ وجْه خَطيئةٍ تقبَّحتْ بكَبيرَةٍ.. وسيجِدُ عبد السلام نفسه مسؤولاً عن فحشه اللفظي وعدوانيَّتِه الخطابيَّة التي نفَّرَتْ منه البلاد والعباد.. من يَبذر ريَّاحَ الغِلِّ لن يحصدَ إلاَّ عواصفَ الكراهية مهما تَلوَّن وغُسل بِبَرد التّحالفات وثلجها..
“بيرام” جعل من نفسه طواعيةً عنوانًا عريضا للتهريج والانفِصام، وشُعْبة من شُعَبِ التَّطرف المُتخبِّط، .. أصَّل لحقبة سيئة من الاستقطاب الشرائحي الحاد و من اسْتِسْهال التَّجاوز على الثوابت والتَّحريض على الانتقام العرقي بأثر رجعي، مُتعوِّدٌ صاحبنا في تعاظُم وصَلف على الاستبداد بالكُرة و التَّنكر لرفقة الأمس واللَّعب منفردا وتسجيل الأهداف السَّيئة ضد نفسه، ولن يكون الشخصية التّشاركية التي ستَلْتَقي مع القوميّين العرب ولا حتَّى مع الإسلاميين في وحدةِ غايةٍ أو روحِ مبدأ في مشروع بنَّاء بنَفَسٍ طويل،.. لا في المسار المطلوب لليقظة بوضعية “لحراطين” والنّهوض بهم ، ولا في ترميم الثقة بين البيض والسُّود من “البيظان”.
سيُرهِقُ عبد السَّلام “الرِّفاقَ” الجُدُدَ صعودًا بطرح جلودهم القديمة وتأهيل السنتهم الجامحة وتدرُّبهم على “التَّعرُّب” المَصْلَحَاتِي في هذا الصَّيف الحار.. البعْثُ ثقيل،.. النَّاصرية كانت أخفُّ روحاً في تحالفها..
خطوة التقارب مطلوبة في جوهرها ، لكن مسألة التَّعايش الحسَّاس تتطلب أكثر من مؤازرة “بيرام” في “آكشِن” بمستوى فقاعة انتخابية “قد” ترفع من حرارة استحقاقات رتيبة، وقد تمنح فواصِلَ إعلانية باهتة لحزب الصَّواب أو ترفعه قليلاً فوق مستوى العدم السياسي.. سيُكرِّرُ الشريك خطابًا اتِّهاميًّا وأفعالاً استفزازيَّةً في سِرْكٍ من البذاءات فقدتْ عنصر الإبهار للمجتمع الدولي خارجيًّا ، وفقدتْ عنصر الصَّدمة “للبيظان” داخليًّا….. وإنْ اعتدل لسانه سيفوِّت عِلَّة وجوده التي هي تسويق جُروح الوطن في بازارات الارتزاق، و تسخين الانتخابات كل خمس سنوات! …. وماذا بعد؟ .. وهل يستحق السؤال عناء طرحه؟
……….
التوفيق للبعث في إعادة قراءة “بيرام”، و إعادة تطبيعه مع هويته الأصل… كان الجيل الأول من مناضلي “لحراطين” رزينًا ورشيد اللِّسان… العُنصرية مذمومة مهما كان لون مُمارسها، و تكون بشعة وفاجرة حين تلبس ثوب النَّضال. ليست هناك عنصرية مقدَّسة..