قمة نواكشوط اﻹفريقية.. آمال وتحديات/ عبد الله اسحاق الشيخ سيدي
استعدت موريتانيا، رسميا وشعبيا، ﻻحتضان قمة اﻻتحاد اﻹفريقي على أراضيها ﻷول مرة، بعد غد اﻷحد (1 يوليو)، واستقبال قادة الدول اﻷعضاء الستة والخمسين (أكثر من 40 منهم أكدوا حضورهم).
وتعتبر هذه اﻻستضافة نجاحا دبلوماسيا لموريتانيا، يضاف إلى نجاحها في استضافة القمة العربية قبل عامين (2016) في العاصمة نواكشوط كذلك.
فما الذي تنتظره موريتانيا والقارة اﻹفريقية من قمة نواكشوط؟ وما الذي ينتظر هذه القمة من عقبات وتحديات؟!
ﻻ تسمح معطيات الواقع الراهن، محليا وقاريا ودوليا، بوضع سقف مرتفع لمستوى الطموحات والتوقعات لما يمكن أن تحققه أي قمة تنعقد في مثل هذه الظروف، لكن ذلك ﻻ يعني التقليل من أهمية هذه القمة وأهمية التئامها في هذه الظرفية تحديدا، لعلها تضيء شمعة على طريق التنمية المتعثرة في قارتنا العذراء، رغم كثرة الخطاب ومحاوﻻت اﻻغتصاب..
وإذا نجحت موريتانيا تنظيميا وأمنيا وعلى مستوى الحضور، كما نجحت إعﻻميا حتى اﻵن وكما ينبئ حجم التحضيرات واﻻستعدادات، فانها بذلك تكون قد حققت أهم أهداف اﻻستضافة على المدى القصير.. أما اﻷهداف اﻷبعد مدى فتبقى رهنا بمدى القدرة على اﻻستثمار اﻷمثل للزخم اﻹعﻻمي والدبلوماسي الذي وفرته القمة، من أجل تعزيز موقع ومكانة الدولة إزاء شركائها الإقليميين والدوليين، واﻻستمرار في تحسين البنية التحتية، خاصة في مجالات اﻻتصاﻻت والمواصﻻت وخدمات الضيافة، لكسب ثقة المستثمرين وجذب المزيد من اﻻستثمارات الخارجية والشراكات اﻻقتصادية.
ومع أن اﻻتحاد اﻹفريقي يعتبر من أنجح المنظمات اﻹقليمية الدولية من حيث انتظام مواعيد قممه، إﻻ أن حجم وتنوع اﻷزمات على مستوى القارة، والظروف الدولية العامة، تجعل منسوب التحديات أعلى من مستوى اﻵمال والطموحات..
فالقمة تنعقد في ظروف بالغة التعقيد قاريا ودوليا، حيث نظام دولي متهالك يحاول إعادة التشكل، ويعاني من أزمات مركبة؛ سياسية واقتصادية وأمنية وإنسانية، تتجلى في اﻷزمات والحروب اﻷهلية والثنائية ومتعددة اﻷطراف، والتي هي حروب بالوكالة في غالب دوافعها وأهدافها..
ومعلوم أن القارة اﻹفريقية تتحمل العبء اﻷكبر من هذه الحروب واﻷزمات؛ من ليبيا إلى الصومال ومن مالي إلى مدغشقر، مرورا بالكثير من مناطق التوتر والاحتراب واﻻختﻻﻻت اﻷمنية، في غرب القارة ووسطها، وفي منطقة الساحل والشمال، كما في قرنها الملتهب وشرقها القلق وجنوبها غير المستقر..
وقد أفرزت هذه اﻻزمات كلها، أوضاعا اقتصادية وإنسانية مأساوية، نتجت عنها موجات نزوح ولجوء غير مسبوقة، نحو مناطق أكثر أمنا أو أقل خطرا، وخاصة نحو القارة اﻷوروبية، ذهب ضحيتها عشرات اﻵﻻف ممن ابتلعتهم مياه البحر المتوسط وجشع المهربين والفاسدين في دول المنبع والعبور..
ويشكل فساد الذمم والضمائر أهم عوائق التنمية واﻻستقرار في القارة، وهو ما دفع القادة إلى جعل “الفساد” قضيتهم اﻷولى على جدول أعمال القمة والعنوان اﻷبرز لها.. ربما عمﻻ بمقولة “وداوني بالتي كانت هي الداء”!
كما أن اﻻستقﻻل المالي للمنظمة يمثل هاجسا يبحث اﻷفارقة عن حل له، حيث تعتمد ميزانية اﻻتحاد بنسبة 50% على مصادر خارجية، بينما تمول غالبية أنشطته من قبل مانحين دوليين، بنسبة تقارب 70% وفقا لبعض المصادر.
ورغم كل ذلك فإن قمة نواكشوط، بإعدادها الجيد والمستوى المرتفع لحضور القادة والمشاركة الدولية المتمثلة بحضور الرئيس الفرنسي، تستطيع أن تحقق نقلة مهمة في مستوى اﻷداء المؤسسي لﻻتحاد، وتعطي دفعا معنويا للعمل على مواجهة اﻷزمات والتحديات التي تعانيها القارة منذ عقود..